البث المباشر

شرح فقرة: "عالم غير معلـّم"

السبت 14 سبتمبر 2019 - 13:46 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " عالم غير معلـّم " من دعاء عصر الغيبة.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الذي يتلى في غيبة امام العصر(ع) حيث حدثناك عن جملة مقاطع منه في لقاءات سابقة، ومنها المقطع القائل (بالنسبة الى زمن ظهور الامام(ع)): (وانت العالم غير المعلم بالوقت الذي فيه صلاح امر وليك في الاذن له في اظهار امره ...).
هذا المقطع من الدعاء لم نحدثك بعد عن محتوياته ولكننا اثرنا سؤالاً في لقائنا السابق ونرجو ان تكون متابعاً لهذا اللقاء وسواه، والسؤال هو لماذا قال الدعاء وهو يصف علم الله تعالى، وذاته المقدسة بقوله: (وانت العالم غير المعلَّم)، الا كان يكفي مثلاً ان يقتصر بقوله (انت العالم)؟ ولكنه ذكر الى جنب ذلك عبارة (غير المعلم) فما هو سبب ذلك؟ 
ينبغي علينا ونحن نقرأ الدعاء الا نملَّ من طرح امثلة هذه الاسئلة، لان المفروض هو ان نعي ما نقرأ من الدعاء بحسب توصيات المعصومين عليهم السلام .. المهم نبدأ الآن لنحدثك عن الجواب ... الذي نحتمله كثيراً هو ان العلم بالشيء بالنسبة الى البشر هو اما ان يكون لدينا (والمعلم هو الله تعالى) واما ان يكون اكتسابياً والمعلم هو البشر الذي اكتسب العلم اما لدينا او بواسطة غيره، والغير بدوره قد يحصل عليه من خلال تجاربه الفردية والاجتماعية وهكذا لكن بالنسبة الى الله تعالى فان "العلم" لديه ذاتي لا ينفصل عن سائر صفاته تعالى ولذلك فهو عالم غير معلم بالمعنى الاكمل وبالاضافة تيمناً عن العالم المعلم كالبشر الذي قد يوصف بانه عالم غير معلم اذا كان علمه لدنياً اكتسبه من الله لا من بشر مثله لكن السؤال من جديد لماذا هذا التأكيد في مقطع الدعاء السابق دون سواه؟ ان قارئ الدعاء بامكانه ان يقرأ عشرات المواضع من الادعية وكذلك من النص القرآني الكريم اوصاف "العلم" بالنسبة الى الله تعالى مثل "العالم" و"العليم" و"العلام"، دون ان تشفع الكلمات المذكورة بصفة "غير معلم" حينئذ لابد من الاشارة الى ان ثمة مسوغات لهذا الموضوع .. من هنا يردد السؤال المتقدم ثانية؟
في احتمالنا القاصر، ان مسألة ظهور الامام المهدي(عج) تظل من المسائل التي تواكبها جملة ظواهر منها عدم تحديد زمن الظهور حتى ان الامر وصل الى تأكيد النصوص بان الله تعالى حيث يعلم ذلك دون سواه حتى الاصفياء من عباده... وسنرى عند حديثنا او متابعتنا للفقرات الآتية بعد هذا المقطع من الدعاء ان نفس الدعاء يشير الى الحذر من اثارة الاسئلة المرتبطة بتحديد زمن الظهور وازاء هذا التشدد في ابهام زمن الظهور وحصر العلم به تعالى حينئذ فان قارئ الدعاء يحتاج الى يقين علمي ليطمئن به قلبه وهو التأكيد على وحدانية علم الله تعالى وعدم مشاركته لاحد، بالاضافة الى مطلقة علمه تعالى وليس محدودية ذلك... كالبشر مثلاً، بل تفرده تعالى بالعلم من جانب وباستقلالية ذلك العلم وليس تبعيته لسواه، هذه الحقيقة المتصلة بوحدانية علم الله تعالى وبعدم اسبقية سواه. تفسر لنا مطلقية هذا العلم من جانب ويقينيته التي تجعل قلب قارئ الدعاء مطمئناً بذلك وبكلمة اكثر وضوحاً ان قارئ الدعاء يعرف تماماً ان علم الله تعالى مطلق وذاتي لا حدود له ولا اسبقية لسواه، ولكن المسألة هي جعل من يتعجل ظهور الامام(ع)، ويرى كثرة فساد الارض مثلاً يجعله متساءلاً عن سبب عدم الظهور لهذه الساعة مثلاً... هذه التصورات سنحدثك عنها ان شاء الله تعالى في لقاء لاحق ... حيث ان الدعاء ـ كما قلنا ـ هو نفسه يصرح بهذه الدلالات أي تشكيكات البعض او عدم وعيهم ....
المهم على قارئ الدعاء ان يستثمر هذه المناسبة وذلك بالتسليم الى الله تعالى والدعاء للامام(ع) وتدريب الذات على آداب الترقب ومن ثم التدريب على ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة