خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: مستمعينا الأفاضل إستضفنا في هذه الحلقة كدأبنا في الحلقات الماضية الأستاذ الدكتور سعد الشحمان، اهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: أهلاً ومرحباً بكم وبالمستمعين الأعزاء ويسرني ايضاً أن التقيكم من جديد في هذه الحلقة
المحاورة: شكراً لحضوركم ونرجو منكم الحديث في البدأ عن حياة الخنساء ونشأتها وحادثة مقتل أخيها صخر وإستشهاد اولادها الأربعة على أن تذكروا لنا نماذج من أشعارها في الرثاء وقيمة هذه الأشعار وخصائصها من الناحية الفنية.
الشحمان: أسئلة كثيرة نرجو أن يستوعب الوقت للجواب على كل هذه الأسئلة. الخنساء لاأذكر اسمها لأنكم ذكرتم اسمها، هي كما هو معلوم شاعرة رثاء مخضرمة عاشت في العصر الجاهلي وفي العصر الإسلامي واسلمت بعد ذلك وقصة اسلامها أنها حينما علمت ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وآله قدمت مع قومها بني سُليم فأسلمت معهم وقيل إن رسول الاسلام محمد صلى الله عليه وآله كان مُعجباً بشعرها ولعل موقفها في معارك الفتوحات الاسلامية هي خير دليل على صبرها وثباتها وحسن ايمانها فقد قيل إنها خرجت في هذه المعركة مع المسلمين في عهد الخليفة الثاني ومعها ابناءها الأربعة وهناك وقبل أن يبدأ القتال اوصتهم فقالت: يابني لقد أسلتم طائعين وهاجرتم مختارين ووالله الذي لااله الا هو إنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم ولافضحت خالكم... الى أن قالت اذا اصبحتم غداً إن شاء الله سالمين فأغدوا الى قتال عدوكم مستبصرين وبالله على اعداءه مستنصرين فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها وجعلت ناراً على اوراقها فتيمموا وطيسها وجالدوا رئيسها عند إحتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة فلما دارت المعركة استشهد اولادها الأربعة واحداً بعد الآخر وحين بلغ الخنساء خبر مقتل أبناءها الأربعة قالت: الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم وارجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته، وهكذا فقد حسن اسلام هذه الشاعرة الكبيرة التي ذكرنا أنها كانت شاعرة الرثاء الأولى وكانت حادثة مقتل اخيها او أخويها، معاوية وهو غير معاوية الذي نعرفه طبعاً وأخيها الآخر صخر بمثابة الينبوع الذي تفجّر من لسانها فقدمت لنا اعظم المراثي في تاريخ الشعر العربي.
المحاورة: شكراً لهذه الايضاحات، نأخذ فاصل قصير ثم نعود الى شاعرتنا الخنساء، تابعونا مشكورين
المحاورة: نعم مستمعينا الكرام اشتهرت الخنساء كما تعلمون بشعر الرثاء ولعلها فاقت جميع الشعراء العرب في هذا اللون من الشعر شكلاً ومضموناً حتى غدت شاعرة الرثاء الأولى ولذلك فقد رجونا ضيفنا العزيز الأستاذ الدكتور سعد الشحمان أن يحدثنا عن هذا الجانب المتميز القوي من شخصية الخنساء داعماً حديثه بإيراد بعض أشعارها في الرثاء مشفوعة بالتحليل الفني والموضوعي. تفضلوا استاذ
الشحمان: كما ذكرت الخنساء تعد من أشهر شعراء الجاهلية وبدأت بنظم الشعر خاصة بعد رحيل اخويها وطغت على شعرها مسحة من الحزن والأسى وايضاً نظمت في مجال الفخر والمدح فكانت شاعرة متميزة قال عنها الشاعر الناقد النابغة الذبياني الخنساء أشعر الجن والانس وعلى الرغم من أنها كانت شاعرة متمكنة من اللغة ولها قصائد كثيرة الا أن شهرتها انتشرت وطارت في الآفاق من خلال مافيها لأخيها صخراً بالتحديد فهذه المراثي ذاعت وتداولها الناس في الجاهلية ومن بين الأشعار الجميلة التي قالتها في أخيها صخر تقول:
يُذكّرني طلوع الشمس صخراً
وأندبه لغروب كل شمس
ولولا كثرة الباكين حولي
على اخوانهم لقتلت نفسي
وما يبكون مثل اخي ولكن
أعزّي النفس عنه بالتأسي
فلا والله لاأنساك حتى
أفارق مهجتي وأزور رمس
امتازت الخنساء برقة الكلمة في شعرها وعذوبة المعاني وسلاستها وأبدعت في هذا اللون من الشعر الذي هو لون الرثاء وجاء نتيجة لتعلّقها الشديد بأخويها اللذين أكنت لهما حباً عظيماً خلّده التاريخ وخاصة تاريخ الشعر العربي حيث زينت التاريخ بأجمل المراثي الصادقة في هذا المجال.
المحاورة: شكراً لهذه الايضاحات، نشكركم جزيل الشكر
الشحمان: نحن ايضاً نقدم لكن شكرنا على هذه الفرصة التي أتحتموها لنا ونأمل ان شاء الله أن نلتقي مجدداً.
المحاورة: إن شاء الله سنستضيفكم في الحلقات القادمة من هذا البرنامج وشكراً لحضوركم. مستمعينا الكرام نأخذ فاصل قصير ونواصل فقرات البرنامج الاخرى.