البث المباشر

أسامة بن المنقذ

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:39 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعدي الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته يسرنا أيها الأحبة أن نجدد اللقاء بكم عند محطة اخرى من محطات الشعر والأدب حيث نتفيء معاً ظلال خمائل الشعر العربي ونتنسم أنسامه العليلة عبر روائعه التي قدمها لنا عمالقته عبر العصور، آملين أن تمضوا معنا أطيب الأوقات وأحلاها عند ما قطفناه لكم من ازاهيره خلال حلقة هذا الأسبوع، رافقونا.
المحاورة: أحبتنا المستمعين عشاق الأدب سنجول في حلقة هذا الأسبوع من برنامجكم سير القصائد في رحاب قصيدة اخرى هي من نوع شعر رثاء المدن ولكنها تتميز عن سائر القصائد التي نظمت في هذا المجال كونها قد إمتزجت بأحاسيس الشاعر وعواطفه الذاتية لأن المدينة التي يرثيها هي مدينته وأهلها من أقاربه وأحبته واصدقاءه ولذلك نراها أي القصيدة طبعاً قد جمعت بين الرثاء الشخصي وبين الرثاء العام، إنها قصيدة الفارس الشاعر والعالم والمؤلف أسامة بن منقذ الذي كثيراً ما طرق اسمه أسماعنا في عالم الأدب والتاريخ والبديع والبلاغة. فلنعش معاً لحظات مع الشكوى والآهات الصادقة التي بثها الشاعر في أرجاء قصيدته التي تميزت بالجمع بين الوضوح والسلاسة في الأسلوب وبين الصدق والبساطة وقوة التأثير وهو ما يميز بقوة الأشعار التي قدمها لنا شعراء الفرسان على مر التاريخ، تابعونا.

حمائم الأيك هيجتن أشجانا

فليبكي أصدقنا بثاً وأشجانا

كم ذا الحنين على مر السنين

اما أفادكن قديم العهد نسيانا

هل ذا العويل على غير الهذيل

وهل فقيدكن أعز الخلق فقدانا؟

ماوجد صادحة في كل شارقة

ترجع النوح في الألحان أفنانا

ما حدثني بالصلوان بعدهم

نفسي ولاحان سلواني ولا كانا

ما إستدرج الموت قومي في

هلاكهم ولاتخرمهم مثنى ووحدانا

فكنت أصبر عنهم صبر محتسب

وأحمل الخطب فيهم عز او هانا

وأقتدي بالورى بعدي فكم فقدوا

اخاً وكم فارقوا اهلاً وجيرانا

ولكن سقب المنايا وسط جمعهم

رغى فخروا على الأذقان إذعانا

وفاجئتم من الأيام قارعة

سقتهم كؤوس الموت زيفانا

ماتوا جميعاً كرجع الطرف وإنقرضوا

هل ما ترى تارك للعين انسانا


المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم مستمعينا الكرام وأنتم برفقة برنامجكم سير القصائد من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. معنا في الستوديو خبير البرنامج الدائم الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، دكتور أرحب بك.
الشحمان: حياكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: وأنا يغمرني الفرح والسرور لتجديد اللقاء بكم
المحاورة: نقدم لكم دكتور شكرنا على قبول دعوتنا
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: دكتور راجين منكم أن تدلوا لنا بحدثيكم لهذا الأسبوع حول حياة الشاعر الشامي الفارس أسامة بن منقذ نظراً بأن حياته هذه حفلت بالأحداث الجسام والوقائع العظام التي تركت أثره العميق في شخصيته وشعره وايضاً نرجو منكم أن تسلطوا الضوء لنا وللمستمعين الكرام على الجانب العلمي من شخصيته، فنشكر لكم هذا الحديث.
الشحمان: إن شاء الله سنحاول أن نتحدث عن هذه الشخصية العسكرية والأدبية والشعرية والعلمية جهد الامكان فقد جمع هذا الرجل بين جوانب مختلفة في شخصيته، جمع بين الروح العسكرية فكان فارساً وكان اديباً وكان شاعراً في ذات الوقت. ولد في فترة حساسة من تاريخ الأمة الاسلامية، ولد خلال الحروب الصليبية او اذا أردنا الدقة ولد قبل بدء الحروب الصليبية بسنتين وفي فترة كانت القدس قد سقطت بيد الصليبيين وتمت إستعادتها بعد ذلك على يد صلاح الدين الأيوبي ...
المحاورة: يقال دكتور إن صلاح الدين الأيوبي بعثه لبلاد المغرب ايضاً ..
الشحمان: نعم إشترك أسامة بن منقذ في الكثير من الحروب، كان الجانب الحربي والعسكري هو الطاغي على حياته وكما تفضلتم هذه الأحداث الجسام التي عاصرها إنعكست على شعره بشكل بارز وظاهر ونستطيع أن نلمسه من خلال قراءة ديوان هذا الشاعر، لكن حياته العسكرية تركزت في موطنه الأصلي وهو قلعة شيدر في بلاد الشام في سوريا على وجه التحديد، كان قائدها العسكري فيما كان يحكم هذه القلعة عمه السلطان أبو العساكر صاحب شيدر. عرف أسامة بالبطولة والفروسية حتى قيل إنه كان يذهب الى الغابات المجاورة وينازل الأسود والنمور ويأتي بها وسط إعجاب الناس وإكبارهم له...
المحاورة: نعم إشتهر عنه أنه كان فارساً شجاعاً
الشحمان: نعم كان فارساً بطلاً ومغواراً ولكن محنته بدأت عندما دب الشك في نفس عمه، عندما رأى إعجاب الناس بأسامة أخذت الشكوك تساوره وخشي من أن يسيطر أسامة على الإمارة لذلك قام بإخراجه هو وأفراد أسرته من هذه القلعة وهنا بدأت مرحلة جديدة من مراحل حياة أسامة عندما خرج من بلدته وأخذ يطوف البلاد ويضرب بطول البلاد وعرضها، إتصل بعماد الدين الزنكي وخاض معه الكثير من الحروب ضد الصليبيين وخاصة في فلسطين. رزق أسامة بن منقذ عمراً طويلاً إمتد الى التسعينات وبالتحديد الى الثانية والتسعين ..
المحاورة: يقال إنه توفي في المنفى
الشحمان: نعم وتوفي في المنفى وفي السنين الأخيرة من حياته آثر الإنسحاب من هذه الحياة المليئة بالأحداث الجسام وبالمناسبة من ضمن الأحداث التي عاصرها واثرت في حياته كثيراً الزلزال الذي أصاب مدينته وقضى على جميع أهلها وكان سكانها من أقاربه ومن عشيرته الأقربين اليه وقال هذه القصيدة في رثاء أهله واقاربه وأبناء عمومته ونلحظ فيها تأثر الشاعر الكبير في هذه المصيبة الكبيرة التي أصابته في الصميم رغم أن الناس كانوا متنكرين له ولكنهم على كل حال كانوا من عشيرته ومن أقاربه فرثاهم بهذه القصيدة المؤثرة جداً. ترك لنا أسامة بن المنقذ الكثير من المؤلفات بالاضافة الى ديوانه الذي يتكون من جزئين، ومن بين مؤلفاته مؤلفات تعتبر من المصادر القيمة التي يعتمد عليها المؤرخون والأدباء منها كتاب الاعتبار الذي يعتبر من المصادر التاريخية المهمة والذي ترجم الى معظم لغات العالم، منها الانجليزية والألمانية والروسية وكذلك الفرنسية وله ايضاً الكتاب الذي نسمع عنه كلنا وربما قرأناه وهو كتاب لباب الآداب الذي يعتبر موسوعة تاريخية أدبية وله كتب في مجال نقد الشعر منها كتاب البديع وكتاب المنازل والديار. وفي الحقيقة العلماء أعجبوا بهذه الشخصية التي كانت ماهرة في معظم الجوانب التي دخلت فيها وخاضتها من مثل قول العلماء الأصفهاني فيه بقول "أسامة كإسمه (والأسامة الأسد) في قوة نثره ونظمه يلوح من كلامه أمارة الإمارة". وقال عنه إبن عساكر في تاريخه "لأسامة يد بيضاء في الأدب والشعر". وقال المؤرخ الكبير إبن كثير في كتابه البداية والنهاية "أسامة هو احد الشعراء المشهورين والأمراء المشكورين، كان عمره تاريخاً مستقلاً وحده، لديه علم غزير ولديه جود وفضل كثير". ومن ضمن الأشعار التي قالها أسامة لابأس أن أختتم حديثي بهذه الأشعار الرقيقة يقول:

نفسي الفداء لظالم متعتب

متباعد بالهجر وهو قريب
يمشي وقد فعل الصبا بقوامه

فعل الصبا بالغصن وهو رطيب
بلحاظه في القلب وقع سهامه

لكن تلك تطيش وهي تصيب
ومن العجائب فعله بي في الهوى

ما يفعل الأعداء وهو حبيب
المحاورة: شكراً جزيلاً دكتور
الشحمان: أختتم كلامي ومعذرة على الإطالة
المحاورة: الشكر الجزيل أقدمه لكم دكتور على هذه الإجابة والإضاءات التي سلطتموها على شخصية الشاعر والأديب أسامة بن منقذ راجين منكم أن تأذنوا لنا الآن وأن نبقى على تواصل مع المستمعين الكرام من خلال إنشاد ما إخترناه لكم مستمعينا الكرام من رثاء هذا الشاعر لمدينته شيدر وأهلها.

لم يترك الدهر لي من بعد فقدهم

قلباً أجشمه صبراً وسلواناً

هذه قصورهم امست قبورهم

كذاك كانوا بها من قبل سكانا

ويح الزلازل أفنت معشري واذا

ذكرتهم خلتني في القول سكرانا

أفردت منكم وما يصفو لمنفرد

عيش ولو نال من رضوان رضوانا

لقيت منهم تباريح العقول

كما لقيت من بعدهم هماً وأحزانا

لولا شمات الأعادي عند ذكرهم

لغادرت أدمعي في الأرض غدرانا

أرد فيض دموعي في مسالكها

فتستحيل مياه الدمع نيرانا

لاألتقي الدهر من بعد الزلازل

ما بقيت إلا كسير القلب حيرانا

أخنت على معشر الأدنين فإسطلمت

منهم كهولاً وشبانا وولدانا

إن أقفرت شيدر منهم فهم جعلوا

منيع أسوارها بيضاً وخرصانا


المحاورة: مستمعينا الكرام وصلنا وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد قدمناها لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران وفي النهاية أشكر ضيفي الكريم في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان، دكتور شكراً جزيلاً لك
الشحمان: عفواً لاشكر على واجب، نأمل أن نجدد اللقاء بكم
المحاورة: إن شاء الله في الحلقة القادمة من هذا البرنامج. حتى الملتقى أطيب التحيات والمنى، في امان الله.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة