وله الحمد أرحم الراحمين، وأزكى صلواته على ينابيع رحمته للعالمين حبيبنا محمد الأمين وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم إخوتنا وأخواتنا ورحمة الله وبركاته، بتوفيق الله نلتقيكم في حلقة اليوم من برنامجكم هذا، ووقفة إستلهامية للمعارف الحقة من فقرة جديدة من الدعاء الذي رواه السيد الجليل علي بن طاووس في كتاب مهج الدعوات عن مولانا إمام العصر (أرواحنا فداه) كأحد أدعية قنوت الصلاة.
وفقرة هذا اللقاء هي التي جاء فيها: (اللهم فأذن بذلك وافتح طرقاته، وسهل خروجه ووطأ مسالكه، وأشرع شرائعه، وأيد جنوده وأعوانه، ... يا أرحم الراحمين).
مستمعينا الأفاضل، تصرح عدة من الأحاديث الشريفة بأن الإمام المهدي الموعود (عجل الله فرجه) ينتظر الإذن الإلهي للظهور وبدأ ثورته الإصلاحية الكبرى، وهذا أمر مفهومٌ حسب عقائدنا التوحيدية التي تنص أن جميع تحركات أولياء الله المعصومين (عليهم السلام) هي بأذن الله فهم خلفاؤه عزوجل؛ سواء كانت هذه التحركات مثل إظهار المعجزات وإحياء الموتى واشفاء المرضى، أو غير ذلك من سائر تحركاتهم في تحقيق الأهداف الإلهية في تدبير شؤون العباد وهدايتهم وإيصالهم الى الكمال المنشود وفي القرآن الكريم الكثير من الإشارات لذلك.
وهذا أيها الأخوة والأخوات هو الدرس التوحيدي المحوري الذي نستفيده من جميع عبارات الفقرة المتقدمة من الدعاء ومنها عندما نطلب من الله جل جلاله أن يأذن لوليه المهدي بالظهور وإحقاق الحق وإزهاق الباطل.
وثمة درس تربوي آخر نستفيده من الفقرة المتقدمة وهي تقوية الأمل في قلوبنا باللطف الإلهي بأن يعجل في الإذن لوليه بالظهور إستجابة لأدعية عباده المؤمنين لأنه جلت حكمته يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ، فيمكن أن يغيّر موعد الظهور ويقدمه لطفاً بالعباد. ولذلك أوصانا الإمام المهدي (أرواحنا فداه) بالأكثار من الدعاء بالفرج.
وفي ذلك تقوية للإرتباط بالله واللجوء له والإستقواء به تبارك وتعالى وهذا هو أهم صفات الأنصار الحقيقين للمهدي المنتظر (عليه السلام).
أيها الأطائب، إن استجابة الله عزوجل لدعاء عباده بتعجيل ظهور بقيته المهدي (عليه السلام) تعني في الواقع تعجيل توفر الأوضاع اللازمة التي تؤدي الى إنتصار ثورته الإصلاحية الكبرى، وهذا ما تنبهنا له العبارات اللاحقة حيث نطلب من الله تبارك تعالى فيها أولاً أن يفتح طرقاته أي طرقات ظهور الإمام المنتظر (أرواحنا فداه)، والمراد هو التمهيد لهذا الظهور المبارك بأزالة العقبات التي تؤخر ظهوره وتهدد حركته الإصلاحية الكبرى، مثل الحكومات الطاغوتية، فيكون فتح طرقات الظهور المهدوي بأضعاف هذه الحكومات بأشغالها فيما بينها مثلاً او بدفعها بأتجاه أخراج ما تخفيه عبر شعاراتها الإصلاحية من نوايا السوء بالشعوب، فتنفر عنها الشعوب عندما تعرف حقيقتها الأمر الذي يضعفها.
وهنا نستفيد درساً تربوياً من هذا الدعاء هو: أن من واجبات الممهدين لظهور إمام زمانهم (عجل الله فرجه) المساهمة في إضعاف الحكومات الطاغوتية من خلال كشف حقيقتها ونظائر ذلك.
كما نطلب مستمعينا الأعزة في العبارة اللاحقة أن يسهل خروج وليه وخليفته المهدي أي ظهوره (عليه السلام)، وهذا الأمر يعني التمهيد لظهوره بأزالة العقبات التي تتوجه الى حياة الإمام مباشرة وليس الى ثورته الإصلاحية، والى هذا الأمر أشارت الأحاديث الشريفة التي تأمر المؤمنين بكتمان الأسرار التي ترتبط به (أرواحنا فداه) ويؤدي كشفها الى تهديد حياته.
أما بالنسبة للعبارة اللاحقة ففيها ندعو الله أن يوطأ مسالكه (عليه السلام) وفرقها عن عبارة (وأفتح طرقاته) هو أن الأولى تنظر الى إزالة العقبات التي تمنع عن ظهوره، أما العبارة الثانية فالمقصود منها توفير العوامل المعينة له (عليه السلام)، وهذا ما تفسره العبارتان اللاحقتان وهما: وأشرع شرائعه وأيد جنوده وأعوانه.
فنحن نطلب من الله عزوجل العون للمؤمنين في تعريف العالمين بالقيم السامية والأحكام العادلة التي يسعى خليفته المهدي (عجل الله فرجه) لتطبيقها عند ظهوره، لكي تتوفر الأرضية اللازمة لذلك، هذا أولاً وثانياً أن يؤيد جنوده وأعوانه ويقويهم بلطفه لكي يتمكنوا من مؤازرة إمامهم في إزهاق الباطل وإحقاق الحق وإقامة العدالة الإلهية الشاملة في كل الأرض.
نسأل الله لنا ولكم أعزاءنا أن يوفقنا للتقرب إليه بالعمل للتمهيد لظهور خليفته ومنقذ خلقه إمامنا المهدي ويجعلنا من خيار أنصاره ومواليه إنه كريم رحيم. اللهم أمين، بهذا الدعاء نختم لقاء اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) إستمعتم له مشكورين من طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، دمتم بألف خير.