خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أيها الأحبة حللت أهلاً ووطأتم سهلاً في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم الأسبوعي سير القصائد حيث اللقاء المتجدد دوماً مع القصائد والشعراء، نرجو منكم المتابعة
المحاورة: أحبتي المستمعين أجمل تحية نقدمها الى ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان الذي سيحدثنا الشاعر الشريف الرضي وحياته وشعره ومكانته بين شعراء العصر العباسي الآخرين. أهلاً ومرحباً بكم أستاذ
الشحمان: أهلا ومرحباً بكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته يسرنا أن ألتقي بكم من جديد وبالمستمعين الكرام ونرجو أن نقدم لكم صورة عن شاعر هذه الحلقة نسهم من خلالها في تعريف هذا الشاعر للمستمعين الكرام
المحاورة: نعم شكراً لهذا الحضور. أستاذ لو سمحت أن تقدم لنا صورة موجزة طبعاً تعرفنا من خلالها على هذا الشاعر وشخصيته الشعرية.
الشحمان: في البداية كما تعودنا في الحلقات السابقة نقوم بتعريف الشاعر من حيث الإسم والنسب فنقول الشريف الرضي الذي هو في الحقيقة شاعر معروف غني عن التعريف، نقول كنيته أبو الحسن وإسمه محمد بن الحسين الحسيني الموسوي ولقب بذي الحسبين لأن نسبه كان ينحدر من السيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها من ناحية الأم والأب في نفس الوقت وايضاً يلقب بالشريف الرضي. ولد في عام ۳٥۹ للهجرة وتوفي في بداية القرن الخامس الهجري ودفن في داره. كما نعلم هو شاعر وفقيه في نفس الوقت، جمع بين الأدب وبين العلم، تولى منصب نقابة الطالبيين بعد وفاة أبيه وظل في هذا المنصب حتى وفاته. تعلم علوم العربية والبلاغة والأدب والفقه والكلام والتفسير والحديث منذ صغره ونبغ في الشعر ولن يتجاوز عمره العشر سنوات وكما قلنا كان الشريف الرضي إماماً من أئمة العلم والحديث والأدب ودرس هو وأخوه الذي ايضاً كان أديباً وعالماً الشريف المرتضى على يد الشيخ المفيد البغدادي رحمه الله.
ربما البعض يعلم أن له الكثير من المؤلفات يقف في مقدمة هذه المؤلفات التي تركها جمعه لكتاب نهج البلاغة الإمام علي علي السلام وهو ليس تأليفاً ولكنه جمع لخطب ورسائل وكتب الإمام علي عليه السلام وتعرفنا على الخطب والكتب والرسائل التي وصلتنا عن الإمام علي عليه السلام عن طريق هذا الكتاب. له ايضاً مؤلفات حول القرآن الكريم منها مجاز القرآن، حقائق التأويل، معاني القرآن وله كتب في مجال الحديث النبوي الشريف منها كتاب المجازات وترك ايضاً كتاب شعر ضخم نسبياً يتألف من مجلدين يجمع شتى الأغراض خاصة الأغراض الإجتماعية التي إشتهر بها هذا الشاعر والأديب والعالم الجليل ويعد الشريف الرضي من فحول الشعراء ويمكننا القول إنه من شعراء الدرجة الأولى وله شعر إمتاز بالجودة والملاحة والعذوبة والسلاسة رغم كثرته.
المحاورة: شكراً لك دكتور اذا تسمح لنا نأخذ فاصل قصير ونعود لتكمل لنا الحديث حول شاعرنا لهذا الأسبوع الشريف الرضي. نعم مستمعينا رافقونا وبعد فاصل قصير سنعود اليكم.
المحاورة: تحية طيبة لكم من جديد مستمعينا الكرام وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامج سير القصائد، سنتحدث في حلقة اليوم عن الشاعر الشريف الرضي كما تحدث لنا الدكتور سعد الشحمان عن هذه الشخصية. نعم نعود اليك أستاذ والحديث اليك أستاذ شحمان.
الشحمان: بالنسبة الى شعر الشريف الرضي كما قلنا تميز الشريف الرضي بالشعر الإجتماعي ومنه شعره في الرثاء وفي مجال تبادل القصائد بينه وبين أصدقاءه وله شعر كثير في الغزل العذري. الغزل العذري هو من الأغراض التي إشتهر بها الشريف الرضي ويتميز شعره في هذا المجال بأنه كان بريئاً من الغزل المشين. وفي مجال الرثاء كان بريئاً من الهجاء اللاذع ولم يكن يتكسب بشعره. نقرأ بعض الأبيات من غزلياته حيث يقول في إحدى غزلياته المعروفة:

وظــبيةٌ مـن ضــباء الإنــس عـاطـلة

تستوقـف العـين بين الخمــص والهضــم

الخمص يعني الضامرات البطن

لـــو أنــها بـفنـاء البـيت ســـانحـةٌ

لصـــدتها وابــتدعت الصيد في الحرم

قعــدت منها بــلا رقــبى ولا حـــذر

عـــلى الــــذي نــام على ليلي ولم أنم

وله ايضاً شعرفي الجماسة والفخر وهذا الغرض يعتبر ايضاً من الأغراض التي إشتهر بها نظراً الى مكانته والى حسبه ونسبه الرفيع، يقول في الفخر:

فــــــوارس نــالـوا المنـى بـالقـنا

وصـافحــوا أغراضهـم بالصـفــاح

يــــا نــفــس مــن هــم إلى همةٍ

فليــس مــن عـبء الأذى مسـتراح

قـــد آن لـلـقــلب الـــذي كـده

طـــول منـاجـاة المنــى أن يــراح

لـمــــا رأى الـصــبـر مـضـراً به

راح ومــن لــم يـطـــق الـذل راح

وهكذا نرى أن هذا الشاعر كما قلنا جمع بين المكانة الأدبية المرموقة وبين المكانة العلمية فقد لمع في سماء الأدب كما برع في ميدان العلوم الدينية وكان العالم الرباني والرسالي الفذ الذي جمع بين الدين والأدب ومن هنا يمكن القول إن الشريف الرضي كانت له الريادة في هذا الميدان منذ القرن الرابع الهجري.
المحاورة: نعم شكراً دكتور سعد الشحمان على هذه الملاحظات القيمة التي تفضلت بها حول الشاعر الشريف الرضي وحياته وشعره.
الشحمان: أنا ايضاً أقدم لكم شكري الجزيل
المحاورة: شكراً لهذا الحضور ومستمعينا الكرام ندعوكم الى متابعتنا عبر فقرات البرنامج الأخرى لكن بعد هذا الفاصل.
المحاورة: حضرات المستمعين الأكارم وتظل كربلاء كرباً وبلاءاً على مر العصور والدهور، هكذا يعلن الشاعر وهو يرسم أمامنا لوحة مخضبة بالدماء، قد تناثرت الأشلاء وسالت الدماء هنا وهناك مختلطة بدموع اليتامى وصرخات الأطفال المرعوبة الخائفة حيث أكرهوا آل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على النزول في أرض دونها الفيافي والمسافات النائية عن أرض الوطن فكانوا كالضيوف الذين لم يلاقوا ما يستحقونه من قرى والكرم بل لم يلاقوا ذلك أساساً وكيف يلاقونه وقد منع عنهم الماء في حر الصحارى والفيافي اللاهبة وتحت لهيب الشمس الحارق. هكذا يطلق الشاعر صرخته وقد جثم امامه الضريح الشريف حاكياً مأساته للأجيال ومعلناً ظلم الجبابرة والطغاة لجده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واذا بالشاعر يهتف بصوت أجش قد خضبته الدموع وهدجته اللوعة والمرارة قائلاً:

كرْبَلا، لا زِلْتِ كَرْباً وَبَلا

ما لقي عندك آل المصطفى

كَمْ عَلى تُرْبِكِ لمّا صُرّعُوا

من دم سال ومن دمع جرى

وضيوف لفلاة قفرة

نزلوا فيها على غير قرى

لم يذوقوا المآء حتى اجتمعوا

بحدى السيف على ورد الردى

وتنوش الوحش من اجسادهم

أرْجُلَ السّبْقِ وَأيْمَانَ النّدَى

المحاورة: نعم مستمعينا الكرام بهذا نصل وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامج سير القصائد قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى ودمتم في أمان الله.