نتابع حديثنا عن الأدعية المباركة ومنها الدعاء الموسوم بـ(الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الان عن احد مقاطعه الذي ورد في نهايته ما يأتي: (يا حبيبنا يا طبيبنا). فماذا نستخلص من هاتين العبارتين؟
بالنسبة الي عبارة (يا حبيبنا) لا نحسب أن احدا من المستمعين يجهل دلالة هذه العبارة الواضحة حيث ان (الحبيب) يعني: الذي نحبّه حبّاً جمّا اي: نميل اليه ميلاً كبيراً. 
ولا ترديد في ان الله تعالي هو موضع محبتنا اياه بيد انّ ما نقترح توضيحه هو: اننا لاحظنا ان مقطع الدعاء الذي ختم به هذان المظهران قد تضمن مظاهر من عظمة الله تعالي متجانسة فيما بينها اي: التجانس هو: ان كل عبارتين من العبارات العشر تتجانسان من جانب وتتضادان من جانب آخر ولعلك تتذكر - اذا كنت ممن تابع هذا الدعاء وتعقيباتنا عليه - ان كل عبارتين مثل (يا دليلنا يا معيننا) او (يا ناصرنا يا حافظنا) او (يا سيدنا يا مولانا) او (يا ربنا يا الهنا) تتجانس جميعاً فيما بينهما اي تتجانس كلمة (ربنا) و (الهنا) وكلمة (سيدنا) والأمر كذلك في المظهرين اللذين ختم به مقطع الدعاء وهما (يا حبيبنا يا طبيبنا)،... فما هو موضع التجانس وموضع التفاوت بينهما؟
التجانس هو: انك عند ما تتجه الي الله تعالي بعبارة (يا حبيبنا) نعني: انه تعالي موضع محبتنا اياه ولعل الاشباع لحاجاتنا يظل متجانسا مع الحب لله تعالي، وكلمة (يا طبيبنا) اشد الانواع اشباعاً لحاجات الانسان فالمريض او السقيم او المضطرب أو المتوتر او المعاني للشدائد في مختلف مستوياتها يظل متعطشاً لمن يخلصّه او يشافيه من الاعراض المتقدمة سواء كانت اعراضا لمرض جسمي او معنوي ففي الحالات جميعاً: يظل (الطبيب) الجسمي او المعنوي هو المشافي للشخصية التي تعاني من الامراض المشار اليها وحينئذ يتبين لنا معني كلمة (الطبيب) وتجانسها مع (الحبيب) اي: الطبيب بالضرورة يظل حبيبا الي القلب لانه المشافي للمريض بما لا ترديد فيه: كما هو واضح. 
بعد ما تقدم نواجه مقطعا جديدا من دعاء الجوشن الكبير بدأ بهذا النحو: (يا رب النبيين والابرار، يا رب الصديقين والأخيار، يا رب الجنة والنار، يا رب الصغار والكبار، ...)s.
ان هذا الدعاء يجانس بين كل مظهرين من مظاهر عظمة الله تعالي او بين مظاهر مقطع الدعاء بأجمعه وكما لاحظنا بعض المقاطع في لقاءاتنا السابقة وها نحن نواجه في مقطع الدعاء الحالي تجانس كل مظهرين مثل: الصغار والكبار، الجنة والنار، ومثل(يا ربّ النبيين والابرار)، فماذا نستلهم من الفقرة الأخيرة؟
قبل ان نحدثك عن فقرة (يا رب النبيين والابرار) ومجانسة كل من (النبيين) و (الابرار) من جانب ثم الفقرة الثانية وهي (يا رب الصديقين والاخيار) من جانب آخر نوّد ان نلفت نظرك الي الفوارق الدقيقة والمجانسات الدقيقة بين هاتين الفقرتين من جانب وبين كل من المظهرين فيهما من جانب آخر، اي: بين كلمة (النبيين) و (الابرار) من جانب وبين (الصديقين) و (الاخيار) من جانب آخر وهذا ما نؤجل الحديث عنه الي لقاء آخر ان شاء الله تعالي. 

*******