البث المباشر

شرح فقرة: "واكفني شر الاشرار وطهرني، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 10:25 بتوقيت طهران

لانزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها ادعية الامام المهدي (عليه السلام)، حيث حدثناك عن احد ادعيته الخاص بقراءته في مشهد الامام الحسين (عليه السلام)، وانتهينا من ذلك الى مقطعه الاخير على هذا النحو: (اللهم صل على محمد وال محمدالاخيار، في آنَاء اللَّيْلِ، وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، واكفني شر الاشرار، وطهرني من الذنوب والاوزار، وأجرني من النار، وادخلني دار القرار، واغفر لي ولجميع اخواني فيك واخواتي المؤمنين والمؤمنات برحمتك يا ارحم الراحمين)، ان هذا المقطع الختامي للدعاء ينطوي على اجمال لحاجات الانسان التي فصل الدعاء كثيراً منها خلال المقاطع المتنوعة، والحاجات هي: كفاية الشر التطهير من الذنب، الخلاص من النار، الدخول الى الجنة، والغفران للاخوة والاخوات في الايمان، يضاف بطبيعة الحال تصدير الختام بالصلاة على محمد واله والقسم برحمته تعالى، ونحاول الآن: القاء الاضاءة على هذه الحاجات، فماذا نستخلص؟
لا ترديد في ان نجاح الانسان في ممارسته العبادية هي اولى حاجاته، وعملية التطهير من الذنوب تعد تتويجاً او تمهيداً للتخلص من موانع العمل العبادي، وهذا ما تكفلته العبارات التي تتحدث عن الجانب المذكور، كما ان التوسل بالغفران للذنوب ثم الاجارة من النار، والدخول الى الجنة تعد: هي الحصيلة المترتبة على نجاح العمل العبادي فمثلاً في التطهير من الموانع، لكن تبقى ثمة نكات لامناص من ملاحظتها في هذا المقطع الختامي منها: الفارق بين الذنب والوزر في قوله (عليه السلام): (وطهرني من الذنوب والاوزار)، واستخدام عبارة (دار القرار) بدلاً من (الجنة) في قوله (عليه السلام) (واجرني من النار وادخلني دار القرار)واستخدام عبارة: (آنَاء اللَّيْلِ، وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) في قوله (عليه السلام): (اللهم صل على محمد وآل محمد الاخيار في آنَاء اللَّيْلِ،وَأَطْرَافَ النَّهَارِ) بدلاً من قوله مثلاً اللهم صل على محمد وال محمد أبداً او دائماً الخ، هذه النكات لابد لنا من توضيحها الآن.
بالنسبة الى الفارق بين (الذنب) و(الوزر) ان الوزر هو الذنب ولكنه اعم منه من حيث كونه يتسم بالثقل، لان الوزر هو الثقل وهذا يعني: خطورة المعصية بما تقترن من حملها على ظهر العبد، وما تترتب عليه من المسؤولية الكبيرة.
واما استخدام عبارة (وادخلني دار القرار) بدلا من عبارة (الجنة) ففي تصورنا ان الشخصية العبادية الواعية تستهدف اولاً رضاه تعالى قبل الجنة لذلك ورد في القرآن الكريم وفي الحديث ما يوحي الى تفضيل رضاه تعالى على الجنة كالاشارة في قوله تعالى:«وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ» وهذا يعني ان رضاه تعالى هو المطلوب اولاً، حيث يتسق مع عباده الاحرار الذين ينشدون عبادته من اجله تعالى لا هروباً من النار او طمعاً بالجنة، يضاف الى ذلك اهمية الحياة الخالدة للمؤمن متمثلة في دار القرار الابدي.
وأما استخدام (آنَاء اللَّيْلِ، وَأَطْرَافَ النَّهَارِ)، ففي تصورنا ان هذا يتسق مع النصوص الواردة بالنسبة الى الصلاة والادعية في تحديد الاوقات لذلك اي: اقتران سلوك العبد مع الصلوات التي يطلبها او يتوسل بالله تعالى بان يصليها على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واله عليهم السلام والا فان الله تعالى هو العالم بمدى صلاته عليهم وتحقيقه لذلك على العكس من العبد الذي يتوسل بالله تعالى بما يتسق وطبيعة وظائفه المحدودة، كما هو واضح.
اذن تبين لنا جانب من الاسرار الكامنة وراء الاستخدام لعبارات خاصة وردت في الدعاء المذكور، سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى رضاه والجنة، ومن ثم نسأله ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة