مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها: دعاء الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في القنوت، حيث ورد فيه: (اللهم صل علي محمد وآله محمد، وأكرم أولياءك بإنجاز وعدك، وبلغهم درك ما يأملونه من نصرك، واكفف عنهم بأس من نصر من نصب الخلاف عليك، وتمرد بمنعك علي ركوب مخالفتك...).
مستمعينا الكرام، هذا النص يتحدث عن أولياء الله تعالي، حيث يتداعي الذهن إلي أنهم المعصومون (عليه السلام)، أي الإمام المهدي نفسه ومن تحقق الرجعة من خلالهم، كما يمكن أن تتداعي الأذهان إلي من يلتحق بالحركة الإصلاحية من أولياء الله تعالي والمهم هو أن نتحدث عن الدلالات التي يرشح بها النص، وهي التوسل بالله تعالي بأن يعجل ظهور الإمام ويحقق النصر علي يده، إذن لنتحدث حول هذا الجانب.
يبدأ النص بالصلوات علي محمد وآل محمد، وهو استهلال لكل دعاء، كما هو واضح ولذلك تجسيداً لأهمية النبي (صلي الله عليه وآله) وأهل بيته، حيث أن الكون نفسه يقترن ببركات وجودهم (عليهم السلام)، فإذا تجاوزنا هذا الجانب نتجه إلي عبارة: (وأكرم أولياءك بإنجاز وعدك).
إن هذه العبارة تتميز بأهمية كبيرة من حيث كونها نستفتح الدعاء بها، وهي الحديث مباشرة عن وعد الله تعالي باستخلاف الأرض ووراثتها، إنها تتحدث عن الوعد والله لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ، ولعل - المستعمي الكريم- والقارئ لي النصوص الشرعية يستحضر إلي ذهنه النصوص المشيرة إلي أن ظهور الإمام من الْمِيعَادَ أو الوعد الذي لا يتخلف كما هو واضح، تأكيداً علي البشارة التي ينتظرها المجتمع الإسلامي في وراثته للأرض.
والسؤال هو الآن: ما هي الأسرار الكامنة وراء هذا الإستهلال الذي يتحدث عن إنجاز وَعَدَ اللَّهُ تبارك وتعالي؟
لقد قال النص: (وأكرم أولياءك) وهو نص يتحدث عن الإكرام أو التكريم، أي بمعني أننا في سياق خاص هو: التكريم بأفضل ما يمكن تصوره من العطاءات إلتي يغدقها تعالي علي أوليائه، متمثلة في ظهور الإمام (عليهم السلام).، بصفه أن ظهوره (عليهم السلام). هو التجسيد الحي لختام الرسالة الإسلامية البادئة بظهور محمد (صلي الله عليه وآله) والمختمتة بظهور الإمام (عجل الله فرجه). إذن النكتة هي: الخلافة أو الإستخلاف في الأرض. ثم ماذا نواجه من العبارات؟
يقول النص: (وبلغهم درك ما يأملون من نصرك).
إن الأمل وحده يقترن بأهمية كبيرة من حيث كونه التجسيد لمفهوم الإستخلاف، وهو- أي الإستخلاف - عندما يقترن بظاهرة(الأمل) يكتسب خطورة بما هو إمتاع وبهجة وسرور، بصفة أن الأمل هو الطاقة التي تمد المنتظر للظهور بما ينتظره من الإستخلاف الموعود به: كما هو واضح.
طبيعياً أن (النصر) من الله تعالي هو المجسد للأمل المشار إليه. لذلك يظل الأمل بالإصلاح أو الإستخلاف مرتبطاً بمدي نصر الله تعالي، وهذا ما جسدته العبارة المتقدمة، هي: (وأكرم أوليائك بإنجاز وعدك، وبلغهم درك ما يأملونه من نصرك)، ثم ماذا؟
يقول النص: (واكفف عنهم بأس من نصب الخلاف عليك وتمرد، ...)، هنا نلفت نظر قارئ الدعاء إلي أن النكات الدلالية في موضوع هذا النص من الله تعالي لأوليائه هي: إيراد الشيء وضده، أي الإشارة إلي النصر ثم إلي ما يقف خلافه من كيد العدو، حيث أن التلويح بالقضاء علي العدو يفرض فاعليته: كما هو واضح (وهو الذي نتحدث عنه في لقاء لاحق إن شاء الله).
ختاماً نسأل الله تعالي أن يعجل النصر وأن يجعلنا من أعوان الإمام (عليهم السلام). وأن يوفقنا لممارسة العمل العبادي والتصاعد به نحو المطلوب.