البث المباشر

شرح فقرة: يا حي الذي يحيي الموتي

الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 10:21 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا حي الذي يحيي الموتي " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ختم بما يأتي: (يا حي الذي يحيي الموتي، يا حي يا قيوم لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ). 
هاتان العبارتان امتداد لعبارات متقدمة تحوم بأكملها علي أحد المحاور وهو (الحياة) أو (الحي) الذي تكرر بعشر عبارات تتحدث عن مظاهر عظمته تعالي، مثل يا حياً قبل كل حي، يا حياً بعد كل حي، حيث ختم المقطع بعبارة (يا حي الذي يحيي الموتي) وعبارة (يا حي يا قيوم، لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ). 
العبارة الاولي تقول: (يا حي الذي يحي الموتي). هذه العبارة تقترن بجملة نكات ينبغي ان ننتبه عليها، منها: انها جاءت متقابلة مع عبارة تتحدث عن (حي) وهو الله تعالي يميت كل حي، اما الآن فالعبارة هي: أحياء الميت. 
اذن التقابل هنا له طرافته ودلالته الكبيرة، حيث ان الاماتة والاحياء تظل أحد مظاهر عظمته تعالي، ويكفينا مثلاً ان نلحظ اطول سورة قرآنية كريمة وهي سورة البقرة فيما تعتمد في أحد محاورها الرئيسة علي ظاهرة الاماتة والاحياء، او مثل: احياء الميت المقتول واخباءه عند القاتل من خلال ضربه بذيل البقرة، ومثل اماتة احدهم ۱۰۰ سنة واحيائه، ومثل اماتة الاربعة من الطير واحيائها، اولئك جميعا لها دلالتها في استكناه عظمته تعالي. 
من جانب آخر نجد نمطا من التقابل هو: التجانس بين (حي) وهو الله تعالي، وبين إحيائه تعالي للموتي، اي: التجانس بين الحي والاحياء، وهو تجانس له طرافته، اي: استكناه وجه آخر من العظمة وهو: الإحياء لمخلوقين من قبل خالق حي لا يموت. 
اخيراً ثمة مظاهر من العظمة يختم بها المقطع وهو: سمة (الحي) واقترانه بسمة (القيوم) ثم اقتران ذلك بسمة (عدم النوم) وسمة (عدم السنة)، اي: عدم النعاس والنوم، اوما يرمز الي عدم الغفلة وعدم النسيان: كما ورد في بعض النصوص المفسرة، والمهم هو: ابراز احد مظاهر العظمة مقترنا بمظاهر هي: القيومية التي تعني: القائم بأمر المخلوقات من انشائهم وتدبير ارزاقهم، أوقيامه علي انفسهم الي آخر ما ورد من النصوص المفسرة التي تعني: اما ابدية وجوده تعالي أو تدبيره لشؤؤن المخلوقات. 
اخيراً سمة «لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ» وهي: عدم النعاس وعدم النوم، حيث ترمز هاتان السمتان الي نكتة مهمة وهي: عدم الغفلة وعدم السهو، حيث يمكن بأن يتساءل قارئ الدعاء او قارئ النص القرآني عن دلالة سمتين هما: عدم النوم وعدم النعاس، مع ان (عدم النوم) من الممكن ان ينسحب علي عدم النعاس ايضاً؟ 
الجواب: ان النكتة هنا هي: ان النص يستهدف الاشارة الي ان اية تصورات دقت عن مفهوم عدم الحياة ولو لحظات عابرة فان ذلك لا يجوز علي الله تعالي، انه (حي) لا يغفل ولا يسهو ابداً، وهو: تعبير بالغ الدلالة في تجسيد مفهوم (القيوم) الذي ورد سمة للحي: كما لاحظنا. 
اذن امكنا ان نبين جانبا من الاسرار الكامنة وراء مقطع الدعاء، في تأكيده لمفهوم (الحي) وما يواكبه من النكات التي لاحظناها. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة