خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين أيها الأخوة والأخوات في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
نرحب بكم أجمل ترحيب في هذا اللقاء الذي يجمعنا معكم عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد حيث الحكمة والموعظة الحسنة وهما تجريان على ألسنة الشعراء عبر روائع قصائدهم فأدعوكم لمتابعتنا عند قصيدة اخرى من هذه القصائد.
المحاورة: أيها الأحبة قصيدتنا لهذا الأسبوع هي أبيات في الحكمة والزهد نظمتها قريحة الشاعر العباسي المبدع صاحب الأسلوب السهل الممتنع الشاعر أبي العتاهية الذي جمع المتناقضات في أشعاره وأجاد في كل هذه المتناقضات فإذا به يقدم لنا احلى الأشعار وأرقها في الغزل وأروع الأبيات وأكثرها تأثيراً في نفس الانسان في مجال الحكمة والزهد ونحن لانريد أن نطيل الحديث عن شخصية هذا الشاعر فلقد تكفل بهذه المهمة ضيف البرنامج الدكتور سعد الشحمان فنرحب به اولاً. أهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلاً ومرحباً بكم ونرجو أن نكون في مستوى هذه المهمة
المحاورة: شكراً جزيلاً لكم دكتور وشكراً لهذا الحضور. في البداية دكتور بودي أن تقدم لنا نبذة عن شخصية الشاعر أبي العتاهية والمجالات التي تميز بها وطبعاً مكانته بين شعراء العصر العباسي الأول؟
الشحمان: بسم الله الرحمن الرحيم
أبو العتاهية اسمه اسماعيل أبو القاسم العيني وأبو العتاهية لقبه. لقب بهذا اللقب او لقبه بهذا اللقب الخليفة العباسي المهدي لأن هذا الشاعر كان في نظر الخليفة المهدي كان متعتهناً فخاطبه بأنه متعته والمتعته هو المتطرف في جميع امور حياته لأنه كان يميل الى اللهو واللعب لذلك سمي بأبي العتاهية. على كل الحال أبو العتايهة معروف عنه أنه من شعراء العصر العباسي الأول ومن الشعراء المولدين كما هو معروف من الشعراء الذين ظهروا في العصر العباسي من مثل هذا الشاعر ومسلم بن الوليد وبشار بن برد وابي نواس وغيرهم، هؤلاء سموا بالمولدين لأنهم كانوا يجمعون بين أصلين، الأصل العربي والأصل غير العربي إما الفارسي او الرومي وتتميز أشعارهم بالرقة الإتيان بالصور الجديدة وسهولة الألفاظ ووضوحها. كان هذا الشاعر من طبقة بشار وأبي نواس وكان يجيد نظم الشعر في الزهد والمديح، مدح أربعة من الخلفاء العباسيين وايضاً تميز في الغزل في بداية حياته وبعد ذلك يبدو أنه أقلع عن الغزل وإتجه الى الزهد وله أشعار كثيرة في الحكمة والزهد وذم الدنيا.
المحاورة: اذن هو له مجالات مختلفة من الأغراض الشعرية؟
الشحمان: نعم تقريباً نستطيع أن نقول إنه نظم في جميع أغراض الشعر في ذلك الوقت ولكنه تخصص في المدح والزهد والأشعار الحكمية. تميز بقريحة فياضة...
المحاورة: عفواً دكتور هل يمكن أن نعتبر غزله غزلاً عفيفاً؟
الشحمان: نعم يعتبر غزله من النوع المتوسط ولانستطيع أن نقول إنه كان غزلاً عفيفاً بشكل مطلق ولانستطيع القول إنه كان شعراً ماجناً بشكل مطلق ولكنه توسط في ذلك وأغلب أشعاره الغزلية نظمها في امرأة واحدة، في احدى جواري المهدي وأسمها عتبة وله قصة معروفة ومشهورة مع هذه الجارية ولكن الجارية لم تكن تريد أن ترتبط له لذلك إتجه الى الشعر الزهدي وأعلن توبته من هذا التعلق بهذه الجارية. وإن شاء الله في القسم الثاني سوف نكمل الحديث.
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً لك دكتور لهذه الإيضاحات ولهذا لتعريف حول شخصية أبي العتاهية هذا الشاعر الذي كان يعيش في العصر العباسي الأول. سنكمل الحديث معكم بعد هذا الفاصل
المحاورة: تحية طيبة لكم مستمعينا الكرام وأنتم برفقة برنامجكم الأدبي الأسبوعي سير القصائد. دكتور اذا تسمح لي في هذه المحطة من البرنامج سأقدم للمستمعين الكرام نبذة عن قصيدتنا لهذا الأسبوع وعن شاعرنا أبي العتاهية. مستمعينا الكرام القصيدة من النوع الحكمي يؤكد فيها الشاعر على جوهر الانسان ومعدنه ونوع التربية التي يتلقاها والبيئة التي عاش فيها وهو من أجل إثبات هذه الحقيقة والقاعدة يستعين بضرب الأمثال من عالم الحيوان والجماد لتأييد فكرته فالجوهر الشريف يبقى شريفاً مهما شابه من شوائب مؤقتة ومهما كانت المظاهر التي تحيط به والتي قد توحي للسذج من الناس والسطحيين منهم بأنه يبدو وضيعاً لايستحق الاحترام، هكذا يقرر الشاعر فكرته هذه.

السبع سبع وإن كلّت مخالبه

والكلب كلب ولو بين السباع ربي

وهكذا الذهب الإبريز خالطه

صفر النحاس وكان الفضل للذهب

لايعجبنك أثواب على رجل

دع عنك أثوابه وأنظر الى الأدب

فالعود لو لم تفح منه روائحه

لم يفرق الناس بين العود والحطب

المحاورة: نعم أيها الأحبة وعلى هذا نرى الشاعر يدعو الناس الى الإبتعاد عن النظرة السطحية الى الأمور ومحاولة التعمق في جواهر الأشياء وحقائقها وأن لاتخدعهم المظاهر البراقة بل أن يجعلوا من الأدب هو المعيار الذي يقيمون به الانسان لا مايرتديه من ثياب تماماً كالعود الذي تكمن قيمته في رائحته الطيبة الزكية والتي هي بمثابة الأدب في الانسان ولولا هذه الرائحة الشذية لما فرق الناس بين هذا العود وبين الحطب.
المحاورة: أما الآن مستمعينا نعود وإياكم الى ضيفنا الكريم في الأستوديو الأستاذ الدكتور سعد الشحمان ليكمل حديثه الشيق حول شخصية شاعر هذه الحلقة أبي العتاهية وعذراً للمقاطعة دكتور
الشحمان: اهلاً وسهلاً بكم من جديد والعذر عند كرام القوم مقبولاً
المحاورة: شكراً جزيلاً لكم دكتور، نعم تفضلوا ونرجو أن تستأنفوا حديثكم عن الشاعر راجين أن تسلطوا الأضواء اكثر على الأغراض الشعرية التي تطرق اليها أبو العتاهية.
الشحمان: نعم إن شاء الله، في الحقيقة موهبة أبي العتاهية في نظم الشعر ظهرت بشكل مبكر ومالبثت أن إنتشرت وذاع صيته في هذا المجال وسمع به المتأدبون فكانوا يتوافدون عليه لسماع شعره. هذا الشاعر في الحقيقة عاش حياة مضطربة وانصرف بعد ذلك كما قلنا الى الزهد، وله الكثير من الأشعار في المجون واللهو واللعب من مثل وصف مجالس اللهو ومجالس شرب الخمر والعياذ بالله ولكنه كما أشرنا إنصرف الى الزهد والحكمة ووصف الموت وأحواله في الكثير من أشعاره كما نلاخظ ذلك في ديوانه حتى أنه قدم لنا شعراً يعتبر من اجمل الشعر في هذا المجال. نقرأ بعض أشعاره لو سمحتم في مجال الزهد.
المحاورة: نعم
الشحمان: في مجال الزهد قال أبو العتاهية وله أشعار جميلة من بينها يقول في إحدى الشعار:

نصبت لنا دون التفكر يادنيا

أماني يفنى العمر قبل أن تفنى

لكل امرئ فيما قضى الله خطة

من الأمر فيها يستوي العبد والمولى

وإن امرئ يسعى لغير نهاية

لمنغمس في لجة الفاقة الكبرى

وله شعر آخر:

بكيت على الشباب بدمع عيني

فلم يغني البكاء ولاالنحيب

فيا أسفاً أسفت على شباب

نعاه الرأس والشيب الخضيب

عريت من الشباب وكنت غضاً

كما يعرى من الورق القضيب

فياليت الشباب يعود يوماً

فأخبره بما فعل المشيب

وهذا البيت المشهور وهو في الحقيقة الذي دار على الألسن لشاعرنا أبي العتاهية.
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً لكم دكتور نشكر لكم دكتور هذه التحليلات التي قدمتموها لنا وللمستمعين الكرام حول الشاعر أبي العتاهية
الشحمان: حياكم الله وحيا المستمعين الكرام
المحاورة: إن شاء الله في الحلقة المقبلة من البرنامج سنلتقي بكم وبالمستمعين الكرام وشكراً لمستمعينا الكرام لطيب المتابعة لهذه الحلقة من سير القصائد التي قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حتى الملتقى اطيب التحيات وفي أمان الله.