والبيت يعرفه والحل والحرمُ
هذا ابن خير عباد الله كلّهم
هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلمُ
إذا رأته قريش قال قائلها:
إلى مكارم هذا ينتهي الكرمُ
ينمى إلى ذروة العزّ التي قصُرت
يكاد يمسكه عرفان راحته
ركن الحطيم إذا ما جاء يستلمُ
في كفّه خيزران ريحه عبقُ
من كفّ اروع في عرنينه شممُ
يُغضي حياءً ويُغضى من مهابته
فما يُكلّم إلاّ حين يبتسمُ
ينشق نور الهدى عن نور غرّته
كالشمس ينجاب عن إشراقها القتمُ
طابت عناصره والخيم والشيمُ
بجدّه أنبياء الله قد ختموا
الله شرّفه قدماً وعظّمه
جرى بذاك له في لوحه القلمُ
فليس قولك من هذا بضائره
العربُ تعرف من انكرت والعجمُ
كلتا يديه غياث عمّ نفعهما
تستوكفان ولا يعروهما عدمُ
سهل الخليقة لا تُخشى بوادره
يزينه اثنان حسن الخلق والشيمُ
حمّال أثقال أقوام إذا فدحوا
حلو الشمائل تحلو عنده نعمُ
ما قال لا قط إلاّ في تشهده
لولا التشهد كانت لاءه نعمُ
لا يُخلف الوعد مأمون نقيبته
رحب الغناء اريب حين يغترم
عمّ البرية بالإحسان فانقشعت
عنها الغيابة والأملاق والعدمُ
من معشر حبّهم دين وبغضهم
كفر وقربهم منجى ومعتصمُ
إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم
ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا ما أزمة أزمت
الأسد أسد الشرى والبأس محتدمُ
لا ينقص العسر بسطاً من أكفّهم
سيّان ذلك ان اثروا وإن عدموا
مقدّم بعذ ذكر الله ذكرهم
من كل بدء ومختوم به الكلمُ
يأبى لهم ان يحلّ الذمّ ساحتهم
خير كريم وأيد بالندى هضمُ
أيّ الخلائق ليست في رقابهم
لأولية هذا أوله نعمُ
من يعرف الله يعرف أوّلية ذا
والدين من بيت هذا ناله الأممُ
*******
الشاعر: الفرزدق.