البث المباشر

شرح فقرة: يا من ذكره شرف للذاكرين

الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 15:28 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من ذكره شرف للذاكرين " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الجديدة، حيث يبدأ على هذا النحو: (يا من ذكره شرف للذاكرين، يا من شكره نور للشاكرين، يا من حمده عز للحامدين، ...).
ونبدأ نتحدث عن المظهر الاول أو العبارة الاولى: (يا من ذكره شرف للذاكرين). فماذا نستلهم منها؟
اولاً ما هو الذكر؟ 
الجواب: الذكر هو أن تستحضره تعالى في الاوقات جميعاً، وهو سلوك لا يوفـّق اليه الاّ الخاصّة من المؤمنين، ولكننا جميعاً لدينا القابلية على ذلك دون أن نوفـّق الى بلوغ الدرجة المطلوبة.
والمهمّ ان نشير اولاً الى مستويات (الذكر)، فنقول: الذكر على انماط، الذكر اللفظيّ اي: العبارات التي نذكر بها الله تعالى مثل:(سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر) ومثل (لا إله الا الله الملك الحقّ المبين)، ومثل (أستغفر الله وأتوب إليه).
ومن الطبيعي أنّ المثلة هذا الذكر ينبغي أن يتمّ عبر الوعي بما نذكره وليس مجرّد نشاط لساني.
وأمّا النمط او المستوى الآخر من الذكر هو (الذكر القلبي)، اي: انك تستحضر عظمة الله تعالى ورحمته في قلبك بحيث تتذكر ذلك وتتفاعل مع ما تذكره في القلب تماماً كما لو تلفّظت بالذكر ووعيت ما تذكره كلّ ما في الأمر انّ الذكر القلبيّ هو كلام خفيّ مقابل الذكر اللّساني الذي هو كلام منطوق به.
النمط الثالث من الذكر هو: ان يستحضر الذاكر ما ينبغي عليه من الممارسات التي اوجبها تعالى أو جعلها مندوبة، او يمتنع من الممارسات المحرمة والمكروهة، اي ان الذاكر هو: من يمارس الصلاة عندما يحين وقتها، فيتذكّر هذه الوظيفة ويقوم بها اوّل الوقت مثلاً، وكذلك ان يمتنع عن فعل المحرّم او المكروه عندما يواجهه مثير من ذلك: كالتعامل الجنسيّ غير المشروع، أو الغيبة او العدوان او أكل الحرام بمعنى انه يتذكر ما نهاه تعالى عنه من الفعل فيمتنع من ممارسته.
طبيعياً، ثمّة مستويات متنوّعة من الذكر، بعضها يتمّ في وقت محدّد، بعضها يتمّ مطلق الوقت: بحسب درجة الشخصية العبادية ووعيها. بيد ان المطلوب في الحالات جميعاً ان يكون الذكر - كما المحنا - مقروناً بالوعي وليس مجرّد نشاط حركي كالصلاة غير المقترنة بالخشوع، او القراءة غير المقترنة بالموعظة والاعتبار.
وفي ضوء هذه الحقائق نتـّجه الى عبارة (يا من ذكره شرف للذاكرين) ونتساءل: ماذا نستخلص منها؟
من البيّن ان (الشرف) هو: المجد او الفخر أو الدرجة العليا التي يطمح اليها الانسان في بلوغها، لذلك فان عنوان الشخصية أو سمة الشخصية العامّة تظلّ مرتبطة بمدى توفيقها لنيل الموقع الذي تطمح اليه.
وبالنسبة الى الشخصية العبادية المرتبطة بالله تعالى، يظلّ ذكرها لله تعالى هو الموقع الذي تطمح الى بلوغه، اي كسب رضاه تعالى، وهل ثمّة شرف اعلى من ان تظفر الشخصية برضاه تعالى؟ انّ المعصومين (عليهم السَّلام) والانبياء والاصفياء والنخبة البشرية والملائكة لا يعنيها أيّ طموح غير ان تكسب رضاه تعالى، إنها لا تفتر عن العمل العبادي، فمثلاً في (الذكر) القلبي واللّساني والحركي والذهن، ولا تعرف احداً إلاّ الله تعالى وهذا هو منتهى العمل العبادي المطلوب، فيما خلق الله تعالى الجنّ والانس من أجله.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة