بسم الله وله الحمد والمجد سامع الدعاء ومنزل النعماء، وأزكى صلواته المتناميات على خيرته الأصفياء سيد الأنبياء وآله الأوصياء.
السلام عليكم أيها الأعزاء، معكم في رحاب أدعية أهل بيت النبوة (عليهم السلام) في لقاء آخر نتابع فيه إستلهام عبر ودروس الحياة التوحيدية الطيبة من الدعاء الذي أمرنا بتلاوته مولانا الإمام المهدي (أرواحنا فداه) بعد زيارة جده سيد الشهداء (سلام الله عليه) في يوم عاشوراء.
وقد وصلنا الى قوله (عليه السلام): (فصل على محمدٍ رسولك الى الثقلين وسيد الأنبياء المصطفين وعلى أخيه وابن عمه اللذين لم يشركا بك طرفة عين أبداً وعلى فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وعلى سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين صلاة خالدة الدوام عدد قطر الرهام وزنة الجبال والآكام، ما أورق السلام واختلف الضياء والظلام، ...).
مستمعي الكريم بعد تمجيد الله والإقرار بالربوبية ولمحمد (صلى الله عليه وآله) بالنبوة العامة وكونه صاحب المنزلة العليا وأقرب الخلق الى الله عزوجل، يطلب الداعي في هذه الفقرة من الله عزوجل أن يصلي على رسوله الأعظم بالصلاة التي تناسبت مقامه الشريف كما تشير الى ذلك صفة هذه الصلاة التي يطلبها الداعي في نهاية الفقرة.
وقد تعدّدت أقوال المفسرين والعلماء في معنى الصلاة على رسول الله التي أمر بها الله عزوجل في كتابه المجيد في الآية ٥٦ من سورة الأحزاب.
والمستفاد من التدبر في أحاديث العترة المحمدية (عليهم السلام) الواردة في تفسيرها أنّ صلاة المؤمنين على رسول الله (صلى الله عليه وآله) هو دعاءٌ يطلبون فيه من الله عزوجل أن يزيد في إظهار شرفه (صلى الله عليه وآله) من قبل المؤمنين كما أشار لذلك الإمام الباقر (عليه السلام) في حديثه الوارد في تفسير علي بن ابراهيم.
وعليه فإنّ دعاء صلاة المؤمنين على رسول الله يتضمن طلباً من الله عزوجل بأن يزيدهم معرفة ومحبة له (صلى الله عليه وآله) وهذا يعني نزول أعظم مراتب الرحمة الإلهية بالمؤمنين، والى هذا يشير مولانا الإمام الرضا (عليه السلام) في حديثه المروي في أصول الكافي وقد سأله الراوي عن معنى الصلاة على رسول الله فقال: (... وقد صلى الله عليه ورحمه، وإنما صلواتنا عليه رحمة لنا وقربه).
وإنطلاقاً مما رواه علماء الفريقين من نهي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الصلاة البتراء، يقرن الداعي في طلب الصلاة على رسول الله، الآل به (صلى الله عليه وآله) ويبدأ بذكر الوصي المرتضى (عليه السلام) وهو نفس رسول الله كما نصت عليه آية المباهلة فيصفه بوصف (الأخ) لرسول الله وهو الوصف المستفاد من حديث المؤاخاة المتواتر من طرق الفريقين.
ونلاحظ هنا أن النصّ المتقدم أردف وصف (الأخ) بوصف (ابن العم) وذلك للتنبيه الى أن المراد هو الأخوة المعنوية بمعنى السنخية في المرتبة الإيمانية، ولذلك أشار الدعاء الى أهم مظاهر هذه السنخية المرتبة وهو عدم إشراكهما عليهما وآلهما أفضل الصلاة والسلام- بالله طرفة عين أبداً، ونشير هنا الى إجماع المسلمين بمختلف مذاهبهم على اختصاص الإمام علي (عليه السلام) من بين جميع الصحابة بأن الله قد كرّم وجهه عن الشرك.
ويستفاد من تتمة دعاء الصلوات هذا اشتراك آل محمد (صلى الله عليه وآله) وأهل الكساء خاصة مع رسول الله في المرتبة الإيمانية المشار إليها، فيذكر النصّ فاطمة الزهراء بوصف سيدة نساء العالمين ثم الحسنين بوصف سيدي شباب أهل الجنة ، وهذه الأوصاف قد صحت الرواية من طرق الفريقين بأن رسول الله قد أطلقها عليهم وفي ذكرها هنا تأكيدٌ على سر اختصاصهم بأن تكون الصلاة عليهم مقترنة بالصلاة على جدهم المصطفى (صلى الله عليه وآله).
وفي ختام هذا المقطع يذكر الإمام المهدي (عليه السلام) صفة الصلاة التي يطلبها من الله عزوجل أن يصلي بها على رسوله وآله وهي صلاة خاصة بمقامهم الشريف ومرتبتهم الإيمانية التي هي أعلى مراتب الإيمان قاطبة.
ولذلك يطلب الداعي من الله عزوجل أن يصلي عليهم بأعلى مراتب الصلاة كماً وكيفاً فيطلب (صلاة خالدة الدوام) أي مستمرة متواصلة دون حدود وعدد قطر الرهام أي عدد قطر المطر الكثيف، وزنة الجبال والآكام أي التلال ما أورق السلام وهي أشجار القصب، وما أختلف الضياء والظلام، وكلّ هذه التعبيرات يراد منها تعظيم ما يطلبه الداعي من الصلاة وبالتالي من معرفة ومحبة محمد وآله الطاهرين وبالتالي الفوز برحمة الله وقربه ببركتهم صلوات الله عليهم أجمعين.
إنتهى أحباءنا مستمعي إذاعة طهران لقاء اليوم من برنامج (ينابيع الرحمة) شكراً لكم ودمتم بكل خير.