البث المباشر

شرح فقرة: "...، يا مسهل، يا مفصل، يا مبدل

الإثنين 19 أغسطس 2019 - 10:55 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا مسهل، يا مفصل، يا مبدل " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (اللهم اني أسألك باسمك يا مسهل، يا مفصل، يا مبدل، يا مذلل، ...). 
ونبدأ نحدثك اولاً عن المظهر الاول من عظمة الله تعالى، وهو: صفة (يا مسهل)، فماذا نستخلص منها؟ 
من البين ان الله تعالى عندما رسم لنا مبادئ السلوك العبادي، انما اراد لنا اليسر بذلك، وقد وردت نصوص قرآنية كريمة ونصوص حديثية عن الاربعة عشر معصوماًَ، تشير جميعاً الى (اليسر) مثل، اشارته تعالى الى ان يريد بنا اليسر ولا يريد لنا العسر، ومثل: الاشارة الى انتقاء الحرج ونحوه في التكاليف الشرعية والحق: ان مفهوم (اليسر) ينسحب على جملة مصاديق، منها: اليسر في التكليف ـ كما اشرنا، ومنها: اليسر بعد العسر، ومنها: اليسر العام قبالة شدائد الحياة، حيث تشير النصوص الاسلامية ان الله تعالى قد يجمع لعبده: الدنيا والآخرة. بيد ان المهم هو: ان عبارة (يا مسهل) تتداعى بالاذهان الى ان العبد عندما يدعو الله تعالى فانه يسهل له اموره أو انه تعالى مسهل بنحو مطلق حتى لو لم يدع العبد، ففي الحالات جميعاً، ان الله تعالى رحيم بعباده، ومن مصاديق الرحمة تسهيل الامر. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا مفصل)، ان التفصيل لغوياً يقابل الاجمال، وعندما يستخدم المشرع الاسلامي هذه العبارة نجد ان المعنى اللغوي ينسحب على الشرعي ايضاً، لان التفصيل هو تبيين لكل شئ سواء أكان ذلك في ميدان الاحكام او العقائد او الاخلاق وعندما نتجه الى النصوص التفسيرية للآية المباركة مثلاً «كِتَابٌ فُصِّلَتْ...» نجد ان النصوص المفسرة تشير مثلاً الى تبيين الواجب عن سواه والحكمة وغيرها، والحق من الباطل او التفصيل بالنسبة الى اساليب القرآن الكريم في الامر والنهي والعيد والوعد والترغيب والترهيب او التفصيل بالنسبة الى ما هو نظام وتنسيق وايا كان الامر، فان التفصيل والتبيين لمبادئ الاسلام بنحو عام يظل هو الدلالة المشتركة، ومن ثم فان المعطى المترتب على ذلك هو: تزويدنا بالمعرفة المطلوبة للشخصية الاسلامية. 
بعدها نواجه عبارة (يا مبدل). فماذا تعني؟ 
في تصورنا ان (التبديل) بدوره ينسحب على التغيرات المتنوعة التي تطرأ الى الوجود في مختلف الميادين وهو بدوره تعبير عن احد مظاهر عظمته تعالى في الابداع الكوني. بيد ان الذهن ينصرف بدوره الى احد معطيات رحمته تعالى، بصفة ان الرحمة هي وراء كل حركة في الوجود الانساني وغيره ولذلك فان الذهن لينصرف الى نص قرآني كريم يعبر عن اوسع ما نتصوره من الرحمة، الا وهي: ان الله تعالى (مبدّل) سيئاتنا حسنات. 
اذن (يا مبدل) تنسحب على مختلف ظواهر الحركة في الوجود، ومنها: ما ينصرف اليه ـ لا اقل ذهن كاتب هذه السطور والقراء ـ الى تبديل (السَّيِّئَاتِ) وجعلها (حَسَنَاتِ)، انه سميع مجيب. 
بعدها نواجه عبارة (يا مذلل) وهي بدورها امتداد لعبارات سابقة، في مقدمتها: (يا مسهل) حيث ان التسهيل مجانس للتذليل، اي جعل ما هو الصعب له قابليته على تذليله ورفع صعوبته، والفرق بين (التسهيل) وبين (التذليل) ان الاول جعل الصعب سهلاً والثاني تخفيف الصعوبة وجعلها ذات امكانية في الممارسة، والامران كلاهما، عطاء من الله تعالى، وتفاوت تفرضه طبيعة المحركات التي تواجهنا، وتحديد استجاباتنا حيالها من حيث وجود الصعوبات ثم تيسيرها او تذليلها بالنحو الذي اوضحناه.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة