بسم الله وله الحمد والثناء إذ منّ علينا متفضلاً بمعرفة كنوز رحمته للعالمين محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم إخوتنا المستمعين، معكم أيها الأحبة في لقاءِ آخر مع دعاء المعرفة الجليل الذي أمرنا بتلاوته في عصر غيبة مولانا خاتم الأوصياء المهدي (عجل الله فرجه).
وقد وصلنا الى فقرة يقول المؤمن وهو يدعو لإمام زمانه قائلاً: (اللهم عجّل فرجه، وأيده بالنصر وأنصر ناصريه وأخذل خاذليه ودمدم على من نصب له وكذّب به، وأظهر به الْحَقُّ وأمت به الجور وإستنقذ به عبادك الْمُؤْمِنِينَ من الذل وأنعش به البلاد برحمتك يا أرحم الراحمين).
إنّ تعجيل فرج الإمام المهدي (أرواحنا فداه) يعني مستمعي الفاضل أن يسرّع الله عزوجل في إعانة الْمُؤْمِنِينَ على تهيأة الشروط اللازمة لنجاح حركته الإصلاحية الكبرى - عجل الله موعدها-، وإعانتهم على إزالة العقبات التي تؤخر ظهور وليه وبقيته خاتم الأوصياء المحمديين (عليهم السلام).
هذا ما عرفناه أعزاءنا من معنى العبارة الأولى في الفقرة المتقدمة كما فصلنا الحديث عن ذلك في الحلقة السابقة.
أما في العبارة الثانية فالمؤمن يطلب من ربه الكريم أن يؤيد إمامه بالنصر، فما هو المراد في هذه الدعوة؟
التأييد لغة أيها الأكارم هو من (الأيد) ويعني القوة والسلطان النافذ، ومعنى أيده الله عزوجل أن قواه على الأمر الذي هو - أي العبد - بصدده، فيكون المطلوب هو أن يقوي الله عزوجل سلطان وليه المهدي النافذ والغالب في الأشياء بما هو يسعى له من إقامة حكم الله عزوجل وتنفيذ إرادته في بسط العدالة وإنهاء الجور. أما النصر فهو أعلى مرتبة في اللغة من الفتح، والفتح مقدمة له، فالنصر هو الغلبة الكاملة وظهور حاكمية إرادة المنصوركاملة.
وننتقل مستمعينا الأفاضل الى العبارة الثالثة في الفقرة المتقدمة من دعاء المعرفة أو دعاء عصر الغيبة وهي التي نطلب من الله عزوجل أن ينصر ناصري وليه صاحب الزمان ويخذل خاذليه (عليهم السلام)، فما هو المقصود بهذا الطلب؟
يبدو أن المطلوب في هذه العبارة هو تحقيق المطلوب في العبارة التي تسبقها أي تأييد الإمام بالنصر، ولتوضيح ذلك نقول: إن الإمام المهدي (أرواحنا فداه) كجده المصطفى وآبائه الطاهرين - عليهم صلوات الله وتحياته- أقوياء في دين الله وفي تنفيذ أمره - عزوجل-، وتحقيق النصر الإلهي المؤزر للإمام (عليه السلام) يحتاج الى تقوية أنصاره وإستعدادهم المطلوب لنصرته أي تقويةالْمُؤْمِنِينَ على القيام بمهام نصرته وتحقيق أهدافه الإلهية السامية في العدالة والإصلاح.
وعليه يتضح أنّ المطلوب هو تأييد الإمام القوي والقادر على تحقيق الإرادة الإلهية بأعانة أنصاره على نصرته الحقيقية وتقويتهم وهم يتكاملون روحياً ومادياً من خلال صدق نصرتهم له (عليه السلام)، وهذا يعني مستمعينا الأفاضل أنّ الدعاء هو لعموم الْمُؤْمِنِينَ بالتوفيق لنصرة إمامهم (أرواحنا فداه) والتقرب بذلك الى الله عزوجل.
أما المطلوب الثاني في العبارة المتقدمة من هذا الدعاء فهو أن يخذل الله عزوجل خاذلي وليه وبقيته المهدي (أرواحنا فداه)، فما هو المقصود بهذا الطلب؟
معنى الخذلان هو - عزيزي المستمع- ترك المعونة والنصرة لأحدٍ عند حاجته إليها وممن يتوقع منه العون والنصرة: وبناءً على هذا التوضيح اللغوي يتبين أنّ المطلوب هو أن لا يعين الله تاركي نصرة وليه إمام زماننا المهدي (عليه السلام)، ولكن من المعلوم أنّ الله عزوجل لا يعين أحداً ولا ينصره في تحقيق ما لا يرضاه، وترك نصرة خليفته الإمام المعصوم هو بلا شك ممّا لا يرضاه الله جل جلاله، فما معنى أن نطلب من الله عزوجل أن لا يعين ولا ينصر تاركي نصرة بَقِيَّةُ اللَّهِ المهدي (عجل الله فرجه)؟
في الإجابة عن هذا السؤال نقول: إنّ المطلوب هنا هو أن يسلب الله عزوجل من خاذلي الإمام (عليه السلام) القدرة والقوة التي تفضَّل الله بها عليهم كسائر المخلوقات وبها يقومون بالأعمال التي تشتمل على خذلان حجته المهدي (عليه السلام) وبذلك يحبط أعمالهم ويضعف قواهم ويزيل بذلك إحدى العقبات التي تعترض حركة الإصلاح المهدوي.
والى هنا ايها الأخوة والأخوات ينتهي لقاؤنا بكم في حلقة اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة)، قدمناه لكم من صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، تقبل الله حسن الإصغاء والمتابعة ودمتم في رعايته سالمين.