نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص بقراءته بعد الزيارة لأئمة اهل البيت عليهم السلام، وقد حدثناك في لقاءات سابقة عن مقاطع متسلسلة من الدعاء وانتهينا الى مقطع يتوسل بالله تعالى على هذا النحو (وتحرسني يا رب في نفسي واهلي ومالي وولدي، واهل حزانتي، واخواني، واهل مودتي، وذريتي).
ان هذا المقطع - كما المحنا في لقاء سابق - يتضمن توسلاً بالله تعالى بقضاء حاجات متنوعة يتصل بعضها بالمسائل الفردية، والاخرى بالمسائل الاجتماعية المرتبطة بقارئ الدعاء ونعني بها ما يسمى بالجماعة الاولية في لغة علم الاجتماع، وهي جماعة العائلة والاخوان واهل المودة ....
والمهم الان هو ملاحظة هذه الانماط فردياً واجتماعياً وتسليط الاضواء على ذلك. لقد بدأ مقطع الدعاء بالتوسل بالله تعالى بان يحرس قارئ الدعاء في نفسه اولاً وهذا من الطبيعي بالنسبة الى وافد لزيارة الائمة عليهم السلام كما هو واضح بعد ذلك يتجه مقطع الدعاء الى اسرة قارئ الدعاء فيتوسل باللغة ذاتها في حراستهم.
والمسوغ لهذا الموضوع هو ان اقرب الجماعات نسبياً ومكانياً هي الاسرة او لنقل الاهل ونحسب بان المقصود من الاهل هنا هو الزوجة بدليل ان المقطع من الدعاء يتجه الى اشخاص آخرين ينتسبون الى الاسرة مثل الاولاد والذرية.
لكن الملاحظ ان الدعاء يتحدث بعد التوسل بالله تعالى لحراسة نفسه واهله، يتحدث عن ظاهرة مادية هي حراسة المال، فما هو سر ذلك؟
في تصورنا بما ان المال هو الوسيلة التي تتوقف استمرارية حياة الانسان حينئذ فان اكسابه الاهمية يحمل مسوغاته كما هو واضح، هنا نلفت نظرك الى مقطع الدعاء قد اتجه بعد الاهتمام بالنفس وبالاهل وبالمال اتجه الى جماعتين هما: الاولاد واهل الخزانة والسؤال اولاً ما المقصود من عبارة خزانتي في عبارة الدعاء القائلة (وتحرسني في نفسي واهلي ومالي وولدي واهل خزانتي)؟
الخزانة في اللغة تعني عيال الشخصية التي يهتم بأمرها وحينئذ يطرح السؤال الآتي: لماذا ذكر الدعاء الاولاد ثم الخزانة التي يهتم بامرها من عياله؟
هذا يحتاج الى توضيح فنقول ان الشخص قد يعيل اشخاصاً آخرين خارجاً عن عائلته سواء أكانوا مقربين منه او الابعد منهم، لذلك فان اضافة الخزانة او ذكرها مع الاولاد يعني ان الاولاد وسائر من يعيلهم الرجل يظلون تحت رعايته في اعالتهم.
بعد ذلك يتجه الدعاء الى انماط ثلاثة من الجماعات التي يرتبط بها قارئ الدعاء وهم الاخوان واهل المودة من الجماعات التي يرتبط بها قارئ الدعاء وهم الاخوان واهل المودة والذرية، هنا لا نعتقد باننا في حاجة لحديث عن تسلسل هذه الجماعات بقدر ما يتطلب الموقف الاشارة الى ان أي الجماعات ممن يرتبط بعلاقة قريبة من قارئ الدعاء اما الذرية فمن الوضوح بمكان لانهم الاقربون من حيث كونهم الاحفاد والاسباط، واما اهل المودة فنحتمل انهم ممن يرتبطون بقارئ الدعاء من خلال محبتهم اياه دون ان يكونوا بالضرورة قريبين منه مثل قرب الاخوان مثلاً حيث خصص الدعاء عبارة للاخوان ليشير بذلك الى اصدقاء قارئ الدعاء ممن يرتبط بهم بالاخوة في الايمان والعلاقة غير النسبية وهم الاصدقاء.
ختاماً نعتقد باننا سلطنا بعض الانارة على المصطلحات الواردة في مقطع الدعاء وهي تتناول حاجات قارئ الدعاء والمقربين منه، والمهم هو ان هذا الموضوع يفصح لنا عن اهمية اهتمام الشخص بالاخرين، كاهتمامه بذاته، ومن ثم فان الاهم من ذلك كله هو ان نوفق جميعاً الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******