لانزال نحدثك عن أدعية ألزهراء , ومنها: احد أدعيتها ألاسبوعية حيث بدأ على ألنحو التالي "اللهم افتح لنا خزائن رحمتك، وهب لنا اللهم رحمة لاتعذبنا بعدها في ألدنيا وألاخرة، وارزقنا من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا، ولا تحوجنا ولا تفقرنا الى أحد سواك....الخ" ..
يتضمن االدعاء جملة ظواهر، تبدأ برحمة الله تعالى ألواسعة في ألدنيا والاخرة، ثم بظاهرة ألرزق حيث ينطوي هذا ألانتقال من الرحمة الى الرزق على أسرار لامناص من الحديث عنها، (وهو امر نحدثك عنه لاحقا انشاء الله تعالى)،...ونحدثك ألان عن ألفقرة ألاولى من الدعاء وهي: " اللهم:أفتح لي خزائن رحمتك. " ...فماذا نستلهم منها؟
ألعبارة تنطوي على أستعارة فنية هي "خزائن، رحمتك" ، وألخزينة لغويا هي: مايدخر من ألمال وسواه في مكان ما، وبالنسبة الى الهR تعالى، فأن مايرتبط به تعالى يضل منزها عن ألحدوث، ولذلك جائت ألاستعارة "ألخزينة" لتفصح عن ألرحمة ألتى يختزنها الله تعالى لعباده، وهي رحمة لاحدود لها بطبيعة ألحال، حيث يمكن ألذهاب من خلال ألأستعارة ألمذكورة الى القول بأن خزائن رحمته تعالى لاحدود لها، اي لاحدود عددية للخزائن، ومن ثم لاحدود عددية للرحمة،...ويترتب على ذلك أن ألعبارة الاستهلالية للدعاء قد استخدمت الاستعارة آيضا بالنسبة الى توزيع خزائن ألرحمة، فصاغت عبارة " اللهم افتح لنا خزائن رحمتك" ، اي: اجعلها منهمرة وغزيرة الى مالاحد له، وفي مقدمة ذلك: الرحمة الجامعة لدينا قارئ الدعاء وآخرته، وهذا يجسد رحمة عامة تندرج ضمنها سائر مظاهر الرحمة، ومنها: ما تتحدث عنه الفقرات اللاحقة من الدعاء، حيث تتضمن الحديث عن الرزق على نحو ما نوضحه الآن...
يقول الدعاء " وارزقنا من فضلك الواسع رزقاً حلالاً طيباً" ...
ترى: ماهي الاستخلاصات التي نستلهمها من الفقرة المتقدمة؟ الدعاء يتحدث عن زيادة الرزق، وهذا ما تفصح عنه عبارة "من فضلك" وتتجسد الزيادة من خلال السعة أي عدم تحديدها بل جعلها مطلقة بحيث تجئ عبارة "واسعاً" اي: "الرزق" بما لاتحديد له فيما يتناسب مع كرمه تعالى، الاان النكتة الأهم في الرزق هي انه حلال وطيب، اما الحلال فهو واضح اي ما يكسبه المرء من خلال الطرق الشرعية كالبيع والشراء وسائر انماط التعامل... ولكن مالمقصود ب "الطيب" ؟ تقول المصادر اللغوية ان "الطيب"معناه: الافضل من كل شئ،... وفي ضوء هذه المقولة ندرك تماماً ان العبد يسأل من الله تعالى ان يرزقه رزقاً مشروعاً في افضل مستوياته فالرزق قد يكون مشروعاً ولكن في درجته الثانية مثلاً ولكن الدعاء يطلب من الله تعالى افضل نماذج الرزق بالنحو الذي اوضحناه
يقول الدعاء " ولاتحوجنا ولاتفقرنا الى احد سواك" ،... هذه العبارة تنطوي على اهمية كبيرة ترتبط بتركيبة البشر من حيث دوافعه وتتصل بانتمائه الى الله تعالى...
كيف ذلك؟ التقدير الذاتي او احترام الذات او التقدير الاجتماعي مع تفاوت دلالاتها النفسية الا انها تصب جميعاً في مفهوم "العز"وهو مفهوم منحه الله تعالى لعبده واكده تأكيداً بالغ المدى حينما قرر النص الشرعي بان الله تعالى فوض للمؤمن كل شئ الا اذلال نفسه من هنا، فان الحاجة الى الاخر "غير الله تعالى" تقترن عادة بالذل الذي هو ضد العز، ولذلك طلب الدعاء بان يكون الرزق الواسع والطيب والحلال غير مقترن بالحاجة الى الاخر أو ان يكون الرزق غيرحاصل من طريق الصدقة أو العطاء من الاخر بل من طريق الاعمال الحرة للشخصية، بخاصة ان الرزق اذا اقترن بعطاء الاخر من الممكن ان يكون مصحوباً بالمن والاذى أو مجرد كونه تحسيس للشخصية بانها مدينة للاخر يظل مضاداً لمفهوم العز...
اذن:" ادركنا دلالة فقرة "لاتحوجنا ولاتفقرنا الى احد " ولكن بقي ان نفهم الفارق بين كلمة "لاتفقرنا" وكلمة "لاتحوجنا" من حيث علاقتها بالرزق المقترن بعطاء الاخر... وهذا ما نحدثك عنه لاحقاً انشاء الله تعالى.
ختاماً ": نسأله تعالى ان يرزقنا رزقاً واسعاً حلالاً طيباً وان يرحمنا، وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******