البث المباشر

شرح فقرة: "وأنت العالم غير المعلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر..."

السبت 14 سبتمبر 2019 - 13:43 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وأنت العالم غير المعلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر " من دعاء عصر الغيبة.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة وما تتضمنه من الموضوعات المتنوعة في ميدان المعرفة العبادية ومن ذلك الدعاء الذي يتلى في غيبة امام العصر(ع) حيث حدثناك عن بعض مقاطعه بحسب تسلسلها ووصلنا الى مقطع يتدرج فيه الدعاء من التوسل بالله تعالى بان يثبتنا على دينه، ويستعملنا بطاعته ويلين قلوبنا لولي امره، ويعافينا مما امتحن به خلقه، ويثبتنا على طاعة ولي امره، الذي ستره عن خلقه، وباذنه غاب ولامره ينتظر، أي ظهور الامام(عج).
هذا التدرج من الثبات على طاعة الله تعالى الى طاعة وليه(ع) ثم الاشارة الى غيابه(ع) والاشارة الى ظهوره(ع) اولئك جميعاً حدثناك عنها في لقاءات سابقة اما الآن فنحدثك عن ظاهرة ظهوره(ع) حيث ذكر الدعاء بان غيابه وحضوره هو بأمر الله تعالى والسؤال الآن هو ماذا طرح لنا الدعاء في الفقرات القادمة عن مفاهيم تتصل بفلسفة غيابه وظهوره؟ وفي حينه قلنا ان الامر يتصل بالله تعالى وبحكمته في صلاحية ظهور الامام(ع) من حيث الزمن ولذلك فان الفقرات اللاحقة من الدعاء تتكفل ببيان هذه الظاهرة.
يقول الدعاء معقباً على ظهور الامام(ع) من حيث الزمن (وانت العالم أي الله تعالى غير المعلَّّم بالوقت الذي فيه صلاح امر وليك في الاذن له في اظهار امره ...).
واضح من هذه الفقرات ان هدف الدعاء هو الاشارة الى ان الله تعالى هو العالم بما هو الاصلح في زمن ظهوره(ع)... هنا يتساءل قارئ الدعاء لماذا هذا التأكيد على ان الله تعالى هو العارف بزمن الظهور من حيث صلاحية ذلك؟
اننا سنرى ان شاء الله تعالى بعد هذا المقطع من الدعاء ان النص يتوسل بالله تعالى بان "يصبرنا" على عملية الانتظار لحين ظهوره(ع)، وهذا يعني من الزاوية النفسية جملة دلالات مهمة يأتي في مقدمتها ان البشر عادة يتطلعون الى معرفة الاسرار من جانب وانهم من الجانب الآخر يتطلعون الى تحقيق تطلعاتهم أي اشباع حاجاتهم الى زمان الظهور. بحيث تظهر دولة العدل ويزول الانحراف من خارطة الوجود هنا يجدر بنا بعد هذه الاشارة الى تطلعات البشر المتنوعة ان نعود الى نص الدعاء، ونفصل الكلام فيه.
يقول الدعاء متجهاً الى الله تعالى (وانت العالم المعلم بالوقت الذي فيه صلاح امر وليك ....).
ان المعنى العام لهذه الفقرة من الدعاء من الوضوح بمكان حيث يعني ان الله تعالى هو العالم بمصالح الامور وهو يعرف متى تتطلب المصلحة ظهور الامام(ع)، هذا المعنى العام يحتاج الى القاء الاضاءة عليه من حيث النكات الخفية الكامنة وراء ذلك.
ولعل النكتة التي نعتزم توضيحها اولاً هي لماذا قال الدعاء عن الله تعالى (وانت العالم غير المعلم)؟ 
ان هذا التساؤل من الاهمية بمكان كبير لماذا؟ اننا نتساءل الم يكن بالامكان ان يكتفي الدعاء بقوله (وانت العالم بالوقت الذي فيه صلاح ولي امرك)؟ ولكنه قال عن الله تعالى بانه "غير المعلم" أي العالم غير المعلم... والسؤال من جديد هو أليس الله تعالى العالم؟ حينئذ لماذا اردف الدعاء عبارة (انت العالم) بعبارة (غير المعلم)؟ اننا نلحظ دواماً عبر نصوص متنوعة من الادعية بانها حينما تصف لنا سمة "العلم" بالنسبة الى الله تعالى تكتفي بالقول بانه تعالى "عالم" ولم نشفع ذلك بعبارة "غير المعلم" الا في سياقات خاصة مثل ما ورد في دعاء كميل مثلاً (يا عالماً لا يعلم) وسواها من الادعية، لذلك لابد وان يكون السياق الذي ترد فيه صفة "العلم" يتطلب حيناً ان يكتفي بذكر السمة وحدها "العلم" ويتطلب حيناً آخر بذكر السمة المفصلة "غير المعلم"...
وهذا ما سنحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى ... اما الآن فحسبنا ان نستثمر تلاوتنا لهذه الفقرة من الدعاء وهي الفقرة المشيرة الى ان الله تعالى هو العارف بمصالح الامور ومنها التحديد الزمني للظهور حيث ابهمه الله تعالى لمتطلبات الحكمة الالهية. والمهم هو ان ندرب نفوسنا على تعلم مبادئ الانتظار وان نصدر عن الطاعة التامة لله تعالى والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة