البث المباشر

شرح فقرة: يا من يحب المحسنين

الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 10:51 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من يحب المحسنين " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نوصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ختم بما يأتي: (يا من يحب المحسنين، يا من هو أعلم بالمهتدين)، ونقف عند العبارة الاولي وهي: (يا من يحب المحسنين). فماذا نستلهم منها؟ 
المحسن هو: كل شخصية تمارس طاعة، سواء اكانت الطاعة سلوكاً اقتصادياً: كالانفاق، أو سلوكاً شعائرياً، كالصلاة ونحوها، او سلوكاً اجتماعياً: كالتعاون والتواصل. 
ومما ينبغي لفت النظر اليه، ان هذه العبارة جاءت بعد عبارة حدثنلك عنها في لقاء سابق، وهي: (يا من يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) وعبارة(يا من يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)، حيث قلنا ان التائب من الذنب يتطهر، وحيث نقول الآن: ان المتطهر: يحسن في سلوكه في شتي الميادين التي اشرنا اليها ولعل النص القرآني الكريم الذي يخلع صفة (المحسن) علي أنبيائه يفصح بوضوح عن العبارة المذكورة وهذا من نحو تعقيبه علي الأنبياء الآتية اسمائهم بعبارة «وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» حيث خلعها علي نوح وإبراهيم وموسي وهارون والياسين (عليهم السلام). 
اخيراً نجد ان المقطع الذي حدثناك عنه، حيث يصدر كل فقرة منه بعبارة (يا من يُحِبُّ) نجده يختم الفقرة الاخيرة بعبارة استثنائية هي: (يا من هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). 
والسؤال الآن هو: لماذا ختم هذا المقطع بعبارة مستقلة استثنائية، حيث خلع المقطع صفة (الاعلم)، بينما خلع صفة (الحب) علي الفقرات الاخري من المقطع؟ 
في تصورنا، ان كلا من السمات الاخلاقية التي ربطها المقطع بمحبة الله تعالي اياها بالنسبة الي عباده. مثل: التوبة، الصبر التطهير، الاحسان: هذه السمات الاخلاقية من الممكن ان ينتحلها من لا تتوفر فيه باطناً، الا انها في الظاهر قد تنسحب علي من لا تتوفر فيه الهداية التي ينشدها تعالي لعباده الصالحين. لذلك، فان التزكية تظل لله تعالي وحده بصفته هو أعلم بباطن الامور. من هنا وردت النصوص الشرعية الناهية عن تزكية الأشخاص المطلقة لهذه الشخصية اوتلك، وحصرت التزكية بالله تعالي من حيث اشارتها الي ان الله تعالي هو المزكي للانفس: كما هو واضح. 
والآن نتجه الي مقطع جديد من دعاء (الجوشن الكبير) حيث يبدأ علي النحو الآتي: (اللهم اني أسالك باسمك يا شفيق، يا رفيق، ...)، هنا يتحتم علينا ان نحدثك عن العبارات المتجانسة في دلالتها مثل هاتين الصفتين من رحمته تعالي وهما: الشفيق والرفيق، حيث ان كلتيهما تعني: مصاديق من الرحمة الي جانب مصاديق اخري مثل: يا رؤؤف، يا عطوف، يا حنان، يا منان، يا لطيف، يا حليم.
اذن لنتحدث عن الفارق بين صفتي (الشفيق) و (الرفيق). فماذا نستلهم منهما؟ 
ان الشفقة ترتبط بالحنو والعطف، بينما الرفق يرتبط بالنفع والاعانة، وهذا ما تقرره النصوص اللغوية، بيد ان ما نعتزم توضيحه هو: بما ان الله تعالي رحيم مطلقا حيث لا حدود لرحمته، فان الانماط المتنوعة من الرحمة تظل هي: ما يفيضه تعالي علي عباده، ان العبد نجده في موقف ما بحاجة الي من ينفعه ويعينه، وفي موقف آخر بحاجة الي من يحنو ويعطف عليه، فالشدة المادية مثلاً تحتاج الي الاعانة، بينما الشدة النفسية تحتاج الي العطف، وهكذا. اذن تبين لنا - ولو عابراً - الفارق بين الشفقة والرفق، سائلين الله تعالي ان يرفق بنا ويشفق علينا، وان يوفقنا الي الطاعة، والتصاعد بها الي النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة