البث المباشر

شرح فقرة: يا معين من لا معين له

السبت 17 أغسطس 2019 - 12:52 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا معين من لا معين له " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث يتضمن ۱۰۰ مقطع، كل مقطع يتضمن (۱۰) مظاهر من عظمة الله تعالى. 
وقد حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد في اواخره ما يأتي: (يا معين لا معين له، يا انيس من لا انيس له، يا امان من لا امان له).
هذه الفقرات او العبارات من مقطع الدعاء، تتضمن توسلاً بالله تعالى من حيث تواصله تعالى مع عباده الى مالانهاية له من الرحمة، فالانسان في نطاق تجربته قد يساعد انساناً آخر، الا ان مساعدته ـ من جانب ـ لا تتم الا من خلال توفيق الله تعالى لعبده في مساعدة الآخر، وقد يساعده ولكن في نطاق محدود وليس مطلقاً، وقد لا يساعده البتة، وهذا على العكس من مساعدة الله تعالى لعبده، حيث لا حدود لمساعدته من جانب، وحيث ينفرد تعالى لمساعدته في حالات لا يتاح للآخر المساعدة. من هنا تجئ العبارات القائلة (يا معين لا معين له) تجسيداً للحقيقة المتقدمة.
والآن يحسن بنا ان نقارن بين العبارات المتقدمة وهي (يا معين من لا معين له) و (يا انيس من لا انيس له) و (يا امان من لا امان له)، فماذا نستخلص من ذلك؟ 
الجواب: ان كلاً من الاعانة، والانس، والامان، تجسد احد الاشباعات للشخصية، ولا تستغني الشخصية عن احداها. 
فالاعانة هي المساعدة في انجاز الحاجة، فالشخص الذي (يعين) المريض مثلاًَ في شؤونه الصحية، يختلف عن مفهوم (الانس) له، حيث ان (الانس) هو طرد الوحشة عن الشخص: كالغريب مثلاً او من لا اهل له او لا صديق له: حينئذ فان زيارته تجسد (انساً)، وتطرد وحشة. 
واما (الامان) فموضوع آخر، حيث ينسحب على (الخائف) و(المضطرب) والمهدد في أمنه، حيث يحتاج الى من يحقق له (الامان)من العدوّ او الشدائد بنحو عام.
اذن كل من مفهوم الاعانة والانس والامان يختلف عن الآخر في اشباع حاجات الشخصية ومن هنا ندرك اهمية النكات الموجودة في مقطع الدعاء من حيث تنوع مظاهر الرحمة من الله تعالى. 
وبعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً هو: اللهم اني أسألك باسمك، يا عاصم، يا قائم، يا دائم، يا راحم...)، فماذا نستخلص منها؟ 
بالنسبة الى صفة او مظهر او اسم (يا عاصم) يمكننا الذهاب الى ان المقصود من (العصمة) هنا: مجموعة قضايا، منها العصمة بمعنى ان الله تعالى يعصم عبده من الوقوع في الذنب. ومنها ان الله تعالى يعصم عبده من الوقوع في الخطأ. ومنها ان العصمة هنا بمعنى (الملجأ) اي المنعة او الاعتصام بنحو يجعل الشخصية تحيا بأمان وبيقين وبطمأنينة من الوقوع في اية شدة، كما لو كان في مكان ذي سور ٍ وهو امر تمنع وصول الاذى الى الشخص. 
اذن العصمة او انه تعالى (عاصم)، تكون بمعنى انه تعالى يعصم عبده من الذنب والخطأ والاذى.
بعد ذلك نتجه الى عبارة (يا قائم) هذه العبارة بدورها تحتمل جملة دلالات، منها القائم بمعنى (القيمومة)، اي: يتقوم الوجود بكل مستوياته بوجود الله تعالى ومنها ان القائم تتنوع رحمته بتنوع الواقف والاشخاص والبينات والحوادث، اي: انه (قائم) على مراعاته للعبد، او الواقعة، او الموقف او المكان. 
واما (الدائم)، فينصرف الذهن منه الى (الديمومة)، اي: استمرارية الوجود الذي لا يسبق بعدم ولا يلحقه عدم، وقد ينسحب على ما هو مصاديق متنوعة، بمعنى ان (حاضر) في مختلف انماط الحركة الصادرة من الوجود او الاشخاص او. 
المهم ان هذه العبارات تتجانس فيما بينها من حيث انسجامها على مفهوم الرعاية من الله تعالى لعباده، ولمطلق الموجودات.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة