البث المباشر

شرح فقرة: "أسالك علماً نافعاً وقلباً خاشعاً، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 10:17 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن الادعية، ومنها ادعية الامام المهدي (عليه السلام)، حيث حدثناك عن احدها، وهو الخاص بقراءته في مشهد الامام الحسين (عليه السلام)، وانتهينا من ذلك الى مقطع ورد فيه: (اللهم اني اسألك علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ويقيناً صادقا، وعملاً زاكياً، وصبراً جميلاً واجراً جزيلاً)، هذا المقطع من الدعاء يحفل بموضوعات متنوعة، يتصل بعضها بالعلم، والاخر بالعمل، والثالث بالنفس وهكذا، وقد سبق ان لاحظنا مسائل اقتصادية واجتماعية وفردية و… الخ، قد عرض لها الدعاء مما نكتشف من خلالها اهمية الادعية من حيث كونها تتناول مختلف شؤون الانسان، المهم: نحن الآن امام جملة من التوسلات اولها: التوسل القائل: (اللهم اني اسألك علماً نافعاً)، والسؤال هو: ما المقصود بالعلم النافع؟
ان العلم في التصور الاسلامي يختلف عن العلم في التصورات الارضية، حيث يحصر الاسلام العلم اولاً في التفقه بالامور الشرعية اي: ما ينبغي على الشخصية من الممارسات التي امر بها الله تعالى أو نهى عنها أو ندب اليها أو كرهها او جعلها مباحة، واما سائر المعرفة فتحتل موقعاً ثانوياً بقدر ما ينتفع بها الانسان في دنياه، وعدا ذلك فيعد علماً لافائدة فيه وهذا ما يمكن ملاحظته في تعقيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات مرة وهو جالس في المسجد حيث دخل احد الاشخاص واشار الناس اليه بـ (علامة) فسأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بان الشخص المذكور: (علامة) بأي شيء، فأجابوا بانه عالم بالانساب وبالاشعار والخ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): هذا علم لا ينفع من علمه، ولا يضر من جهله، اذن العلم المطلوب هو: ما يرتبط بتفقه الامور العبادية، وما ينتفع به الاخرون، وما عدا ذلك فهو: اما محظور الزاماً: كتعلم السحر وامثاله او مكروه أو لا فائدة فيه.
بعد ذلك نواجه عبارة (وقلباً خاشعاً)، فماذا نستلهم منها؟
الخشوع هو: خضع وذل وسكن قلبه (اي: قارئ الدعاء) وهذا تجسيد لحالة نفسية، بينما لاحظنا الفقرة السابقة تجسيداً لحالة عقلية، والمهم هو: ان العقل والنفس لا ينفصل أحدهما عن الاخر في ضوء السلوك الاسلامي الذي يجسد وحدة لا ينفصل جزء منها عن الاخر، فالعالم مثلاً يخشع قلبه بالضرورة اذا كان قد عمل بعلمه، والخاشع هو: العالم بعظمة الله تعالى وبابداعه وعطائه ورحمته الخ.
بعدها: نواجه عبارة (ويقيناً صادقاً)، ترى: ماذا نستلهم من العبارة المتقدمة؟
ونحسبك متسائلاً تقول: (اليقين) هو الصدق في المعرفة بالشيء فلماذا يقول الدعاء (يقيناً صادقاً)؟ وهل يمكن التصور بان يمتلك احد الأشخاص يقيناً وهو غير صادق؟
الجواب: اليقين الصادق: العلم القائم على معرفة الامور العبادية والعمل بها، اما اذا كان مجرد (معرفة) نظرية فلايكون اليقين العلمي صادقاً في هذه الحالة، او اذا كان يقيناً فاسداً: كالمذاهب العلمانية أو المنحرفة عن خط اهل البيت (عليهم السلام) فهو: يقين كاذب دون ادنى شك.
بعدها نواجه عبارة (وعملاً زاكياً)، هذه العبارة تتويج لما حدثناك عنه الآن، حيث ان العمل الزاكي هو المتسم بما هو طاهر لا دنس فيه، فمثلاً في الالتزام بالمبادئ التي رسمها الله تعالى، مقترناً بالخشوع القلبي كما اشرنا متجذراً باليقين العلمي: كما اشرنا ايضاً، اذن المفردات التي لاحظناها في المقطع وهي: العلم النافع، اليقين الصادق، القلب الخاشع، العمل الزاكي، تظل مفردات من السلوك المترابط بعضه مع الاخر بالنحو الذي حدثناك عنه الآن.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة