البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم مالك الملك، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 10:37 بتوقيت طهران

لانزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها دعاء الامام المهدي (عليه السلام) في قنوته، حيث يبدأ على هذا النحو: «اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»، بهذه الالفاظ القرآنية يستهل الامام المهدي (عليه السلام) قنوته، وهو اقتباس او تناص او تضمين مباشر اي: ليس من خلال الاقتباس الدلالي بل اللفظي اي: اقتباس الآية لفظاً ودلالة، والمهم هو: ان نحدثك ولو عابراً عن اهمية آية مالك الملك، وانعكاسها على دعاء الامام (عليه السلام).
لا تحسب ان الآية المباركة تتسم بما هو مضبب من الدلالة بل الدلالة واضحة وضوحاً سافراً، انها تقرر اولاً بان المالك الحقيقي للوجود في شتى مستوياته هو الله تعالى، وانه يؤتي هذا الملك او ذاك لمن يشاء من عباده كما انه ينزعه عنه ايضاً اذا تطلبت المصلحة ذلك، وسنرى بعد قليل ان الاية تشير الى ان الله تعالى (بيده الْخَيْرُ)، وهذه الجملة لها اهميتها الكبيرة، لانها تستهدف الاشارة الى ان الله تعالى حينما يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء انما تعبير عن «الْخَيْرُ» لأن الله تعالى لايفعل الا الخير، وفي ضوء ذلك نفسر قوله تعالى: «تُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء»، حيث ان الاعزاز والاذلال ينطويان على ما هو (خير للبشر) دون ادنى شك.
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً على هذا النحو: (يا ماجد، يا جواد، يا ذا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ ، يا ذا البطش الشديد، يا فعالاً لِّمَا يُرِيدُ، يا ذا الْقُوَّةِ الْمَتِينُ، يا رؤوف يا رحيم، يا لطيف، يا حي حين لا حي) ، هذا المقطع من الدعاء، قد استهله الدعاء بكلمة او بصفة(يا ماجد) والمجد هو العزة والرفعة، مما يعني ان الله تعالى (عزيز) و(رفيع) وهذان أو هذا احد اسمائه تعالى: بطبيعة الحال، وقد وردت الصفة الثانية بكلمة (يا جواد)، هنا لعلك تتساءل عن الصلة بين المجد والجود، او بين (ماجد) و (جواد) فنقول: ان الماجد هو العزيز الرفيع، والعزيز الرفيع يتفضل ويجود على عبده بما يتطلع العبد اليه، والجود هو أعلى المستويات التي يتطلع الانسان اليه، بصفة ان الفارق بين (الجود) و(الكرم) ان (الجواد) هو الذي يعطي عبده دون ان يسأله العبد، واما الكريم فهو الذي يعطي بعد ان يسأل، وهذا يعني: ان صفة (يا جواد) هي اعلى من غيرها، بحيث تتجانس مع العلو الذي عبر الدعاء عنه بصفة (يا ماجد) .
بعد ذلك نواجه عبارة (يا ذا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)، هنا نحسبك ايضاً بانك ستسأل عن الفارق بين (الْجَلاَلِ) وبين (الإِكْرَامِ) فنقول: الفارق هو ان صفة (يا ذا الْجَلاَلِ) تعني: صفة (العظمة) قبالة ما هو الدونية، وهي صفة تتناسب مع سابقتها (الماجد) من حيث تجانسهما في ما هو رفيع وعال وعظيم الخ، واما صفة (الإِكْرَامِ) فتعني: كما ورد في اللغة ما يطلق على احسن وارضى واحمد من كل شيء، وهذا يعني انه تعالى ذو صفة متفردة هي: الاعلى من الصفات الحميدة، مما تتسق مع ما سبق ان لاحظناه من العلو في صفاته المتقدمة: كالماجد والجواد الخ.
اذن امكننا ان نتبين جانباً من العبارات الواردة في الدعاء، وسنحدثك عن العبارات الباقية في هذا المقطع من الدعاء في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يجعلنا من انصار الامام المهدي (عليه السلام) وان يمنحنا ما ورد في دعائه من الاشارة الى كرم الله تعالى، وان يوفقنا لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة