البث المباشر

شرح فقرة: يا رشيد، يا حميد، يا مجيد

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 10:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا رشيد، يا حميد، يا مجيد " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا رشيد، يا حميد، يا مجيد، يا شديد، يا شهيد). هذه جملة مظاهر من عظمة الله ورحمته، نحدثك عنها، حيث ختم بها مقطع الدعاء السابع والسبعين، وهو مقطع تضمن - كسائر مقاطع الدعاء - عشرة مظاهر، خمسة منها ذات فواصل موحّدة هي: (معين، امين، مبين، متين، مكين، ...) حيث ختمت بفاصلة حرفي الياء والنون، فيما حدثناك عنها سابقاً، واما الخمس عبارات الاخري، فهي ذات فواصل جديدة تنتهي بحر في الياء والدال، مما يعني ان هذا التقسيم للمقطع الي صوتين، كل صوت تتضمن خمسة مظاهر، انما هو صياغة بلاغية فائقة، تتجانس فيما بينها، علي النحو الذي نبدأ بإلقاء الاضاءة عليه، حيث نبدأ اولاً بالحديث عن صفة (يا رشيد). فماذا نستخلص منها؟ 
(الرشد) هو: ما يضاد (الغي)، بمعني: الهدي، او الهداية، والاستقامة، وصفته (رشيد) تعني - في ضوء الدلالات اللغوية المشار اليها، انه تعالي يرشد البشر الي ما هو هدي لهم (استقامة) وحق. اذن يمكننا ان نستخلص من صفة (الرشيد) انه تعالي: حق، حيث ورد في النص القرآني الكريم - علي لسان الجن عندما استمعوا الي القرآن الكريم النازل علي محمد ص بانه «يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ»والحق كما ورد في سورتي «الْجِن» و«الأَحْقَافِ» المهم: ان الصفة المتقدمة تظل متجانسة مع ما نلاحظه من الصفة (يا حميد)وسواها: كما سنحدثك عن ذلك، ان صفة (حميد) تعني: كما ورد في شرح أحدهم لأسماء الله تعالي الحسني - انه تعالي محمود يستحق الحمد بفعاله، بمعني انه يستحق الحمد في السراء والضراء وفي الشدة وفي الرخاء. 
هنا لامناص من التذكير بان استحقاقه تعالي للحمد حتي في الضراء والشدة، يعني انه تعالي يستهدف من الشدة ومن الضراء اخضاع عبده الي التجربة العبادية او الخلافية، حيث تترتب علي الشدائد نتائج عظيمة تنعكس علي المصير الاخروي للشخصية، حتي انه ورد بان العبد يتمني يوم القيامة بانه لو قرض بالمقاريض في دنياه، حتي يظفر في آخرته وبرضاه تعالي، وبالنعيم الذي لا حدود له. 
اذن حمده تعالي في الضراء والشدة له: معطياته بالنحو الذي اوضحناه. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا مجيد). فماذا تعني؟ 
(المجيد) تتسع دلالته بحيث يشمل جملة مظاهر، منها الكريم العزيز، كما ورد في شرح أحدهم، حيث ذكر قوله تعالي: «وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ» اي: الكريم، والعزيز. كما تعني عبارة (المجيد) السخي والواسع العطاء، كما تعني (الشرف)، مثلما تعني: الممجده أي مجده خلقه وعظموه. 
هنا لامناص من التذكير بمجانسة هذه الصفة مع سابقتها (الحميد) اي: المستحق للثناء، حيث ان الشرف والكرم والعطاء والعزّ: مظاهر تقترن بضرورة الثناء علي الله تعالي: كما هو واضح. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا شديد)، حيث نتساءل عن دلالتها اولاً، وصلتها او تجانسها مع ما قبلها وما بعدها ثانياً. فماذا نستلهم؟ الشديد صفة مأخوذة من (الشدة)، وهي كلمة ذات دلالة واضحة، كل ما في الأمر يتعين علينا ان ندرك بان الشدة لها معطياتها ايضاً اي: كما ان الاثابة هي عطاء كذلك العقاب هو عطاء لانه محو للانحراف، فعقاب المجرم مثلاً يعني: حجزه من ممارسة الجريمة، وهذا مانلحظه مثلاً في سورة الرَّحْمَنِ التي تعني الرحمة، ولكنها تشير الي هذا المعني بعبارة «فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ»تقصياً علي مصائر المجرمين. 
من جانب آخر، نجد ان الشدة ترتبط بالقوة: كما لو قلنا ان الله تعالي شديد القوة مثلاً، المهم ان صفاته تعالي تصب بأجمعها في ميدان الرحمة بالنحو الذي اشرنا اليه. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة