أزل عن مقلتي أثر الرقاد
وكحّلها بأنوار الجواد
ودع ذكر العراق وساكنيه
وإن هاجتك آلام البعاد
وبرّد في حنايا الصدر هماً
ليحيى اليوم في جذل فؤادي
به نرجو الشفاعة في المعاد
أما تدري بأن اليوم عيد
يبشر بالمسرّة كلَّ شاد؟
بتاسع كوكب تجلو الدياجي
له الأنوار عن أفق العباد
وكم طفلٍ شأى هَام الرشاد
بمن قد أفَحم الضلاّل طراً
وفنّد رأيهم في كل ناد
بمن رفعت يداه لواءَ حمدٍ
ليخفق في الحواضِر والبوادي
بمن قد طُهِّروا من كلِّ رجسٍ
ومن ننجو بهم يوم التنادِ
ويا سبب النجاة من العوادي
ورثت العلم والأخلاقَ ممن
لهم رفع السماءُ بلا عماد
شربت ولاءكم كأساً نميراً
فروّى خافقي اذ كان صادي(۱)
عجبت لمن أبى شهداً لذيذاً
ليأكل دونه شوك القتاد
ومن عجب يحاججنا حقود
بلا علم يصرّ على العناد
ويزعم أن أمر الدين باق
لمن قد كان في سنِّ الرشاد
فإن كان الذي زعموه حقاً
كما اعتقدوا به أي اعتقاد
فيحيى لم ينل حكماً صبياً
ألا بعداً لمن للحقّ عادى
ولما يعتبر بمصير (عاد)
لقد جحدوا الهدى حتى تراهم
قطيعاً ظل في أكناف واد
اذا عانيت من محن شداد
كيومك فيه قد سعدت بلادي
بيومك سيدي أنست قلوب
تصافح بينها قبل الأيادي
فحبّكم على المخلوق فرض
فنعم احّبةٌ يحيون ذكراً
جميلاً يوم ميلاد الجواد
فوفق سعيهم يا ربِّ دوماً
فأنت لما ابتغوا أقصى مراد
*******
(۱) الصادي: الظامىء.
*******
الشاعر: أبو أمل الربيعي.
المصدر: أروع ما قيل في محمد واهل بيته(ص)، لسيد محسن عقيل، ناشر: دار المحجة البيضاء.