نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص بقراءته بعد زيارة الائمة عليهم السلام، وقد حدثناك عن مقاطعه الاستهلالية وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه التوسل الاتي بالله تعالى، من خلال الاستشفاع بالامام المزور قائلاً (مستشفعاً بوليك وابن اوليائك وصفيك وابن اصفيائك وامينك وابن امنائك، وخليفتك وابن خلفائك، الذين جعلتهم الوسيلة).
هذا المقطع من الدعاء المتوسل بالله تعالى يتضمن الاشارة الى ان الامام المزور(ع) هو الوسيلة التي جعلها الله تعالى واسطة في الاستشفاع ونحوه ويتضمن ـ وهذا ما نعتزم الحديث عنه ـ مجموعة سمات خلعها الدعاء على الامام المزور وهي سمات الولي والصفي والامين والخليفة حيث وسم الدعاء كل امام مزور بسمة الولي والصفي مضيفاً الى ذلك الاشارة الى انه ابن هو لامام ايضاً وسم بنفس الصفة مثل وليك وابن اوليائك مستهدفاً من ذلك الى القول بان الائمة عليهم السلام ينتسب كل واحد الى ابيه وانهم جميعاً موسومون بالصفات الاربع المتقدمة وهي الولي والصفي والامين والخليفة.
ونظراً للتجانب من جانب والتفاوت بين دلالات هذه الصفات من جانب آخر لذلك يتعين علينا الوقوف عند كل واحدة منها ونبدأ ذلك بصفة الولي.
الولي هو من يتولى ادارة لمؤسسة اجتماعية كالاسرة والعشيرة والطائفة والامة، حيث يتولى الولي تنظيم شؤون هذه المؤسسة او تلك.
وحينما ترد هذه الكلمة في سياق الحديث عن الائمة عليهم السلام فهذا يعني ان الامام المزور هو ولي عند الله تعالى وكل اليه امر الامة بعد ان اوصى النبي(ص) بذلك أي ان النبي امرنا بان نأخذ مبادئ شريعتنا من القرآن ومن العترة بعد وفاته(ص) وهما الثقلان كتاب الله وعترته، والمهم هو ان الولي هو السمة التي تختزن الدلالة او المعنى المذكور.
بعد ذلك تواجهنا السمة المتمثلة في مصطلح الصفي وهذا المصطلح يعني بوضوح دلالة الاصطفاء او الانتقاء او الانتخاب أي ما يتسم بصفة الصفاء او ما قد صفا من كل ما هو يتناسب مع العصمة بحيث تمثل الصفوة من الشيء وهو امر يعني خيرة الشخصيات التي ينتخبها الله تعالى.
بعد ذلك تواجهنا السمة المتمثلة في مصطلح الامين وهو مصطلح يرتبط بمعنى الامانة او الائتمان فان الله تعالى عندما ينتخب صفياً معصوماً فحينئذ سوف يعهد اليه تحمل الامانة وهو ما ينطبق على مصطلح الامين على مبادئ الله تعالى.
اخيراً تواجهنا سمة هي الخليفة ونعتقد انها لا تحتاج الى تعقيب او توضيح فما دام الله قد ائتمن عباداً معصومين على مبادئه بعد النبي(ص) حينئذ فان الخلافة تؤول اليهم بطبيعة الحال.
وهذا ما اضطلع به النبي(ص) في حادثة الغدير التي رسم لنا فيها ما اثره الله تعالى بتبليغ او ابلاغ ما انزل اليه وهو الوصية الى الامام علي(ع) وذريته الائمة عليهم السلام.
والان بعد ان لاحظنا ان مقطع الدعاء يتوسل بالله تعالى بان يحقق طموحات قارئ الدعاء من خلال استشفاعه بالائمة عليهم السلام بعد ذلك نلاحظ بان طلب الاستشفاع بهم قد قرنه الدعاء بجملة مسوغات هي انهم عليهم السلام الوسيلة الى رحمته ورضوانه والذريعة الى رأفته وغفرانه.
هنا يتعين علينا ان نحلل او نتحدث عن الدلالات المستخلصة من عبارة الوسيلة وعبارة الذريعة أي عندما يصف الدعاء الائمة بانهم وسيلة وانهم ذريعة حينئذ فالمطلوب هو معرفة ما تنطوي عليه المصطلحات المذكورة وهو ما نؤجل الحديث فيه الى لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى بان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******