السلام عليكم ايها الأحباء وأهلاً بكم، معكم ووقفة اخرى في رحاب نور المعرفة التوحيدية الخالصة التي تشتمل عليها ادعية اهل بيت النبوة (عليهم السلام).
في هذا اللقاء نتدبر معاً في الفقرة التالية التي انتهينا اليها من الدعاء الذي امرنا به امام زماننا بقية الله المهدي (عجل الله فرجه) بعد زيارة جده الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء؛ والفقرة هي قول الزائر: (اللهم انا نتوسل اليك بهذا الصدِّيق الإمام، ونسألك بالحق الذي جعلته له، ولجده رسولك، ولأبويه علي وفاطمة اهل بيت الرحمة، ...).
الفقرة الأولى الخاصة بالتوسل تحدثنا عنها في الحلقة السابقة، ونتوقف هنا للتدبر في الفقرة الثانية، فنسعى اولاً الى التعرف على الحق الذي جعله الله للإمام الحسين (عليه السلام) وجده وأبويه عليهم جميعاً صلوات الله، فما هو هذا الحق؟ ولماذا نسأل الله عزوجل به؟
التدبر في الفقرة المتقدمة وطبيعة صياغتها اللغوية يوصلنا الى القول بأن الحق الذي جعله الله عزوجل للإمام الحسين وجده ووالديه هو في الأصل من سنخ او نوع واحد؛ فما هو هذا الحق؟
في الإجابة عن هذا السؤال يمكن ان ننطلق من الحديث الشريف المشهور الوارد بشأن الإمام الحسين (عليه السلام) والذي يصرح بأن الله تبارك وتعالى قد عوّض سيد الشهداء عن شهادته بأن جعل الأئمة من ذريته والشفاء في تربته وإجابة الدعاء تحت قبّته.
فيمكن ان نفهم من هذا الحديث ان الحق الذي جعله الله عزوجل على نفسه للإمام الحسين (سلام الله عليه) يتضمن خصوصيات عدة منها اجابة الدعاء تحت قبته.
ولذلك فإن الداعي – وهو زائر الحسين ايضاً - يسأل الله بهذا الحق لكي يضمن اجابة الله جل جلاله لدعائه.
وإستناداً، لما قلناه انفاً من ان الحق الذي جعله الله عزوجل على نفسه لسائر اهل بيت الرحمة المحمدية (عليهم السلام) هو من نوع واحدٍ، يتضح ان هذا الحق المشترك هو قبول الله عزوجل لدعاء من يسأله بحقهم الناتج من عظيم ما قدموه في سبيل الله وما تحملوه من اشكال الأذى من اجل هداية عباده لدينه وإنقاذهم من الجهالة وحيرة الضلالة ونقلهم الى انوار الحياة الكريمة.
وبعبارة اخرى يمكن القول بأن هذا الحق هو قبول الله سبحانه وتعالى لشفاعتهم (عليهم السلام) فيمن سأله عزوجل بهم.
وهذا المعنى صرحت به كثير من الأحاديث الشريفة ونصوص الأدعية والزيارات المروية عنهم (عليهم السلام)، وهنا ينبغي ان نشير الى نقطة مهمة هي ان المعنى المتقدم هو احد المصاديق التي يشتمل عليها الحق الذي جعله الله عزوجل على نفسه لمحمد وآله (صلى الله عليه وآله)، فهذا الحق يشتمل على مصاديق وشؤون اخرى لا يتسع المقام للحديث عنها، وقد اخترنا المعنى المتقدم لارتباطه بموضوع الفقرة وهو السؤال والطلب من الله عزوجل بحقهم (عليهم السلام) لضمان الإجابة.
ونلاحظ في الفقرة المتقدمة وصفها لمحمد وآله صلوات الله عليهم اجمعين بأنهم (أهل بيت الرحمة)، فما هو المغزى من هذا الوصف؟
لعل استخدام هذا الوصف يستهدف تقوية روح حسن الظن والرجاء في قلب الداعي باستجابة دعائه، لأن في وصفهم (عليهم السلام) بأنهم اهل بيت الرحمة يجعل الداعي يطمئنّ بأنهم (عليهم السلام) سيشفعون له حتماً عند الله لكي يستجيب دعاءه رحمة به.
ثم ينتقل النص الدعائي الى الطلب من الله عزوجل ان يتفضل على الداعي بإدرار الرزق الذي به قوام الحياة وصلاح احوال العيال، وهذا مطلب مهم لكل انسان بصورة عامة وللمؤمن بصورة خاصة، ما سنبينه في الحلقة المقبلة من برنامج (ينابيع الرحمة) ان شاء الله. شكراً لكم لطيب الإصغاء لهذه الحلقة من هذا البرنامج الذي تستمعون له من اذاعة طهران، طابت اوقاتم بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله.