البث المباشر

شرح فقرة: يا موفي العهد، يا عالم السرّ

الأحد 11 أغسطس 2019 - 15:10 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا موفي العهد، يا عالم السرّ " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة وما تتضمنه من المعرفة في مختلف ميادين العقائد والاخلاق والاحكام ومن ذلك دعاء (الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسة منه وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه: (يا موفي العهد يا عالم السرّ يا خالق الحبّ يا رازق الأنام).
إنّ كلاً من هذه الصفات أو الأسماء أو المظاهر من عظمة الله تحّدد لنا ميداناً من ميادين المعرفة في حقل العقائد وسواها، ويعنينا أن نحدثك عن كل منها ونبدأ أولاً بالحديث عن عبارة: (يا موفي العهد) فماذا نستلم منها؟
قبل أن نجيبك عن السؤال المرتبط بعبارة: (يا موفي العهد) نذكّرك بعبارة سبقتها وهي: (يا صادق الوعد) وهي عبارة حدثناك مفصّلاً عنها في لقاء سابق أمّا الآن فنبيّن حسب ارتباط هاتين العبارتين مع بعضهما فنقول: أنّ صدق الوعد وإيفاء العهد يشتركان في دلالة متماثلة او متجانسة هي: الالتزام بما صدر من قول حيال الآخر، فلو واعدت شخصاً بأن تلتقيه في الساعة الفلانية او تعده بإنجاز حاجة له: تكون حينئذ قد صدرت عن كلام هو: أن يتحقّق حصوله، أمّا لو ضمنت له مثلاً بأن تنجز له الحاجة المذكورة او حلفت مثلا بإنجازها كما لو قلت (عليّ عهد الله لأوفينّ لك بما ضمنته لك) حينئذ تكون قد مارست سلوكاً لفظياً هو (العهد) بينما تكون في حالة قولك بأن تلتقيه الساعة الفلانية قد مارست سلوكاً لفظيا هو: (الوعد). والمهمّ هو الالتزام بما وعدت او عهدت او عاهدت. 
والآن اذا نقلنا الحقيقة المتقدمة من نطاقها البشري الى الساحة الإلهية نجد أنّ عبارة (يا موفي العهد) تنسحب على ما ضمنه الله لعباده من الوفاء بتحقّق الضمان المذكور: كعهد الله مثلاً بأن يرزق عباده. وهذا هو أحد معاني العهد سواء كان من الجانب البشرى او الالهى.
وعن دلالة اخرى لمفهوم (العهد) ينبغي أن نعرض له ألا وهو: الوصية وهذا كما نلاحظ مثلاً في قوله تعالى: «وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ»وفي ميدان الالتزام البشري نجد أنّ الله تعالى يقرّر هذه الحقيقة وهي: «وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً» فالعهد هنا يأتى فى سياق آخر هو: إيفاء العهد من البشر قبالة ما ينبغي من الالتزام بما عهده تعالى من حيث وصيته تعالى بعدم أكل مال اليتيم مثلاً وهكذا.
والمهمّ هو ما يرتبط بتعامل الله تعالى حيال عباده وهو أنه تعالى موف لعباده بما عهده اليهم من مختلف الجزاءات المترتبة على سلوكهم العبادي المأمور به وهذا أحد مظاهر عظمته المتمثله في رحمته تعالى غير المحدودة.
بعد ذلك نواجه عبارة: (يا عالم السرّ) فماذا نستلم منها؟
لا نحتاج الى مزيد تأمل حتى ندرك سريعاً بأنّ الله تعالى مادام عالماً بكل شي ولا حدود لعلمه تعالى حينئذ فإنّ التشدّد على أنه عالم السرّ يجعلنا متداعين بأذهاننا الى أهمية هذا العلم وانعكساته على سلوكنا، إنه تعالى يقرر في سياقات أخرى انه عالم بالعلن وبالسرّ من سلوكنا ولكنه حينما يخصّ فقرة ما بالعلم بالسرّ: فهذا يعني أنه تعالى يستهدف لفت نظرنا الى ضرورة أن نلتزم بعبادته مطلقاً وليس في العلن مثلاً: بصفة أنّ الشخصية من الممكن أن تتحرز في العلن دون السرّ وهذا ما يتنافى والالتزام الحقيقىّ بعبادته تعالى.
اذن ثمة نكتة مهمة في عبارة: يا عالم السرّ في استهدافها تعديل سلوكنا العبادي بنحو مطلق.
ختاماً نسأله تعالى أن يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة