اذا علينا ان نعرف جيدا ان السياسة الغربية والامريكية تجاه منطقةغرب اسيا بشكل عام وجبهة المقاومة وعلى رأس قائمتها ايران بشكل خاص، انما تخضع لضرورة المصالح العليا التي تخدم الامن القومي الامريكي وحسب، فصلاحيات الرئيس تحدها القوانين ويُنَظرُ لها السيناتورات جمهوريين كانوا او ديمقراطين، فالكل يخدم المصلحة العليا لامريكا.
لكن يمكن لنا ان نقول ان سياسة الرئيس في امريكا تخضع لطريقة تفكيره في استخدام الصلاحيات المناطة اليه، فاذا كان اوباما لم ينقل السفارة الى القدس ولم يقطع تمويل المساعدات عن الانوروا ولم يغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية وانظم الى طاولة ٥+۱ والاتفاق مع ايران، فذلك لا يعني انه لم يستطيع او لم يريد ذلك، بل لأن مجموعة المؤسسة الامريكية ومستشارية وجدوا في ذلك ما يخدم المصلحة الامريكية في ذلك التوقيت.
والمخجل هنا ان يخرج لنا وزير خارجية او مسؤول عربي يقول ان اوباما تخلى عنا وتوجه نحو ايران وان ترامب اعاد البوصلة الى اتجاهها الصحيح حين خرج من الاتفاق النووي، دون ان يذكر ان ترامب ومن خلال بقراته الحلوبة والمليارات من الدولارات للملوك والامراء العرب تمكن ان ينعش اقتصاد الشعب الامريكي على حساب الشعوب العربية، وتحتمت عليه السياسة الامريكية ان ينفض التراب من على دولارات النفط الخليجي بالكل، مقابل حمايتهم من غضب شعوبهم والحبل على الجرار حتى اخر سنت لهم ومن ثم سيذبح تلك البقرات حسب الترتيب الزمني الذي يفرضه علية البيت الامريكي ككل.
وعليه فان تلك السياسة عادة ما تتماشى مع من يدفع ويركع وتنصب العداء لم لا يدفع ويقاوم، لكن الفرق في السياسة الغربية بوجه عام تكمن في معرفتهم لخصوصية شعوب المنطقة ومعتقداتهم الاثنية والمذهبية فلو اتعض الامريكان من حليفهم البريطاني الذي غزا العراق تحت شعار (جئناكم محررين وليس فاتحين) وتعلم درسه من جنوده القتلى في ثورة العشرين في العراق، لما اغتروا بعنجيتهم كدولة عظمى واحتلوا هذا البلد تحت يافطة تحرير الشعب العراقي من صدام، فبريطانيا ايضا كانت هي الدولة العظمى حين احتلت العراق لتحررها حسب زعمها من العثمانيين، لكنها سرعان خرجت كما خرج الامريكان.
لربما يمكن الاعتراف ان نظرية فرويد ويونغ تنطبق على الشعوب الاسلامية في اطار عام حالها حال الشعوب الغربية لكنها وبالتاكيد عاجزة على التوغل الى خصوصيات هذه الشعوب من عدة نواحي اخرى.
على سبيل المثال وليس الحصر يبدو ان المخابرات الغربية وعلى راسها (السي آي أي) لم تاخذ بالحسبان ابدا انها وبعد ان اصبحت قاب قوسين او ادنى من سقوط بغداد على يد الدواعش تمهيدا لتقسيم العراق، ان فتوى واحدة من المرجعية في النجف الاشرف يمكن ان تغيِّر كل الموازين وتقلب الطاولة على مخطط الشرق الاوسط الجديد وهنا يكمن مربط الفرس في العداء الغربي ككل وامريكا على وجه الخصوص للجمهورية الاسلامية في ايران.
واقع الامر هم لا يعادون الامام الخامنئي كشخص بل ان كرههم يكمن في عمامته السوداء، التي يضعها على رأسه، فهي مقدسة لدى الشيعة لانها تمثل لهم المرجعية التي تنحدر من آل بيت النبوة ـ سلام الله عليهم ـ وان الخروج عن طاعتها هو الخروج من الدين الاسلامي وهذا ينطبق على السيد السيستاني ايضا.
ولو كان للاخوة السنة مرجعية كما لإخوانهم الشيعة لما سقطت الامبراطورية العثمانية ايضا لأن فتوى واحدة بالجهاد ضد المحتل كانت كافية لتغير كل المعادلات.
ولذلك نرى ان الامريكيين سعوا جاهدين الى اشعال فتنة المواجهة الشيعية الشيعية في البصرة عسى ان يكسروا بها عصى الوحدة العقائدية ما بين ابناء البصرة وقوات الحشد الشعبي لكنهم جهلوا مرة اخرى ايضا، ان الحشد يمتلك اذنا صاغية للمرجعية حاله حال ابناء البصرة.
ولذلك سيفهم الامريكيون عاجلا ام اجلا ان ثورة العشرين في العراق باتت على مرمى حجر وان التاريخ يعيد نفسة وعليهم ان يخرجوا من العراق على اقدامهم قبل ان يرفعهم زملائهم على الايدي.
رائد دباب / الباحث في الشؤون السياسية
المصدر : اذاعة طهران العربية