البث المباشر

شرح فقرة: يا ربّ البيت والحرم

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 11:38 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ربّ البيت والحرم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ختم بما يأتي: (يا ربّ البيت والحرم، يا من خلق الاشياء من العدم).
والآن مع العبارة الاولي (يا ربّ البيت والحّرم). فماذا نستلهم منها؟ 
لا نحسب ان احداً منا يجهل دلالة (البيت) و (الحرم)، انهما مكانان مقدسّان، طالما نلاحظ بان النصوص القرآنية الكريمة تقسم بهما، وبمطلق الظواهر الابداعية، حيث ان بعضها ينظر اليه من زاوية قدسيته، والبعض الآخر من زاوية منافعه، وهكذا. 
والمهم هو: ان الذهن يتداعي من خلال امثلة هذه الظواهر او المواقع - الي عظمة الله تعالي - وبيته، وحرمه المقدسين وما يواكبهما من ممارسة الشعائر، فضلاً عن تداعي الذهن الي ابداعه تعالي، ومعطياته ومما يعمّق ادراكنا أو يقيننا بالله تعالي وبطاعته. 
اخيراً يختم المقطع بعبارة (يا من خلق الاشياء من العدم) وهذه العبارة تتويج لما سبقها، ولمطلق الظواهر الابداعية، حيث ان الذهن يتداعي سريعاً الي عظمة الله تعالي بنحو اكثر اثارة وتأملاً واحساساً بعظمته التي لا حدود لتصورها، وفي مقدمتها: خلق الظواهر من العدم، وهو امر يبعث علي الدهشة التي لا حدود لتصورات ذلك ايضاً. 
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً، يبدأ علي النحو الآتي: (اللهم اني اسالك يا فاعل، يا جاعل، يا قابل، يا كامل، يا فاصل، ...)، فماذا نستلهم من العبارات او المظاهر المتقدمة؟ 
بالنسبة الي كلمة (يا فاعل)، فان الذهن يتداعي الي فاعليته تعالي، اي: الي قدرته التي لا حدود لها بطبيعة الحال، ان الله تعالي عندما نتأمل فاعليته نجد اننا امام مظاهر متنوعة من الفاعلية، منها: فاعلية الابداع ذاته، اي: ابداعه للوجود بكل مستوياته، ثم فاعليته تعالي وراء حركة الوجود جميعاً، اي: لا يمكن ان نتصور امكانية الحركة الوجودية منفصلة عن فاعليته تعالي، حيث لا وجود ولا حركة البتة بدون فاعليته تعالي. 
بعد ذلك تواجهنا عبارة (يا جاعل). فماذا نستلهم منها؟ 
هذه العبارة تظل مترتبة علي سابقتها من حيث الفاعلية الكتنوعة لله تعالي، انه تعالي مادامت فاعليته وراء الابداع الكوني، فان مفردات الابداع تظل من (جعله تعالي) حيث نجد ان استخدام كلمة (جاعل) أو (جعل) أو (جعلنا)، تظل مصطلحات قرآنية كريمة، مفصحة عن عظمته ليس من خلال ابداعه تعالي فحسب - بل من خلال الاشارة الي معطيات الجعل المذكور، مثل قوله تعالي: «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ». 
فهنا نجد ان الحديث عن اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، يقترن بمعطيات متنوعة منها آيتان (ابداعيتان) ومنها: ان آيَةَ النَّهَارِ ومنها ابتغاء الفضل من الله تعالي، ومنها: معرفة عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ. 
اذن مصطلح (يا جاعل) يظل منسحباً علي الدلالات المتنوعة لعظمة الله تعالي لعطاءاته في شتي الميادين بالنحو الذي لحظنا نموذجاً منه في الآية المشار اليها. 
اذن امكننا ان نتبين جانباً من الدلالات التي ترشح بها العبارات المتقدمة، فيما تفصح عن عظمته تعالي ومعطياته، سائلين الله تعالي ان يوفقنا الي تعميق ايماننا به تعالي، وبمبادئه، وان يوفقنا الي ممارسة الطاعة والتصاعد بها الي النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة