لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص بقراءته بعد زيارة الجامعة، أي الجامعة الكبيرة، وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها، وانتهينا من ذلك الى فقرات تتوسل بالله تعالى بان يحبب الينا عبادته وهذا ما حدثناك عنه سابقاً ثم يتوسل الدعاء بالله تعالى ان يجعلنا مواظبين على العبادة ثم ان ينشطنا لها، ويبغض الينا المعاصي، هذه الفقرات تنتظمها دلالات لها طرافتها وهو ما نعتزم توضيحها الان.
قلنا في لقاء سابق ان تحبيب العبادة الى قلب العابد، يظل امراً من الوضوح بمكان بيد ان المطلوب هو دراسة هذا الجانب وما يتطلبه من السلوك طبيعياً التفكير في الاخرة او التفكير بعظمة الله ورحمته يظل من الاسباب الموجهة لتحبيب العبادة وسبب ذلك انها تقترن بتحقيق اللذة الحسية والنفسية والجسمية والعقلية فاذا تحقق الاشباع فان الامر سيحل بلا ادنى شك طبيعياً ان الاشباع العاجل يقف وراء الانحراف البشري عن الطاعة بمعنى ان ايثار متاع الحاجة الدنيا هو احد اسباب عدم اعطاء العبادة حقها، والمهم ان الوعي اساساً هو المحدد لدرجة التحبيب أي بقدر الوعي العبادي تتحدد علاقة المخلوقات مع الله تعالى والمهم هو اذا تحقق ذلك فان التحبيب يفرض سلطته ولكن ثمة ملاحظة اشد اهمية من سابقتها الا وهي الفقرة المتوسلة بالله تعالى بان يجعلنا محافظين عليها، والسؤال المهم جداً هو هل ان المواظبة على الطاعة تستتبع رسوخها؟ الامر هو كذلك، يقول النبي(ص) (في احد تفسيراته) ان المواظبة على عمل الخير تستتب كراهية الشر، والسبب في ذلك هو ان التركيبة البشرية اساساً تقوم على الفاعلية الارثية في هذا الميدان، ولكن السؤال الاخر هو هل تستطيع الشخصية البشرية التي ترث قوة وليس فعلاً في ترتيب كراهية الشر؟
الجواب هو: ان من نكد الحياة ان نرى بان البشر عادة ينتابه ملل او يعطله عن المواظبة على الطاعة شغل دنيوي فتجده مثلاً يمارس مدة كبيرة هذه الطاعة او تلك ولكنه يتركها بعد 6 اشهر مثلاً او يخفف منها بعد اشهر لذلك طلبت التوصيات الاسلامية بان يستمر العبد ـ لا اقل ـ مدة حسنة ثم يترك ذلك، ومثل هذه التوصية هي تخفيف على العبد دون ادنى شك، من هنا نستخلص بوضوح وهذا ما ينبغي التأكيد عليه.
ان المحافظة على العبادة يفضي بالعبد الى ترسيخ الايمان في اعماقه بحيث لا يستطيع الشيطان ان يثنيه عن ذلك، وهذا ما نطمح اليه جميعاً.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة العبادة والحفاظ عليها، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******