خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: حدّثنا ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان عن قصة هذه القصيدة والجانب الغالب فيها ومظاهرالروعة والجمالية فيها في صورها وإستعراضها وتمثيلاتها والتي أدت الى خلودها وذيوع صيتها، اعزائي نرحب بضيفنا لهذا اليوم الأستاذ الدكتور سعد الشحمان أهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: وأنا بدوري أرحب بكم وبالمستمعين الأحبة عبر هذه الحلقة الجديدة من البرنامج
المحاورة: نعم شكراً لحضوركم، نرجو من حضوركم حضرة الأستاذ أن تقدّموا للمستمعين الكرام صورة مختصرة عن شخصية الشاعر.
الشحمان: إعتدنا أن نبدأ بإسم الشاعر ولقبه. الذنبياني أسمه زياد بن معاوية الذبياني من قبيلة بني ذبيان وأما بالنسبة الى النابغة فهو لقبه ورويت الكثير من الروايات حول سبب تسميته او تلقيبه بالنابغة إلا أنه على كل حال كان نابغة والنبوغ هو معنى من معاني الإبداع، لاشك أنه كان شاعراً نابغة كبيرة يُمثل مرحلة من مراحل تطوّر الشعر العربي وربما لهذا السبب لُقب بالنابغة.
النابغة كان شاعر قبيلته ذبيان وكان سفير قبيلته الى بلاطي المناذرة والغساسنة أثناء حروب قبيلته مع القبائل الأخرى او مع الغساسنة حتى قيل أن النابغة كان شاعر البلاط وإنه أول من إتخذ من الشعر وسيلة للتكسّب، إشتهر بالقصائد الإعتذارية الرائعة التي قالها في الملكين ملك الحيرة وملك غسّان ومجموعة القصائد التي قالها في هؤلاء الملوك تعتبر من روائع شعره ومن روائع الشعر العربي بشكل عام فقد قيل عن النابغة إنه أشعر الناس اذا رعب يعني إذا إعتراه الخوف والرعب من الحاكم او من الملك، كان هذا الخوف يدفعه أن يأتي بالمعاني المُبتكرة الجديدة في قصائده وهذا المعنى مُستنبط بطبيعة الحال من الإعتذاريات التي قالها وخاصة في ملك الحيرة النعمان وكل هذه القصائد كانت تشي بخوف النابغة وحذره من هذين الملكين وهذا الخوف قد بلغ مداه في نفس الشاعر، بلغ مستويات عالية جداً دفعت الشاعر أن يأتي بالشيء الجديد في هذا المجال وبالمعاني المُبتكرة التي دفعت النقّاد الى إعتبار إعتذارياته بعد المعلقة، معلقته الشهيرة إعتبروها من أفضل او ممكن أن نقول من أفضل قصائد الشاعر على الإطلاق.
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً دكتور لهذه الإيضاحات، نأخذ فاصل قصير ومن ثم نواصل حديثنا مع ضيف البرنامج. إبقوا معنا
المحاورة: أحييكم من جديد مستمعينا الكرام وأنتم برفقة برنامج سيّر القصائد من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، نتحدث في هذه الحلقة عن إعتذاريات النابغة الذبياني هذا الشاعر الجاهلي، نواصل حديثنا مع خبير البرنامج، اهلاً بكم من جديد أستاذ سعد الشحمان. حدثونا لو سمحتم أستاذ عن قصة القصيدة وهي إعتذارية النابغة الذبياني وعن الجانب الغالب عليها ومظاهر الروعة والجمالية في صورها وفي إستعاراتها وتمثبلاتها والتي أدّت الى خلودها وذيوع صيتها
الشحمان: نعم أجمع الرواة على أن خوفه كان من ذهابه الى الغساسنة في الشام آنذاك من دون أن يستأذن النعمان في ذلك وكان بلاط النعمان مليئاً بالحسّاد والوشاة فوشوا بالشاعر وكادوا به وتآمروا عليه الى حد أن النعمان أضمر الحقد على الشاعر مع أن الشاعر كما تفيد الرويات الصحيحة لم يذهب الى الغساسنة إلا لإنقاذ أسرى قبيلته من سجن الحارث الغسّاني ملك الشام علماً أن إحدى بنات الشاعر كانت من بين هؤلاء الأسرى ولعلها هي التي ذُكرت في مطلع قصيدته البائية الرائعة التي يمدح بها الحارث الغسّاني قائلاً:
تليني هم يااميمة ناصبي
وليل أقاسيه قليل الكواكب
فكما قلنا كان بلاط النعمان بن منذر كان وكراً للدسائس والمتاعب وتلفيق التهم والإيقاع بهم وقد راح ضحية هذه المكائد والمؤامرات الكثير من البارزين في مجال الشعر العربي ومنهم الشاعر المعروف طرفة بن العبد وعبيد بن الأبرص وغيرهما فأنشد النابغة هذه القصيدة في الإعتذار من ملك الحيرة النعمان بن منذر فجاءت هذه القصيدة من روائع الشعر العربي وتوالت فيها الإعتذارات الى الملك النعمان بن المنذر كما نرى ذلك في قوله:
اُنبئت أن أبا قابوس أوعدني
ولاقرار على زئر من الأسد
فلا تتركني بالوعيد كأنني الى
الناس مطلي به القار هجره
فالشاعر في هذا البيت يُصوّر خوفه من هجر النعمان وجفاءه فتركه على هذا التهديد والوعيد وجعله كأنه منبوذ من الناس ومن البلاط وهذا كما يُصرّح الشاعر يُخيفه أكثر من بطش النعمان لأن في بطشه راحة للشاعر وأما في إبتعاده عن القصر فهو يُشببه بالعذاب الأليم.
المحاورة: نأخذ فاصل قصير وبعد ذلك نواصل