نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء المتضمن مضمونات عالية كما يقول المعنيون بشؤون الدعاء حيث يقرأ الدعاء المذكور بعد زيارة الجامعة للائمة عليهم السلام وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه عدد من التوسلات المتنوعة، ومنها التوسل الاتي: (وتثبتني على طاعتك، وطاعة رسولك، وذريته النجباء السعداء صلواتك عليهم ورحمتك وسلامك وبركاتك).
هذا التوسل للفوز بالطاعة لله تعالى ورسوله(ص) وذريته عليهم السلام له نكات يجدر بنا الوقوف عندها.
التوسل الرئيس هو التثبت على الطاعة .. والسؤال هو ماذا نستخلص من مفهوم التثبت على الطاعة؟
الجواب هو: ان حالات العبد متنوعة من حيث فاعليته العبادية فقد يتصاعد بعبادته وقد يتراخى فيها، وقد يفتر عنها او يلهيه الشيطان لذلك فان التثبت على الطاعة يظل امراً من الخطور بمكان لانه يرسم مصير العبد اخروياً كما هو واضح.
ومن الطبيعي ان يعنى التثبت هو الدرجة العالية من الممارسة العبادية لا وسطها او فتورها.
بعد ذلك نتجه الى ملحقات هذا التوسل بالله تعالى على تثبت الطاعة وهي الطاعة لله تعالى ولرسوله(ص) ولذريته عليهم السلام، هنا قد يتساءل قارئ الدعاء عن سبب هذه السلسلة الثلاثية من الطاعة؟
والجواب هو: ان القرآن الكريم ذاته امرنا بهذه الطاعة حيث قال تعالى «أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ»، فاولو الامر هم الائمة عليهم السلام كما ورد في التفسير والدعاء هو عقب زيارتهم عليهم السلام، حيث يتضح لنا الربط بين الطاعة لله تعالى ورسوله(ص) ومن ثم للائمة عليهم السلام.
هنا نلحظ في التوسل المتقدم بالله تعالى ورسوله(ص) وذريته عليهم السلام اوصافاً او وصفين في الواقع بالنسبة الى الائمة عليهم السلام حيث وصفهم الدعاء بانهم النجباء السعداء، فما هي نكتة ذلك؟
والجواب هو: بالنسبة الى وصف النجباء فان النكتة هي ان الدعاء ورد في القراءة بعد زيارة الائمة عليهم السلام وقد ورد في التوسل بالله تعالى ورسوله(ص) اتباعهما بالذرية حيث قال النص (وذريته النجباء السعداء)، فبما انهم عليهم السلام ذرية الرسول(ص)فلابد وان يكون الوصف لسلوكهم مرتبطاً بالرسول(ص) ولذلك وردت صفة النجيب بالنسبة لهم لان النجيب هو من شرف نسبه وهم منتسبون الى الرسول(ص) وهل ثمة شرف اشد خصوصية من النسب الى الرسول(ص) وهذا فيما يتصل بسمة النجباء.
ولكن ماذا بالنسبة الى سمة السعداء حيث وصفهم النص بالنجباء السعداء؟
الجواب هو: ان كل شخص بطبيعة تركيبته يطمح لان يكون سعيداً ولكن لا يتاح ذلك للناس جميعاً بل يقتصر على المؤمنين لانهم السعداء حقاً، بصفة ان السعيد هو من اطاع الله تعالى، وهل ثمة بشر اشد طاعة من النبي(ص) وذريته الائمة عليهم السلام، ومن ثم اشد سعادة؟ كلا.
اذن عندما يسمهم الدعاء بانهم سعداء فلانهم كذلك بالنحو الذي اوضحناه.
بعد ذلك يختم المقطع من الدعاء تعقيبه على ما تقدم بهذه العبارات صلواتك عليهم ورحمتك وسلامك وبركاتك، ترى ما المقصود من السمات الاربع؟
الصلاة من الله تعالى على العبد هي الثناء عليه، والسلام هو السلامة للعبد، والرحمة هي العطف عليه، والبركات هي يمنه تعالى على العبد.
والنتيجة هي ان الله تعالى يغدق على العبد اكمل عطاءاته متمثلة في الثناء والسلامة والعطف واليمن جيمعاً من الله تعالى على العبد، لان الله تعالى اذا اثنى على عباده، وسلمهم ورحمهم واغدق عليهم اليمن أي البركة يكونون بذلك هم الاصفياء حقاً، وهم الائمة عليهم السلام.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى طاعته ورسوله(ص) وذريته عليهم السلام والتصاعد بذلك الى النحو المطلوب.
*******