البث المباشر

شرح فقرة: اللهم اني اسألك باسمك يا مصور يا مقدر

الأحد 11 أغسطس 2019 - 14:36 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم اني اسألك باسمك يا مصور يا مقدر " من دعاء الجوشن الكبير.

 

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدّثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الجديدة، حيث ورد فيه: (اللهمّ إني أسألك باسمك يا مصوّر، يا مقدّر، يا مدبّر، يا مطهّر...).
حدثناك عن عبارته الاولى وهي: (يا مصوّر) ونحدّثك الآن عن عبارته الثانية، وهي: (يا مقدّر)، فماذا نستلهم منها؟
من الواضح أن صفته او اسم او مظهر (يا مقدر) تظل من العبارات المألوفة في لغة المعرفة العقائدية، إنها كلمة تنسحب على جملة دلالات، نعرض لبعضها، ومن ذلك: أن (التقدير) ونحوه يظل منسجماً في ابرز دلالاته على التخطيط في تحقيق ورسم الظواهر المتنوعة في الكون، فمثلاً: أن قوله تعالى: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»، او قوله تعالى: «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ»، او قوله تعالى: «إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ». ان هذه الاستخدامات الثلاثه لمفهوم (التقدير)، تكشف لنا عن دلالة (التقدير) من الله تعالى وحيث القوى الكونية التي خلقها الله تعالى وسخرّها لنا، وما نستهدف من الاشارة اليه سريعاً هو: أن الله تعالى بحكمته قد رسم لنا معالم الوجود، وجعل كل شىء بمقدار يتناسب مع تحققه من مختلف ميادين الحركة الوجودية... فقوله تعالى: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» يجعلنا نتداعي باذهاننا مثلاً الى أن الشمس او الارض او المياه، لو زادت او قلت نسب مادتها وحجمها وحركتها: لاختل الكون، وهذا من الوضوح طبعاً.
كما أن قوله تعالى: «وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ» تظلّ مصداقاً للآية السابقة «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ»، ومنه: خلق المطر كما هو واضح.
لكن عندما ننتقل الى الآية الثالثه وهي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر نجد أنه مع تسليمنا بأن (يقدر) هنا هي تقابل (يبسط) من حيث السعة في الرزق وعدمها، إلا أن (التقدير) بنحو عام، أي التناسب مع طبيعة الشيء المخلوق من حيث صلته بالآخر، يظل حاملاً الدلالة ذاتها، وهي التناسب في خلق الظواهر. 
وهذا يقتادنا الى تعميق قناعتنا بحكمة الله تعالى، وضرورة التسليم لها، سواء كان ذلك منسجماً - حيناً - على ما هو مضاد لما لا يريده العبد (كالتقتيير في الرزق) او العكس، ولكن بعامته يظل التقدير هو: السمة المحقّقة للتوازن الكوني بالنحو الذي لحظناه، مع تعميق - كما كررنا - وعينا بعظمة الله تعالى وحكمته.
بعد ذلك نتجه الى العبارة الثالثة وهي (يا مدبّر)، فماذا نستخلص منها؟
واضح أن هذه العبارة على صلة بسابقتها، وهى: (يا مقدّر)، كيف ذلك؟
أيضاً واضح، أن (التقدير) في خلق الأشياء يقترن بما هو (تدبير) في فاعلية ذلك اي: بما أن (التدبير) يعنى: ادارة الكون حينئذ فإنّ (تقدير) ذلك، اى: التناسب الذاتىّ في خلق الاشياء سوف يقترن بفاعلية هي: إدارتها بما يتطلّبه التقدير من خطوط متنوعة في تحقيق ذلك.
بعدها نواجه عبارة (يا مطهر) فماذا نستخلص منها؟ في البداية قد يتسائل قارىء الدعاء قائلاً ما هي الصلة بين ما تقدّم من أن الله تعالى (هو المصوّر والمقدّر والمدبّر) وبين ما هو المطهر ويمكننا أن نصوغ السؤال بنحو آخر وهو ما المقصود باالمطهر؟ هل هو التطهير بمعناه الحسي كالتزكية مثلاً؟ او بمعناه الذاتي كالتطهير للنفس؟ في تصورنا أن المعنى ينسحب على كليهما مادام تعالى يستهدف تطهير الكائنات بما يتناسب وايجادها ومن متطلبات الحكمة هو واضح.
ختاماً نسئله تعالى أن يطهرنا من الذنوب ومطلق الممارسات السلبية وأن يوفقنا الى الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة