بسم الله وله الحمد والمجد غياث المستغيثين وعون المستجيرين والصلاة والسلام على ينابيع الرحمة للعالمين محمد وآله الطاهرين.
السلام عليكم اعزاءنا ورحمة الله، تحية مباركة طيبة نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقةٍ أخرى من هذا البرنامج لنا فيها وقفة مع فقرة أخرى من دعاء عصر الغيبة الموسوم بدعاء المعرفة، والفقرة التي وصلنا إليها هي التي يتوجه فيها المؤمن الى الله جل جلاله داعياً لإمام زمانه المهدي المنتظر (أرواحنا فداه) قائلاً: (اللهم عجّل فرجه، وأيِّده بالنصر، وأنصر ناصريه، وأخذل خاذليه ودمدم على من نصب له وكذب به ، وأظهر به الحق، وأمت به الجور، واستنقذ به عبادك المؤمنين من الذل وأنعش به البلاد ... يا أرحم الراحمين).
الدعاء لإمام العصر (عليه السلام) بالفرج هو مما ورد التأكيد عليه في كثيرٍ من الأحاديث الشريفة منها ما روي عن الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه) أنه قال: (وأكثروا من الدعاء بالفرج فإن في ذلك فرجكم). ولكن ما هو المقصود بتعجيل الفرجالمهدوي؟
الأجابة واضحة والمتبادرة الى الذهن وللوهلة الأولى هو أنّ المطلوب تعجيل ظهوره (عليه السلام) فهذا ما يطلبه الداعون له بالفرج أو أكثرهم وفيه – في الواقع – فرجهم كما جاء في الحديث المهدوي المتقدم، بل وفرج البشرية والخلق أجمعين لأنّ فيه نجاتها من أزمات الظلم والجور التي تعتصرُها.
ولكن لماذا ينسب الدعاء - وهو صادرٌ عن إمامٍ معصوم - (الفرج) الى إمام العصر (عليه السلام) بالذات وليس الى الناس؟ لعلَّ في ذلك إشارة الى حقيقة أنّ تحقق الفرج للإمام المنتظر (أرواحنا فداه) هو مبدأ تحقق الفرج للمؤمنين وللبشرية جمعاء وبدونه لا يتحقق لها الفرج المطلوب.
وهنا يبرز سؤال آخر هو: ما هو الفرج الخاص بالإمام والذي يتحقق بتحققه الفرج للمؤمنين وللبشرية جمعاء؟ الإجابة تأتيكم بعد قليل فكونوا معنا.
للإجابة عن السؤال المتقدم: نشير أولاً الى أنّ من الواضح لمن راجع النصوص الشريفة أنّ الله عزوجل قد جعل أهل بيت النبوة (عليهم السلام) رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ وقد أغناهم من فضله فهم أغنياءُ بالله عن خلقه وكل ما يقومون به هو لصالح الخلق لا يطلبون منهم جَزَاء وَلا شُكُوراً.
من هنا فإنّ فرج الإمام (عليه السلام) إنما هو مقدمة لتحقق الخير والصلاح للخلق ولا حاجه للإمام نفسه إليه إلا بما فيه أداءٌ للمسؤولية الإلهية الملقاة على عاتقه كخليفةٍ لله عزوجل وعامل إيصال فيضه ورحمته لِّلْعَالَمِينَ. وعليه نفهم معنى نسبة الفرجللإمام المهدي (أرواحنا فداه)، ونعرف أنّ المطلوب هو أن يعجّل الله عزوجل في تهيأة الأوضاع المناسبة لظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، أي أن يزيل العقبات التي تحول بين الإمام وبين إعلان ثورته الإصلاحية الكبرى.
ولكن كيف يتحقق ذلك وقد جرت سنة الله عزوجل بأن يجري الأموربأسبابها الطبيعية؟
في الإجابة عن السؤال المتقدم: نقول إنّ السبب الرئيسي الذي أدّى الى غيبة خاتم الأوصياء الإمام المهدي (عجل الله فرجه) هو عدم وجود العدد الكافي من الأنصار الصادقين القادرين على مؤازرته في إنجاز حركته الإصلاحية الكبرى. ومصداق تعجيل الله عزوجل لفرج بقيته المهدي (عجل الله فرجه) هو أن يُعينُ عزوجل المؤمنين في جهودهم للتحلّي بصفات انصار المهدي المخلصين الصادقين ويسرّع في وصولهم لذلك لكي يتحقق الشرط الرئيسي لظهوره (سلام الله عليه) وهو توفرُ العدد اللازم من الأنصار المؤازرين. وهذه الإعانة لا تتعارض مع سنة الله عزوجل في إجراء الأمور بأسبابها لأنّ المطلوب هو غربلة العباد وإيصالهم الى مرتبة الإستعداد لنصرة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)، وهذا الأمر مُتحققٌ من خلال سعيهم لذلك وإعانة الله لهم من مزيد التوفيق الذي يُسرِّعُ في تحقق مطلوبهم مقدمة لتوفر أحد الشروط اللازمة لظهوره (عليه السلام).
والأمر نفسه يصدق على الشروط الأخرى لظهورالمهدي الموعود (أرواحنا فداه) مثل تشوق الناس إليه ويأسهم من قدرة المدارس الفكرية والسياسية الأخرى على إنقاذ البشرية من أزماتها، الله عزوجل يُعجِّل لفرج الإمام من خلال إظهارآيات تؤدِّي الى بعث وتقوية تشوُّق الناس للفرج المهدوي واليأس من غيره (عليه السلام).
إنتهى أحباءنا الوقت المخصص لحلقة اليوم من برنامج (ينابيع الرحمة) قدمناها لكم من إذاعة صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، تقبل الله منكم جميل المتابعة ودمتم في رعايته سالمين.