لانزال نحدثك عن الادعية المباركة ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) الخاص بقراءته بعد زيارته حيث ورد فيه: (اللهم صل على محمد حجتك)، الى ان يقول: (والداعي الى سبيلك، والقائم بقسطك، والثائر بأمرك) .
ان هذه السمات الثلاث (الداعي) و(القائم) و(الثائر): تعني مجموعة سمات تحدد سمات الامام (عليه السلام) في حركته الاصلاحية للعالم …، انها تمثل (في جملة ما تتمثل به من السمات التي حدثناك عنها في لقاء سابق) في انه (عليه السلام): (الداعي الي سبيلك، والقائم بقسطك، والثائر بأمرك)، اي: الى ما انتخبه الله تعالى من المبادئ لامة محمد صلى الله عليه واله وسلم حيث انه (عليه السلام) يضطلع بهذه المهمة عند ظهوره، ثم هو (عليه السلام) (القائم بقسطك)، اي: المحقق مبدأ العدالة في حركته (عليه السلام)، حيث انه (عليه السلام) يملأ الارض عدلاً بعدما ملئت ظلماً، ثم (الثائر بأمرك) ان حركته الاصلاحية هي: استجابة لامر الله تعالى بأن ينتشر دين الاسلام في مبادئه التي رسمها تعالى بعد ان حرفها اعداء الله تعالى.
بعد هذه السمات الخاصة بشخصيته (عليه السلام) من حيث نهوضه بحركته الاصلاحية نواجه مجموعة سمات اخرى من حيث الآثار المترتبة على ظهوره وهي انه تعالى: (وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ)، حيث أن الولاية يترتب عليها من خلال نهوضه (عليه السلام) بحركته الاصلاحية: (بوار الكافرين) و(جلاء الظلمة) و(وضوح الحق)، و(النطق بالحكمة والصدق)، إن هذه الصفات تضطلع بأبادة الكافرين بعامة ثم ما يشاهد (عليه السلام) من الانحرافات حيث يزيلها، وهذا ما عبرت عنه صورة فنية استعارية او رمزية هي صورة: (مجلي الظلمة)، اي: مزيل الانحراف: كما هو واضح. ثم ماذا بعد ازالته للانحراف؟
انه (عليه السلام) (منير الحق) وهذا ما يترتب على زوال الباطل الذي هو (الظلمة) حيث يترتب على الزوال انبثاق النور بدلاً من الظلمة وهذا النور هو (الحق) هو مبادئ الله تعالى، حيث رمز الدعاء لهذه الظاهرة بعبارة: (منير الحق) وهي عبارة فنية رمزية او استعارية، مضافاً الى كونها تعتمد عنصر التقابل بين (الظلمة) وبين (الحق)، او النور: كما لاحظناه.
بعد ذلك نواجه مرحلة جديدة هي انه (عليه السلام): (الناطق بالحكمة والصدق، وكلمتك التامة في ارضك، ...) . هاتان العبارتان لهما اهميتهما الدلالية في سياق مالاحظناه من السمات والوظائف الاصلاحية للامام (عليه السلام) حيث نعته الدعاء بانه (عليه السلام): (الناطق بالحكمة والصدق) وانه (عليه السلام): (كلمتك التامة)، فماذا تعني هاتان العبارتان؟
العبارة الاولي تعني: انه (عليه السلام) (الناطق بالحكمة والصدق)، والسؤال هو: لماذا انتخب الدعاء ظاهرتي (الصدق)و(الحكمة)؟
الجواب: اما الحكمة فتعني: ان المبادئ التي رسمها تعالى لعباده وأمر الامام (عليه السلام) بنشرها في حركته الاصلاحية انما تجسد الموقف الحكيم الذي رسمه تعالى لعباده في جعلهم خلفاء في أرضه واما الصدق فلأن الامام (عليه السلام) نشر هذه المبادئ من خلال الصدق الذي واكب نشرها دون أن يضمنها ما لا يتوافق والمبادئ المرسومة.
يبقى ان نحدثك عن العبارة التي ختم بها هذا المقطع او المرحلة من الحركة الاصلاحية للامام (عليه السلام) حيث ختم ذلك بعبارة: (وكلمتك التامة)، ان الكلمة التامة، تعني (من حيث كونها رمزاً فنياً): ان الامام (عليه السلام) هو المعبر في مهمته الاصلاحية عن ارادة الله تعالى وهي: المبادئ المرسومة لمجتمع ما بعد الظهور حيث اراد الله تعالى ذلك.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من الحركة الاصلاحية وما واكبها من السمات التي يتسم بها الامام (عليه السلام) في مسيرته التي يملأ بها الارض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، سائلين الله تعالى ان يعجل ظهور الامام (عليه السلام) وان يجعلنا من اعوانه وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.