البث المباشر

شرح فقرة: يا ماحي السيئات، يا شديد النقمات

الأحد 11 أغسطس 2019 - 13:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ماحي السيئات، يا شديد النقمات " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منها وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد في ختامه (يا ماحي السيئات، يا شديد النقمات).
ونحدثك الآن عن عبارة (يا ماحي السيئات) فنقول: هذه العبارة ترتبط بسابقتها وهي عبارة (يا مضعّف الحسنات) حيث حدثناك عنها في لقاء سابق، كما ترتبط بلاحقتها وهي عبارة (يا شديد النقمات) والسؤال الآن: ما هي الخيوط الرابطة التي أشرنا اليها؟
عندما يشير الدعاء الى أنّ الله تعالى (مضعّف الحسنات)، حينئذ فإنّ العطاء غير المحدود لله تعالى يستتبع عطاءً يتقابل حجمه مع حجم او نوع آخر من العطاء ألا وهو: ليس تضعيف الحسنات وحدها: حيث إنّ الشخصية اذا ضوعف ثواب ما تعمله من الخير، لا يعني ذلك أنّ هذه الشخصية لا ذنب لها: ولو سابقاً، لذلك فإنّ ضخامة عطاء الله تعالى لا تقف عنه مضاعفة الحسنات بل تتّجه الى السيئات او الذنوب فتمسحها عن كاهل الشخصية وبذلك تظفر الشخصية بما تطمح اليه من الثواب وهو رضاه تعالى وشفاعته لعبده حيث لا يحاسبه على ذنوبه مضافاً إلى مضاعفة حسناته، فنعم الربّ ربّنا وبئس العبيد نحن.
والآن ينبغي أن نضع في الإعتبار، أنّ العبد من الممكن أن يأخذه الغرور أو العجب أو اللامبالاة عندما يقتنع بأنّ الله تعالى يضاعف حسناته ويمحو سيئاته: وعندما لا يمارس وظيفته بالنحو المطلوب. لذلك، فإنّ الدعاء في الوقت الذي أشار الى ثواب الله تعالى قرنه بالعقاب ايضاً، حتى لا يستغّل العبد عطاء الله تعالى ويمارس ما لا يرضى به تعالى ولذلك عندما يقرن الله تعالى عطائه بعذابه نستخلص من الزاوية النفسية ضرورة أن يستثمر العبد ثواب الله تعالى لكي يرفعه ذلك الى الشكر، والى ممارسة وظيفته العبادية بما هو أفضل.
هنا نلفت نظرك الى أنّ الدعاء (كما لا حظنا بأنه يشير الى ضخامة عطاء الله تعالى من خلال مضاعفته الحسنات ومسح السيئات) كذلك يشير الى ضخامة العقاب ايضاً، بمعنى أنّ كبر حجم العطاء او الثواب يقترن بكبر حجم العقاب أو الانتقام، ولذلك فإنّ هذه المقارنة أو التعقيب بضخامة الانتقام قباله ضخامة الحسنات، له أهمية كبيرة في لفت نظر العبد الى ضرورة أن يقدّر نعم الله تعالى وأن يشكره عليها، وأن يستثمرها في الطاعة، ويحّذر من ممارسة المعصية.
نواجه مقطعاً جديداً هو: (اللهمّ، إنّي أسألك باسمك يا مصوّر، يا مقدّر، يا مطهّر، يا منوّر،...).
ونقف عند العبارة او المظهر الاول من مظاهر عظمة الله تعالى وهو (يا مصوّر) فماذا نستخلص منها؟
إنّ عبارة (يا مصور) طالما ترد في القرآن الكريم وفي النصوص الشرعية من أدعية وأحاديث وسواها، وتقترن في الغالب بما هو في الأرحام مثل قوله تعالى: «هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء...» ونعتقد أنّ التأكيد أو التشدّد في ربط هذه السمة المصّور بالارحام وكيفية إشاءته تعالى تظلّ مرتبطة بإبداعه تعالى للانسان من جانب وبما يقترن من عمليات (التكييف) لتركيبة البشرية من جانب آخر، حيث سبق علمه تعالى بما ستسلكه الشخصية من جانب آخر، فضلاً عن الحكمة الإلهية التي تنتخب نمط ما في الارحام من ذكر أو أنثى أومزاوجه، اولئك جميعاً تفسر لنا جانبا من مظهر عظمة الله تعالى وهو أنه تعالى (مصوّر) في الأرحام ومطلقاً، سائلين الله تعالى أن يوفقنا الى طاعته والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة