ومشرق الحقِّ بالأهوال مستتر
والعصر يزحف بالآراء هادمة
للدين، فالدين في الأوساط يندثر
والحكم يستعمر الأفكار يطبعها
بأيِّ لون به دنياه تزدهر
ويعرض الدين، كي تخفي حقيقته
قشراً، فلا حاصل فيه ولا ثمر
وإنما هو زيٌّ فارغ، ورقىً
وهمهمات بها الجني يندحر
يهاجم العلماء العاملين بمن
عن العلوم، وعن اربابها نفروا
على الجرائم قد لفّت عمائم
منها عمائم أهل الفضل تحتقر
وهكذا نحن في سجن تصوّره
نوائب مثلها لم تشهد العصر
فقد سأمنا من الترديد، يرسلنا
عزم، ويمنعنا من سيرنا حذر
لذاك لذنا بذكراك التي وفدت
كالفجر فيها ظلام الليل ينحسر
بأن تزودّنا من روحها قبساً
به نرى الدرب في المسرى ونختبر
لأننا نجهل المسعى وغايته
في مهمهٍ ما به ورد ولا صدر
وهم وقد نظموا المسعى على خطط
مدروسة رسمت أسرارها الفكر
وخلفهم الف شيطان تسلّحه
مكائد وأحابيل بها انتصروا
فكم بها اقتنصت من كان يعوزه
مكر يقابل فيه من به مكروا
منها احتملنا خطوباً لو على جبل
لفتت صخرة الأهوال والغير
لذنا إليك لتحمينا، فقد قتلت
حماتنا حادثات ملؤها عبر
جئنا لنعتب،والعتبى يهيّجها
وهب اثمنا وجازانا الإله على
أثامنا، قد كفانا إنّنا بشر
عذاب دنياك يا رباه أتلفنا
فمن لنا في غد إن حمحمت سقر
عليك نقسم بالزهرا ووالدها
قد هدَّ كل قوانا ذلك النفر
شفيعنا لك هذا اليوم حيث غدا
يا تاسع الأمناء الغر، قد وفدت
فأنت مفزعها دنيا وآخرة
وفيك يكشف عنها الضرُّ والضرر
ألست أنت الذي بانت معاجزه
كالشمس آمن فيها البدو والحضر
أمسى ابن اكثم مذهولاً بما سمعت
أذناه منك، وأعيي نطقه الحصر
واخجل الفقهاء الصيد منبثق
من شمس فضلك فاهتزوا وقد بهروا
حاروا ولو آمنوا بالله ما ذهلوا
فعلمكم من نمير الحقِّ منهمر
تضمُّ في سرّها الآيات والسور
من أين يدرك من كانت معارفه
قد رام إطفاء نور الله (معتصم)
بمنهج شقّه آباؤه الغدر
إليك كي تختفي آياتك الغرر
لا عافت النار أُمّ الفضل حيث بما
قامت به يلتظي في روحنا شرر
سمّت امام الهدى، فالأرض راجفة
منه، ووجه السما من ذاك معتكر
يبقى ثلاثاً بلا غسل ولا كفن
كجدِّه، فهو فوق السطح منعفر
*******
الشاعر: السيد محمد جمال الهاشمي.
المصدر: أروع ما قيل في محمد واهل بيته(ص)، لسيد محسن عقيل، ناشر: دار المحجة البيضاء.