البث المباشر

شرح فقرة: يا رؤوف، يا عطوف

الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 08:43 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا رؤوف، يا عطوف " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة، منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا رؤوف، يا عطوف، يا مسؤول، يا ودود،...). 
هذه العبارات متزاوجة أو متجانسة، في كل صفتين منها، ومن ذلك عبارتاً (يا رؤوف، يا عطوف) حيث ان الرأفة والعطف متجانسان في دلالتهما المستقاة من مفهوم (الرحمة) من الله تعالي. 
لذلك ورد في اللغة بان الرأفة هي الرحمة الشديدة، واما العطف فهو: الميل، والشفقة، والاحسان. 
بمعني نمط من الرحمة في دلالتها العامة لا الشديدة او الخفيفة والنكتة هي ان قارئ الأدعية اذا كان واعياً بدقة لما يقرأ من المفردات المتجانسة يجد ان الله تعالي يقدم لنا كل المستويّات من الرحمة او يرينا كلّ المستويات من القدرة، وهكذا، بحسب مايتطلبه الموقف.
والمهم بالنسبة الي مفردتي (الرأفة) و(العطف) فان القارئ للدعاء يستخلص بوضوح بان الله تعالي شديد المحبة لعباده، وانه يحسن اليهم بنحو عام.
بعد ذلك نواجه عبارتي (يا مسؤول، يا ودود)، تري: ماذا نستخلص منهما؟
الجواب: من الواضح ان صفة (مسؤول تعني: ان الله تعالي يتكفل بشؤون عباده، انه: الرازق، والرحيم، والحافظ، واذا نقلنا المفردة المذكورة الي ميدان الحياة العملية لنا نجد ان المسؤول (و هو الله تعالي) يتفرد في مسؤوليته بالرحمة غير المحدودة، اي انه يهبنا من النعم ما لا تحصي، والنكتة هنا هي: ان فقرة الدعاء حينما اوضحت لنا بان الله تعالي (مسؤول) اردفت هذه المفردة بمفردة (ودود)، أي: ثمة تجانس ملحوظ بين المفردتين (المسؤول) و (الودود)، حيث ان المسؤول ليس كالبشر مثلاً في تعاملهم مع الآخرين عبر مسؤولياتهم الي أنيطت بهم، بل هو يتعامل مع عباده بالودّ، وليس بالكراهية مثلاً: كما هو طابع البشر. من هنا، يتعيّن علي قارئ الدعاء ان يتبين هذه النكتة المهمّة، وهي: ان الله تعالي (ودود) في مسؤوليته حيال عباده من حيث انه تعالي - كما قلنا - الرؤوف والرحيم والحافظ لعباده. 
بعد ذلك نواجه مفردتين هما (يا سبوح، يا قدوس) وبهما يختم احد مقاطع الدعاء. فماذا نستلهم منهما؟ 
ان التجانس بين مفردتي (سبّوح) و (قدوس) من الوضوح بمكان، فقد ورد في شرح هذين الاسمين ان (السبّوح) هو: المنزّه عن كل ما لا ينبغي ان يوصف به، واما (القدّوس) فهو: الطاهر من العيوب، والمنزّه عن الانداد، كما ان الآية القرآنية الكريمة القائلة علي لسان، الملائكة «وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ» تظل مفصحة عن التجانس بين تينك المفردتين (السبّوح، القدّوس)، اي: ان الملائكة تقول: يا ربّ: ننسبك الي الطهر، فالنسبة هي: انه تعالي منزّه من العيوب، وهي عبارة (سبّوح)، وانه تعالي هو الطهر، وهي عبارة (قدّوس). 
اذن اتضح بجلاء معني (السبّوح) و (القدّوس)، ومدي تجانسهما دلالة وصياغة ايضاً، حيث انهما صيغتا وفق زنة (فعول) وهي صيغة المبالغة. 
بعد ذلك نواجه مقطعا جديداً من دعاء (الجوشن الكبير) الا وهو: (يا من في السماء عظمتة، يا من في الارض آياته، ...)، وهو مقطع مماثل لما لاحظناه في المقاطع السابقة من حيث التجانس بين مفرداته المزدوجة، وهو امر نحدثك عنه في لقاءات لاحقة ان شاء الله تعالي. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة