خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته نرحب بكم أجمل ترحيب في هذا اللقاء الجديد الذي يجمعنا معكم عند جولة اخرى بين آفاق القصائد حيث نقضي بعض الدقائق في كل أسبوع بين ربوع الشعر وحدائق القوافي ملتمسين منها الروح والريحان عند كل ما ينضج الروح ويسر النفس، ندعوكم أيها الأحبة أن تكونوا بصحبتنا عند سيرة اخرى من سير القصائد.
المحاورة: أيها الكرام إبن حجة الحموي علم من العلام الشامخة في عالم الأدب والبلاغة واللغة ونقد الشعر ونظمه فضلاً عن الفقه والحديث والأصول فهو بذلك قد جمع بين العلم والأدب في شخصيته كحال الكثير من علماء وأدباء القرنين الثامن والتاسع الهجري، يشهد بذلك له شعره وخاصة بديعياته البديعة التي جمع فيها فنون البلاغة والصناعات البديعية وكتابه الخالد "خزانة الأدب". إنه العالم والأديب والشاعر الذي عشق موطنه حماة كما لم يعشق انسان آخر وطنه وفضل العيش في هذه المدينة الحبيبة الى نفسه رافضاً كل العروض التي عرضت عليه بأن يتولى المناصب في المدن الأخرى. وهو الشاعر الذي نظم في موطنه هذا أجمل الشعار التي يمكن أن ينظمها شاعر تعبيراً عن حبه لوطنه وتعلقه به وإفتخاره به وعدم تفضيله لأي بقعة أخرى من بقاع العالم على الوطن الذي عاش فيه فكان مسرحاً لذكريات طفولته وصباه وشبابه. سنعيش معاً أيها الأحبة في حلقة هذا الأسبوع بين رحاب قصيدة إبن حجة الحموي الخالدة الرائعة الرائقة المزدانة بدرر البديع والمرصعة بلآلئ البلاغة فضلاً عن عاطفتها الصادقة المؤثرة التي تدل كما لاتدل قصيدة اخرى على المدى الذي يمكن أن يصل اليه الانسان في حبه لوطنه وإعتزازه به. تابعونا مشكورين
هواي بسفح القاسمية والجسر
اذا هب ذاك الهوى فهو الهوى العذري
ولي ثم بين المسجدين معاهد
بها هدمت تلك المعاهد من صبري
يروق إمتداد الجسر والقصر فوقه
فيخلو طباق العيش بالمد والقصر
وقد أصبحت تلك الجزيرة جنة
ألم تبصر الأنهار من تحتها تجري؟
تفوق عيون الزهر فوق شطوطها
عيون المها بين الرصافة والجسر
وإن رصت في الرمضاء بين غصونها
جلبن الهوى من حيث أدري ولاأدري
وعاص رحيب الصدر قد خرّ طائعاً
ودولابه كالقلب يخفق في الصدر
وقد أشبه الخنساء نوحاً وأنة
وها دمعه قد جاء يجري على صخر
فيا جيرة العاصي اذا ذقت ماءكم
اهيموا كأني قد ثملت من السكر
ولولا بقايا طعمه في مذاقته
لما ظهرت هذي الحلاوة في شعري
فآهاً على وادي حماة تأسفاً
خلافاً لمن قد قال آهاً على مصر
فكم مرّ لي فيها حلاوة ليلة
فكانت شبيه الخال في وجنة العمر
وفي غيرها قد صرت أقضي ليالياً
تمر بلا نفع وتحسب من عمري
المحاورة: أجدد الترحيب بكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة من برنامجكم الأدبي سير القصائد. أحبتي يشرفني أن أستضيف في الستوديو خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، دكتور اهلاً ومرحباً بك
الشحمان: حياكم الله وأنا لي الشرف بأن أجدد اللقاء بكم وبالمستمعين الكرام
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا
الشحمان: في هذا اللقاء الذي تشنفون أسماعنا فيه دوماً بهذه القصائد الجميلة والرائعة.
المحاورة: شكراً لكم دكتور. دكتور في حلقتنا لهذا الأسبوع سيكون الحديث إن شاء الله عن أديب حماة وعالمها وشاعرها إبن حجة الحموي هذا الأديب الذي قدم خدماته الجليلة الى علم البلاغة والبديع من خلال مؤلفاته وأشعاره، نشكر لكم الحديث عن هذه الشخصية الأدبية اذا أمكن ذلك.
الشحمان: إن شاء الله سنحاول جهد الإمكان أن نتحدث عن هذا الأديب والشاعر والناقد والعالم في البلاغة والبديع إبن حجة الحموي
المحاورة: أكون لك شاكرة دكتور اذا تركز الكلام على الجانب البلاغي والبديعي في أعماله ومؤلفاته ايضاً.
الشحمان: نعم لابد لأي شخص يريد الحديث عن إبن حجة الحموي لابد أن يتحدث عن تضلعه وتبحره في علم البلاغة. اسمه في الحقيقة مقرون بعلم البلاغة والبديع حتى أن له قصائد نظمها في هذا العلم ومنها بديعيته الشهيرة التي شرحها من خلال كتابه الخالد خزانة الأدب وسوف نشير الى هذا الأثر الكبير. في البداية نذكر شيئاً عن حياة هذا الأديب الكبير، اسمه الكامل هو تقي الدين بن علي الحموي وكما يدل عليه لقبه أنه من مدينة حماة، ولد في هذه المدينة وعاش في القرنين الثامن والتاسع الهجري وتوفي في هذه المدينة التي كان متعلقاً بها وكان يعشقها كما هو حال معظم الشعراء الشاميين، عرف عنهم حبهم لمدنهم ولأوطانهم ونظمهم الشعر الكثير في التغني بهذه المدن. على كل حال ابن حجة الحموي الذي كان شاعراً وعالماً واديباً في ذات الوقت تلقى العلم على الكثير من شيوخ وأساتذة عصره، كان اول ما تلقاه القرآن الكريم الذي حفظه وحذق فيه وحذق في تفسيره وتلقي علم الحديث وعلوم الأدب واللغة وكان ايضاً ملماً بعلم الأصول والفقه. كانت الصناعة الأولى التي تعلمها هي صنعة الإنشاء او الكتابة الديوانية بعد ذلك أتقن نظم الشعر بالإضافة الى الموهبة التي كان يتمتع بها في هذا المجال حتى تفوق على نظراءه في عصره وفي مدينته. عاش حياته متنقلاً بين مدينة حلب ودمشق وطرابلس ومصر ايضاً وهذا لايتنافى مع قولنا إنه كان يحب مدينته حماة وكان يفضل البقاء فيها، في كل مرة كان يسافر فيها كان يعود الى مدينته حماة حتى أنه عاش الردح الأخير من حياته في هذه المدينة. عرف الكثير من علماء عصره وأدباءهم وقام بمراسلتهم ومن بين الأشخاص الذين اتصل بهم وراسلهم المحدث الشهير إين حجر العسقلاني مما يدل على مكانته الرفيعة بين هؤلاء العلماء. من طريف مايذكر عنه بشأن حبه لمدينته وموطنه حماة أنه كتب في خزانته، خزانة الأدب التي ألفها إبن حجة ذكر شيئاً في هذا المجال يقول: "إن المقر المخدومي" يعني الحاكم في ذلك الوقت، يقول "قصد نقلي من حماة المحروسة الى أبوابه العالية" يعني الى مدينته، "وحب حماة يفتر العزم عن ذلك وهذا يفهم من بعض قصائدي فيها، يلذ عناق الفقر لي بفناءها وفي غيرها لم أرض بالملك والرهط". لابد أن نشير الى بعض أشعاره التي نظمها، من بين المجالات التي نظم فيها إبن حجة أشعاره مجال المدح خاصة في مدح صديقه وإبن بلده بدر الدين الدماميني، بدر الدين الدماميني نفسه كان أديباً ايضاً، كان أديباً وشاعراً معروفاً وله الكثير من المؤلفات. وايضاً مدح سلطان زمانه الملك المؤيد في مصر. وهذه بعض الأبيات في المدح نظمها إبن حجة يقول:
هو كامل في فضله وعلومه
والله اعطاه كمال الدين
حسنت لياليه وأيام له
فهدى الزمان بطرة وجبين
ياصاحب البيت الذي عن وصفه
قد أحجمت شعراء هذا الحين
إن جاء نظمي قاصراً عن وصفه
عذراً فهذه نشطة الخمسين
ونعم كبرت وبان عزي إنما
كانت مسرات اللقا تصبيني
وحجبتموني عن حماة وغبتمو
عني فهذا من فنون جنوني
الشحمان: وتعتبر ايضاً قصيدة من قصائده
المحاورة: شكراً لك دكتور مع السف الشديد الوقت قد داهمنا على الرغم من ان الحديث شيق جداً
الشحمان: أنا أعتذر
المحاورة: مع الأسف الوقت محدود جداً، كل الشكر لكم دكتور على هذه المعلومات القيمة حقاً والتي نفعنا نحن والمستمعين الكرام بها في التعرف على الأديب والشاعر إبن حجة الحموي نشكرك دكتور بجزيل الشكر
الشحمان: إن شاء الله نجدد اللقاء بكم
المحاورة: إن شاء الله في الحلقات المقبلة ونشكر مستمعينا الكرام على حسن متابعتكم لهذه الحلقة، حتى الملتقى أطيب التحيات ودمتم في امان الله.