البث المباشر

الشاعرة فدوى طوقان

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:39 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم وتحية من القلب نبعثها اليكم في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا بكم عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد راجين أن ينال ما أعددناه لكم هذا الأسبوع من قطاف شعري حسن متابعتكم ورضاكم، ندعوكم للمتابعة.

ها هي الروضة قد عاثت بها أيدي الخريف

عصفت بالسّجف الخضر وألوت بالرفيف

تعس الإعصار، كم جار على إشراقها

جردتها كفه الرعناء من أوراقها

عريت، لا زهر، لا أفياء، لا همس حفيف

ها هي الريح مضت تحسرعن وجه الشتاء

وعروق النور آلت لظهور وإنطفاء !

الفضاء الخالد أربد وغشّاه السحاب

وبنفسي، مثله يجثم غيم وضباب

وظلال عكستها فيّ أشباح المساء

وأنا في شرفتي، أصغي الى اللحن الأخير

وقعته في وداع النور أجواق الطيور

فيثير اللحن في نفسي غماً وإكتئابا

ويشيع اللحن في روحي إرتباكاً وإضطرباً

أي أصداء له تصدم أغوار شعوري!

الخريف الجهم، والريح، وأشجان الغروب

ووداع الطير للنور وللروض الكئيب

كلها تمثل في نفسي رمزاً لإنتهائي !

رمز عمر يتهاوى غارباً نحو الفناء

فترة، ثم تلف العمر، أستار المغيب

سيعود الروض للنضرة والخصب السري

سيعود النور رفافاً مع الفجر الطري

غير أني حينما أذوي وتذوي زهراتي

غير أني حينما يخبو غداً نور حياتي

كيف بعثي من ذبولي وإنطفائي الأبدي؟!


المحاورة: أيها الأحبة ما تناهى الى مسامعكم من مقطوعة شعرية يلفها الحزن والحيرة وشيء من الغموض وربما اليأس في بعض الأحايين كان عبارة عن أبيات إقتطفناها لكم من قصيدة للشاعرة الفلسطينية المعاصرة فدوى طوقان الشاعرة التي عرفت بهذا اللون من الشعر المتمرد على الكون والطبيعة بل على المجتمع وتقاليده والشاعرة التي مثلت جيلها من النساء الشواعر اللاتي كن يبحثن دوماً عن مكان لهن في وسط مجتمع تسوده العادات والتقاليد الصارمة والمتزمتة أحياناً. عن هذه الشاعرة والإتجاهات والمضامين التي ميزت شعرها بقوة سيحدثنا خبير البرنامج الدائم الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان الذي شرفنا بحضوره في الستوديو، أرحب بكم ضيفي الكريم
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: أنا ايضاً لي الشرف لإستضافتكم لي
المحاورة: شاكرين لكم دكتور قبول دعوتنا للحديث عن الشاعرة الفلسطينية المعاصرة فدوى طوقان وشخصيتها الشعرية
الشحمان: نعم إن شاء الله سنحاول في هذه الدقائق القليلة المتاحة لنا أن نتحدث عن هذه الشاعرة الفلسطينية المعاصرة التي يقترن اسمها بأسماء لامعة اخرى من الشاعرات والأديبات من مثل نازك الملائكة وسلمى الجيوسي، وبالمناسبة هنالك أوجه شبه كثيرة بين نازك الملائكة وبين هذه الشاعرة فدوى طوقان في الأشعار الرومانسية التي تفضلتم بقراءة مقاطع منها. كما نعلم الشاعرة فدوى طوقان التي أتاح الله سبحانه وتعالى لها عمراً طويلاً الذي قارب التسعين سنة مكّنها من معاصرة عدة أجيال ومكّنها ايضاً من أن تعكس لنا مسيرة الشعر العربي خلال هذه العقود من الزمان. ولد سنة ۱۹۱۷ وتوفيت في القرن الحادي والعشرين في عام ۲۰۰۳ .
المحاورة: دكتور تفضلتم أن هناك شبه بين الشاعرة نازك الملائكة وفدوى طوقان من النزعة الرومانسية
الشحمان: نعم النزعة الرومانسية التأملية المغلفة بشيء من الحزن يعني فيها بعض المساحات من الحزن واليأس مثلاً في القصيدة التي سبق وإن قرأتموها لنازك الملائكة قصيدة "المساء" نلاحظ شبهاً كبيراً بين هذه القصيدة وبين قصيدة فدوى طوقان التي قرأتم شيئاً منها. على كل حال الشاعرتان كانتا معاصرتين وليس من الغريب أن يكون هناك تأثير وتأثر بينهما. هذه الشاعرة بالإضافة الى أنها كانت تتمتع بالموهبة الشعرية تتلمذت على يد أخيها الشاعر الكبير ابراهيم طوقان حتى أصبحت شاعرة من اهم شواعر العالم العربي واستطاعت أن تحتل مكانة رفيعة بين الشعراء، كما قلنا عمرها الطويل مكّنها من أن تعاصر الكثير من الإتجاهات الشعرية إعتباراً من النزعة التقليدية التي عرفتها في بداية تجربتها الشعرية وحتى الرومانسية التي ظلت ملازمة لها في معظم أشعارها وحتى الرمزية التي رافقت ظهور الشعر الحر، مع ذلك النزعة الروماسية ظلت هي السائدة في شعرها. هذه الشاعرة عالجت الكثير من القضايا من بين قضاياها هي كفلسطينية وبين القضايا الاجتماعية حيث أنها عاشت في بيئة محافظة وكان لديها شيء من الثورة والتمرد ضد العادات والتقاليد الصارمة التي كانت تحدد من حركتها وايضاً عكست الهم الانساني والوطني على مستوى العالم وكانت في نفس الوقت تميل في أشعارها الى النزعة التأملية وأظهرت تعلقاً كبيراً بالطبيعة وتسائلت في أشعارها عن الوجود وسره وعن الحياة والموت. على كل حال تركت لنا هذه الشاعرة الكثير من الاثار الشعرية من مثل ديوانها المعروف "وحدي مع الأيام" ومجموعتها الشعرية "وجدتها" و"أعطني حباً" وغيرها من المجاميع الشعرية الرائعة والخالدة. هنا أقرأ لحضراتكم نموذجاً من شعرها تشير فيه الى اخيها ابراهيم طوقان، تقول في هذا الشعر:

حياتي دموع وقلب ولوع وشوق

وديوان شعر وعود

حياتي حياتي أسى كلها

اذا ما تلاشى غداً ظلها

سيبقى على الأرض منه صدى

يردد هنا صوتي منشداً

حياتي دموع وقلب ولوع وشوق

وديوان شعر وعود


المحاورة: وهنا لابأس أن نقرأ بعض الأبيات من قصيدتها الملحمية "نداء الأرض" التي تعكس فيها الهم الفلسطيني، تقول على لسان شيخ فلسطيني هجر من أرضه:

أتغضب أرضي؟

أيسلب حقي؟

وأبقى أنا حليف التشرد

أصحب ذلة عاري هنا

أبقى هنا لأموت غريباً بأرض غريبة

أأبقى؟ ومن قالها؟

سأعود لأرضي الحبيبة

بلى سأعود هنا !!

كي سيطوى كتاب حياتي

سيحنو عليّ ثراها

ويأوي رفاتي


الشحمان: رحم الله الشاعرة وإن شاء نشهد إنفراج الهم الفلسطيني عن قريب إن شاء الله
المحاورة: إن شاء الله، جزيل الشكر نقدمه لك أستاذ سعدي الشحمان على هذه المعلومات القيمة التي تفضلتم بها والآن نستأذنكم في أن نواصل مع مستمعينا الكرام عبر مواصلة التجوال في قصيدة "خريف ومساء" للشاعرة الفلسطينية المعاصرة فدوى طوقان.

آه ياموت! ترى ما أنت ؟ قاسي أم حنون؟

أبشوش انت أم جهم؟وفي أم خؤون ؟

ياترى من أي آفاق ستنقض عليّ؟

ياترى ما كنه كأس سوف تزجيها اليّ؟

قل! أبن، ما لونها؟ ما طعمها؟ كيف تكون؟

وأنا في ضجعتي الكبرى، وحضن الأرض مهدي

لاشعور، ولاإنفعالات، ولا نبضات وجدي

جثة تنحل في صمت، لتنفى في التراب

ليت شعري، مامصير الروح، والجسم هباء؟!

أتراها سوف تبلى ويلاشيها الفناء؟

أم تراها سوف تنجو من دياجير العدم...

حيث تمضي حرة خالدة عبر السدم ...

عجباً! ما قصة البعث وما لغز الخلود؟

هل تعود الروح للجسم الملقى في اللحود؟

ذلك الجسم الذي كان لها يوماً حجابا !

ذلك الجسم الذي في الأرض قد حال ترابا!

حيرة حائرة كم خالطت ظني وهجسي

عكست ألوانها السود على فكري وحسي

كم تطلعت، وكم سائلت: من أين إبتدائي؟

ولكم ناديت بالغيب: الى أين إنتهائي؟

قلق شوّش في نفسي طمأنينة نفسي !!


المحاورة: بهذا نصل وإياكم مستمعينا الكرام الى ختام تجوالنا لهذا الأسبوع في رحاب قصائد الشعر العربي وكلنا امل في أن تكونوا قد قضيتم معنا اوقاتاً عامرة بالمتعة والفائدة. وفي النهاية أشكر ضيفي في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان لحضوره وإيضاحاته حول شاعرتنا فدوى طوقان
الشحمان: حياكم الله ، شكراً لكم
المحاورة: شكراً لكم دكتور وشكراً لكم مستمعينا الكرام حتى الملتقى أطيب التحيات.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة