البث المباشر

شرح فقرة: يا من لا يرغب الا اليه

الأحد 18 أغسطس 2019 - 13:25 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من لا يرغب الا اليه " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه: (يا من لا يرغب الا اليه، يا من لا حول ولا قوة الا به، يا من لا يستعان الا به،...). ان هذه الفقرات الثلاث متجانسة الدلالة من حيث حومانها على اللجوء الى الله تعالى في مطلق شؤون القارئ للدعاء ولنقف عند كل منها، ونبدأ ذلك بعبارة (يا من لا يُرغب الا اليه). فماذا نستلهم منها؟ 
ان الرغبة الى الله تعالى دون سواه، تعني: ان الفرد لا يحس بالحاجة الى غير الله تعالى في انجاز حاجاته ومطلق ما يتطلع الى تحقيقه صحيح ان الله تعالى هو المسبب لوسائط متنوعة في تحقيقها لحاجات الانسان، الا ان الوساطة ذاتها هي: بارادة منه تعالى، فمثلاً ان الطبيب او صاحب المال، أو الممتلك للسلطة يضطلعون باشباع الحاجة الا ان هؤلاء جميعاً موظفون عند الله تعالى، يأتمرون بأوامره بشكل او بآخر في ممارسة وظائفهم، وهذا يعني ان الشخصية عندما تقول: يا من لا يُرغب الا اليه، فهذا يعني ان التوجه هو لله تعالى فحسب، وهذا التوجه يتكفل بتهيئة الوسائل المحققة للاشباع بالنحو الذي مرت الاشارة اليه.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من لا حول ولا قوة الا به) وهذه العبارة هي احد تجسيدات العبارة السابقة عليها، اي: ان العبد عندمالا يرغب الا الى الله تعالى، فلأن الله تعالى هو المحقق للاشباع، حيث لا حول ولا قوة لأي شخص يمتلك وسائل الاشباع الا من خلال إكساب الله تعالى ذلك الشخص وسائل قدرته على اشباع الآخرين. يبقى ان نتساءل عن الفارق بين (الحول) و (القوة)، حيث تردان في الغالب مزدوجتين في التعبير، وفيه عبارة: (لا حول ولا قوة الا بالله) فماذا تعنيان؟ 
تقول النصوص اللغوية، ان (الحول) هو القدرة على التصرف، وان (القوة) هي مبدأ الافعال المقترنة بما هو صعب هذا من جهة ومن جهة ثانية، تشير المصادر الى ما ورد عن الامام علي )عليه السلام) في تفسيره لعبارة (لا حول ولا قوة الا بالله)، من ان المعنى هو لا حائل عن المعاص الا بالله تعالى، ولا قوة على الطاعات الا بالله تعالى، اي: بتوفيق منه واستعانة وفي ضوء هذه الحقائق نستخلص بان القدرة على التصرف في الاشياء من جانب، وان الافعال المقترنة بما هو صعب من جانب آخر اي: ان مطلق الممارسات التي يمارسها الانسان سهلها وصعبها، مصدرها والشروع بها انما هو من الله تعالى يضاف الى ذلك، ما كرره الامام علي (عليه السلام)، من ان ممارسة الطاعة لا تتم الا بتوفيق منه تعالى، وان الاجتناب عن المعصية لا يتحقق الا من خلال حيلولته تعالى عنها، اي: هو الذي يحول بين المعصية وبين ممارستها. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من لا يستعان الا به). فما هو الفارق بين العبارة الحالية، وبين سابقتها، اي: (لا حول ولا قوة الا بالله)؟
الجواب: ان الاستعانة بالله تعالى تعني: ان الله تعالى هو الناصر لعبده في ممارسته لما هو خير، ففي عبارة (لا حول ولا قوة الا بالله) نجد ان الامام عليا ً عليه السلام اوضح بان الحائل عن فعل الشر هو الله تعالى، وان القوة على فعل الخير من الله فتكون النتيجة ان ما هو ممارسة للخير وما هو اجتناب عن الشر، انما يتحقق بواسطة طلب الاعانة من الله تعالى، فتكون عبارة (يا من لا يستعان الا به) جواباً لعبارة (يا من لا حول ولا قوة الا بالله). 
اذن امكننا ان نتبين بوضوح ماذا تعني عبارة (يا من لا يرغب الا اليه) وعبارة (يا من لا حول ولا قوة الا به) وعبارة (يا من لا يستعان الا به) حيث تتجانس جميعاً وتتازر فيما بينها لتحقيق عمل الخير، واستمداده من الله تعالى. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة