البث المباشر

إبن هانئ الأندلسي

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:39 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم أجمل التحايا القلبية نبعثها اليكم معطرة بأريج الشعر وعطر القوافي ونحن نلتقيكم من جديد تحت أفنان القصائد الخالدة في مسيرة الشعر العربي لنتفئ ظلالها الوارفة ونتنسم أنسامها ونريح النفس من معترك الحياة بجنيها وجناها، ندعوكم اخوتنا المستمعين الى مرافقتنا عبر ما أعددناه لكم في هذا الأسبوع من بديع الشعر العربي.
المحاورة: أحبتي سنمخر في لقاءنا معكم هذا الأسبوع عباب البحر بسفينة حب الشعر وعشق القوافي متجهين صوب المغرب الاسلامي لترسو بنا هذه السفينة عند ضفاف أرض الأندلس حيث جمال الطبيعة الخلاب وحيث الجبال والغابات التي ترعرع بين رحابها الشعراء فأنتجوا لنا أروع الأشعار التي تذوب رقة كماء هذه الأرض الرقراق وقدموا لنا أروع اللوحات الفنية المزدحمة بالألوان الزاهية، الألوان التي إستمدها هؤلاء الشعراء من طبيعتهم ورياضهم وبساتينهم وحدائقهم العامرة بكل ما يسحر الأبصار. أحبتي شاعرنا لهذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد هو متنبي الغرب وشاعر الأندلس الأول دون منازع، الشاعر الذي زاوج في شخصيته بين العلم والأدب وشهدت له أشعاره بثقافته الأدبية واللغوية العريضة، إنه الشاعر والكاتب والأديب إبن هانئ الأندلسي الذي زاحم شعراء الشرق بمناكبه وزهت أرض الأندلس به وتفاخرت حتى إستحق أن يطلق عليه بجدارة لقب متنبي الغرب، الشاعر الذي جاد على الشعر العربي بأروع القصائد في مختلف الأغراض ومنها مدائحه التي خصص معظمها لمدح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله رابع الخلفاء الفاطميين في أفريقيا وأول الخلفاء الفاطميين في مصر. ومنها القصيدة التي تشكل موضوع حلقتنا لهذا الأسبوع والتي تكمن أهميتها وروعتها في المقدمة الغزلية والوصفية التي إستهلها بها وكشفت عن قدرات الشاعر الفائقة في الإمساك بزمام النظم والإتيان بأروع الصور الفنية. ندعوكم أيها الأخوة والأخوات للإستماع معنا الى تلكم المقدمة التي مازج الشاعر فيها بين الغزل وبين وصف الطبيعة ولكن بعد هذا الفاصل.

هل من أعقة عالج يبرين

أم منهما بقر الحدوج العين

ولمن ليالي ماذممن عهدها

مذ كن إلا أنهن شجون

المشرقات كأنهن كواكب

والناعمات كأنهن غصون

بيض وما ضحك الصباح وإنها

بالمسك من طرر الحسان لجون

أدنى لها المرجان صفحة خده

وبكى عليها اللؤلؤ المكنون

أعذى الحمام تأوهي من بعدها

فكأنه فيما سجعن رنين

بانوا سراعاً للهوادج زفرة

مما رأين وللمطي حنون

فكأنما صبغ الضحى بقبابهم

او عصرت بها الخدود جفون

ماذا على حلل الشقيق لو أنها

عن لابسيها في الخدود تبين

لو أعطشن الروض بعدهم

ولايرويه لي دمع عليه هتون

أأعير لحظ العين بهجة منظر

وأخونهم، إني اذن لخئون

لا الجو جو مشرق ولو إكتسى

زهراً ولا الماء المعين معين

لايبعدن اذ العبير له ثرى

والبان أيك والشموس قطين

أيام فيه العبقري مفوف

والسابري مضاعف موضون


المحاورة: نعم مستمعينا الكرام أرحب بضيفي في الستوديو الذي شرفنا بحضوره الدكتور سعدي الشحمان، دكتور أهلاً بحضورك
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: نبعث تحياتنا خالصة الى الأخوة المستمعين المتواصلين معنا عبر هذا البرنامج الأدبي
المحاورة: اهلاً ومرحباً بكم وشكراً لحضوركم
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: دكتور لابأس أن تركزوا حديثكم حول الشاعر اذا أمكن الأندلسي إبن هانئ وعن العبقرية والنبوغ الذي تميز بها الشاعر في الجانب الوصفي وخاصة وصف الطبيعة الى درجة أن نقاد الشعر وصفوه بأنه جنان الشعراء او بستاني الشعراء بالنظر الى البراعة التي عرفت عنه في هذا المجال.
الشحمان: إن شاء سنحاول أن نستغل هذه الدقائق القليلة في الحديث عن هذا الشاعر الأندلسي الكبير الذي عاش في القرن الرابع الهجري. في الحقيقة هذا الشاعر ولد في الأندلس ولكنه قضى جزءاً من حياته في مدينة إشبيلية ونال حظوة عند صاحب هذه المدينة وعند حاكمها ولكنه كان يتميز بنوازع وميول فلسفية وكانت في شعره على ما يقول المؤرخون ونقاد الشعر نزعة اسماعيلية او إن شئت قولي نزعة شيعية بارزة فأضطر حاكم اشبيلية على ان يطلب منه الخروج من هذه المدينة فرحل شاعرنا الى شمال أفريقيا، في الجزائر والمغرب حيث اتصل هناك بالخليفة الفاطمي الذي أسس دولته بادئ الأمر في المغرب قرب القيروان وهو الخليفة المعز العبيدي وهو رابع الخلفاء الفاطميين، اتصل به الشاعر نظراً الى الميول الفكرية والمذهبية المشتركة التي كانت تربطهما. في الحقيقة كما أشرنا إبن هانئ الأندلسي وكما تفضلتم كان يعتبر من حيث المكانة الشعرية كان يلقب بمتنبي الغرب من حيث فصاحته وبلاغته...
المحاورة: وايضاً عاصره على ما يبدو..
الشحمان: نعم كانا شاعرين معاصرين، وكان إبن هانئ شاعراً على معلومات واسعة وكان يحمل ثقافة عريضة خاصة فيما يتعلق باللغة والأدب والمذاهب الفلسفية. وهو يشترك ايضاً في هذا المجال مع أبي العلاء المعري من حيث نزعته الفلسفية ومن حيث آراءه التشاؤمية بشأن الحياة والموت ومن حيث جرأته في الحديث عن الدين والعقائد الدينية ولكن مذهبه الفكري الذي كان ينتمي اليه وهو كما قلنا المذهب الاسماعيلي الذي يعتبر فرعاً من المذهب الشيعي، أدى به أن يتخذ مواقف ناقدة للخلفاء والحكام العباسيين والحكام الأمويين وربما كان هذا هو السبب الذي دفع الحكام الى أن يتآمروا على الشاعر ويتسببوا في قتله اذ أن هذا الشاعر مات مقتولاً. وهناك خبر طريق يقال إنه لما وصل خبر وفاته الى الخليفة الفاطمي المعز وكان في مصر تأسف على هذا الشاعر وقال في حقه "هذا الرجل كنا نرجو أن نفاخر به شعراء المشرق فلم يقدر علينا ذلك". من جملة الأقوال التي قيلت في شأن هذا الشاعر الكبير الذي ركز شعره على أولاً مدح الخليفة المعز الفاطمي وكذلك في مدح أهل البيت عليهم السلام وفي رثائهم والتعبير عن نزعته المذهبية، قيل فيه شعراً:

إن تكن فارساً فكن كعلي

او تكن شاعراً فكن كإبن هاني

كل من يدعي بما ليس فيه

كذبته شواهد، شواهد الامتحان


الشحمان: لهذا الشاعر ايضاً في مدح الفاطميين وآل البيت عليهم السلام يقول:

أبناء فاطمة هل لنا في حشرنا

لجأ سواكم عاصم ومجار

أنتم أحباء الإله وإلهه

خلفاء في أرضه الأبرار

أهل النبوة والرسالة والهدى

في البينات وسادة أطهار

إن قيل من خير البرية

لم يكن إلاكم خلق اليه يشار


الشحمان: وله ايضاً ابيات في الحكمة منها قوله:

ولم أجد الانسان إلا إبن سعيه

فمن كان أسعى كان بالمجد أجدر

وبالهمة العلياء يرقى الى العلا

فمن كان أرقى همة كان أظهر

ولم يتأخر من كان يريد تقدماً

ولم يتقدم من يريد تأخر


الشحمان: هذا قصارى ما نستطيع أن ندلي به حول هذا الشاعر الكبير إبن هانئ الأندلسي وأفسح لكم المجال لإنشاد أبيات أخرى من قصيدته.
المحاورة: شكراً لكم على هذه الإيضاحات حول شاعرنا لهذه الحلقة إبن هانئ الأندلسي. مستمعينا الكرام نتواصل معكم بعد فاصل قصير عبر إنشاد المزيد من أبيات هذه القصيدة.

أبني لؤي أين فضل قديمكم

بل أين حلم كالجبال رصين

نازعتم حق الوصي ودونه

حرم وحجر مانع وحجون

ناضلتموه على الخلافة بالتي

ردتم وفيكم حدها المسنون

حرفتموها عن أبي السبطين

عن زمع وليس من الهجان هجين

لو تتقون الله لم يطمح لها

طرف ولم يشمخ لها عرنين

لو تسألون القبر يوم فرحتم

لأجاب أن محمداً محزون

ردوا عليهم حكمهم فعليهم

نزل البيان وفيهم التديين

البيت بيت الله وهو معظم

والنور نور الله وهو مبين

والستر ستر الغيب وهو محجب

والسر سر الوحي وهو مصون


المحاورة: مستمعينا مستمعاتنا وصلنا واياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد، في النهاية أشكر الدكتور سعدي الشحمان الذي شرفنا بحضوره في الستويو، دكتور شكراً جزيلاً لكم
الشحمان: حياكم الله ولنا الشرف وإن شاء الله نلتقيكم في الحلقة القادمة.
المحاورة: شكراً لطيب متابعتكم مستمعينا الكرام والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة