نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الامام السجاد(ع) حيث يقرأ بعد الظهر من يوم الجمعة وقد حدثناك عن مقاطعه الاستهلالية التي تتوسل بالله تعالى بان يوفق قارئ الدعاء الى الشهادة مع الامام المنتظر(ع) في معركته الاصلاحية حيث ورد المقطع الآتي مفصحاً عن التوسل المذكور قائلاً: (ولا تجعلني ممن تقدم فمرق) أي تسرع قبل ان يرسم الامام(ع) خطط المعركة او تأخر فمحق أي تأخر عن اللحوق بموكب الامام(ع) واجعلني ممن لزم فلحق هذه العبارة الاخيرة هي موضوع حديثنا الان حيث حدثناك في لقاء سابق عن الدلالة التي ترشح بها عبارتا ولا تجعلني ممن تقدم فمرق او تأخر فمحق. اذن لنتحدث عن عبارة (واجعلني ممن لزم فلحق).
هنا قد يعترض قارئ الدعاء ويقول ان العبارة المذكورة من الوضوح بمكان فما هي الضرورة لالقاء الاضاءة عليها؟ الا اننا نجيبه فنقول ان وضوح العبارة المتقدمة وهي واجعلنا ممن لزم فلحق تفصح عن جملة نكات من الاهمية بمكان كبير بخاصة اذا عرفنا ان التوسل بالله تعالى من خلال العبارتين اللتين حدثناك عنهما في لقاء سابق انما تحذران الشخصيات من ركوب الرأس او الاندفاع الاحمق او الاجتهاد المخطيء في دراسة الموقف بحيث تتقدم الشخصية فتتخلى عن التمسك بمواقف الامام(ع) وتخطيطه للمعركة او تتخلف اساساً عنه(ع) ايثاراً للسلامة.
نقول اذا ادركنا ان هذين النمطين من الاشخاص يخسران الموقف حينئذ نتجه الى النمط الثالث من الشخصيات وهي الشخصية المتمسكة بالكتاب وبالعترة الطاهرة أي المتمسكة بالثقلين بحسب توصية رسول الله(ص) حيث ان الامام المهدي(ع) وهو المعد لخوض المعركة ضد الانحراف هو التجسيد الحي للعترة الطاهرة حيث يترتب على ذلك ما نطق به الدعاء حينما قال واجعلني ممن لزم فلحق، اذن ماذا تعني هذه العبارة مع تسليمنا بوضوحها الان؟
الوضوح او الصراحة تقول: "اللهم اجعلني من المتمسكين بالامام المهدي(ع)" في توصياته التي يرسمها لنا عبر خوضنا او مساهمتنا في المعركة ضد الانحراف وهو الظلم والجور اللذان يطغيان ويملآن الارض وبكلمة اشد وضوحاً ان العبارة المذكورة تتوسل بالله تعالى بان يجعلنا ممن لزم الامام المهدي(ع) ولم يفارقه لحظة بحيث يلتحق بموكبه ويعمل باوامره هنا قد يتساءل قارئ الدعاء قائلاً هل نتوقع من الشخصيات المنتظرة لظهور الامام(ع) ان يطبعها الشك او التردد او الجبن عن خوض المعركة؟ ونجيب ان الامر كذلك بحسب ما تنقله النصوص الواردة في هذا الميدان ولذلك يرد مثل هذا التوسل بالله تعالى بان يوفقنا الى ملازمة صاحب الامر والاستشهاد في المعركة وهو امر يفسر لنا كما ذكرنا معنى ان يتخلف البعض عن المعركة او يتقدمها البعض فتكون الخسارة نصيبهما مصداق ذلك نجده في التجارب اليومية التي نشاهدها وطبيعة التركيبة البشرية والفارقية الكبيرة بين الاقوال المتحمسة وبين الافعال حيث ان الشخصية عندما تتصاعد عاطفتها حينئذ تصرح بكلام ايجابي ولكن المعركة عندما تواجه تلك الشخصية ويحدق بها الخطر حينئذ تتراجع عن كلامها وتؤثر العافية على خوض المعركة.
اذن امكننا ان نتبين مزيد من الوضوح ماذا تعني هذه التوسلات بالله تعالى وذلك بان يجعلنا الله تعالى ممن يتقدم على موكب الامام(ع) فيمرق او ممن يتأخر عنه فيمحق بل يجعلنا ممن يلزمه ويلتحق به.
والاهم من ذلك ان نتوسل نحن القراء للدعاء بان نوفق الى ممارسة جهادنا وان نستشهد في الميدان المذكور وان نوفق بعامة الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******