نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها ادعية الزهراء (عليها السلام)، حيث حدثناك عن ادعيتها الاسبوعية، ومن ذلك: الدعاء الذي يبدأ على النحو التالى: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، يا حي يا قيوم، برحمتك استغيث فاغثني، ولا تكلني الى نفسي طرفة عين، واصلح لي شاني كله)، هذا المقطع من الدعاء يتضمن التوسل بالله تعالى بان يرحم قارئ الدعاء ويصلح شأنه ولا يكله الى نفسه. هذه الدلالات ترتبط بسلوك الانسان العبادي الذي خلق الله تعالى الانسان من اجل ممارسته، ومن ثم فان التوسل باصلاح شأن العبد يعني: تعديل سلوكه وانعكاس ذلك على مصيره الاخروي الخالد. اذن المقطع من الدعاء يجسد اهمية عظيمة يجدر بنا متابعة فقراته، ونبدأ ذلك بفقرة: (يا حي يا قيوم) ، فماذا نستلهم منها؟ الْحَيُّ الْقَيُّومُ يعني ببساطة: الله الذي لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ، فهو الْقَيُّومُ عليها هذه الدلالة ببساطتها لها انعكاسها على محتويات الدعاء الذي يبدأ اولاً فيقول: (برحمتك استغيث فاغثني) ، اذن الْحَيُّ الذي لا يغفل عن سؤال عبده، والقائم بشؤونه، هو الجدير بان يرحم عبده الذي استغاث به. ان الدعاء قد استخدم مفهوم (الرحمة) وهل الرحمة الا من عنده تعالى. انها الرحمة التي اغدق بقسم منها على عباده في الدنيا، وابقى الكثير في الاخرة، والمهم هو: ان الرحمة هي العنصر المغيث للعبد والمخلّص له من شدائد ما يعانيه، سواء كانت الشدائد دنيوية (كالفقر والمرض وفقدان الامن) او عبادية كالتقصير في اداء المهمة العبادية للانسان. بعد ذلك تواجهنا فقرة: (ولا تكلني الى نفسي طرفة عين) ان هذه العبارة من الدعاء لها اهمية كبيرة في سلوك الانسان، انها تحدد فيما اذا كانت له امكانية الحركة وعدمهما. طبيعياً، ان الله تعالى خلق الانسان ووظف له قوى يعتمد عليها في سلوكه، بيد ان الامر في حقيقته يظل مرتبطا بارادته تعالى. ولذلك قد يخيل للعبد بان له امكانات ذاتية يستطيع بواسطتها انتخاب ما يتطلع اليه، ولكن الامر ليس كذلك، ان الانسان لا يملك لنفسه نَفْعًا ولا ضَرًّا ولا مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا ، انه لا يملك قدرة ذاتية البتة، من هنا توسل الدعاء، مقرراً او متوسلاًً بالاّ يكل الله تعالى قارئ الدعاء الى نفسه حتى طرفة عين ابداً، مما يعني ان الامر كله بيد الله تعالى الى درجة ان نقرأ مثلاًً في القران الكريم «وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى» ، اذن الامر كله لله بيد الله تعالى. طبيعياً هذه العبارة امتداد لسابقتها اي: العبارة المتوسلة بالله تعالى بالا يكل قارئ الدعاء الى نفسه طرفة عين، بحيث يمكن الذهاب الى ان الامر مادام كذلك، فانه من الطبيعي ان يتوسل الدعاء ثانية، ويقول او يتوسل بان يصلح الله تعالى قارئ الدعاء، وهو شان قد يكون دنيوياً: كالرزق والصحة والامن، وقد يكون عبادياً: كالتوفيق فيِ اداء المهمة العبادية، ومن ثم الظفر برضوان الله تعالى وجنته، سائلين الله تعالى ان نكون كذلك. ختاماً امكننا ان نحدثك ولو عابراً، عن مقطع الدعاء المتقدم سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******