البث المباشر

القصيدة البائية لأحمد شوقي

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:33 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم نحييكم أينما كنتم وندعوكم لتعيشوا معنا بعضاً من الدقائق بين رياض الشعر، نتنسم عبيره ونتفيء ظلاله عبر برنامجكم الأسبوعي سير القصائد فرافقونا مشكورين.
المحاورة: أيها الأحبة عديدة هي القصائد التي نظمها الشاعر المصري المعاصر أحمد شوقي في مدح سيد الرسل وخاتمهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم إعتباراً من نهج البردة ومروراً بقصيدة الهمزية وغيرهما من القصائد ولكن القصيدة البائية سلوا قلبي تعد متميزة بين هذه القصيدة إن أخذنا بنظر الإعتبار مقدمتها الغزلية في الظاهر ثم التخلص منها الى المعاني الزهدية الرائعة والمؤثرة التي صاغها الشاعر بريشته المقتدرة التي عرفت عنه في مثل هذه الأغراض والمواضع حتى لنجده يرتقي الى مستوى يكاد يبلغ فيه مستوى شعراء كبار سبقوه في هذا المجال وفي مقدمتهم صاحب الميمية شرف الدين البوصيري كما ستشهد لنا بذلك بائية شوقي التي سنكتفي منها بإستعراض مقدمتها التي وضعتها في مصاف روائع القصائد. فلنستمع معاً بعد هذا الفاصل القصير.

سلوا قلبي غداة سلى وتابا

لعل على الجمال له عتابا

ويسأل في الحوادث ذا صواب

فهل ترك الجمال له صوابا

واذا كنت سألت القلب يوماً

تولى الدمع عن قلبي الجوابا

ولي بين الضلوع دم ولحم

هما الواه الذي ثكل الشبابا

تسرب في الدموع فقلت ولى

وصفق في الضلوع فقلت ثابا

ولو خلقت قلوب من حديد

لما حملت كما حمل العذابا

وأحباب سقيت بهم سلافاً

وكان الوصل من قصر حبابا

ونادمن الشباب على بساط

من اللذات مختلف شرابا

وكل بساط عيش سوف يطوى

وإن طال الزمان به وطابا

كأن القلب بعدهم غريب

اذا عادته ذكرى الأهل ذابا

ولاينبيك عن خلق الليالي

كمن فقد الأحبة والصحابا


المحاورة: ما زلنا نعيش معكم أيها الكرام اجواء قصيدة سلو قلبي للشاعر الكبير أحمد شوقي ولكن عبر الحديث الذي سيدلي به مشكوراً خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان حول هذا الفن الرائع الذي أجاده وبرع فيه الشاعر وهو فن المدائح النبوية والمعاني الحكمية والزهدية التي تضمنها. نرحب بكم دكتور اهلاً بكم
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله
المحاورة: عليكم السلام والرحمة
الشحمان: وأنا بدوري أرحب بكم وأبعث تحياتي الى المستمعين الكرام
المحاورة: حياكم الله دكتور. كلنا آذان صاغية لما ستتفضلون به في هذا المجال
الشحمان: نعم وأنا لاأترك آذانكم في حالة الإنتظار وإن كان حديثي لايستحق كل هذا الاصغاء والانتظار. في الحقيقة فن المدائح النبوية من الفنون التي اختص بها المسلمون واذا ما قارناه بالعصر الجاهلي يعتبر من الفنون الحديثة التي ظهرت بعد العصر الجاهلي يعني لم يكن له وجوداً سوى بعض الأبيات التي رويت عن أبي طالب في مدح النبي صلى الله عليه وآله قبل البعثة وبعدها ولكنه نحى نحواً تخصصياً بعد الاسلام وبعد مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونهاية العصر الجاهلي، بدأه الشاعر المخضرم حسان بن ثابت الذي كان يمثل أول شاعر عمد الى مدح النبي صلى الله عليه وآله وربما كان اول شاعر نظم الشعر الديني في الاسلام وربما أجمل ما ورد من نظم هذا الشاعر في مدح النبي صلى الله عليه وآله قوله:

أجمل منك لم تر قط عيني

وأحسن منك لم تلد النساء

خلقت مبرءاً من كل عيب

كأنك خلقت كما تشاء


الشحمان: هذا نموذج من أشعار حسان بن ثابت في مدح النبي صلى الله عليه وآله ومدح المسلمين بشكل عام. ثم جاء من بعده الشاعر الكبير كعب بن زهير ووالده الشاعر الكبير زهير بن أبي سلمى الشاعر المعروف فجاد علينا بقصيدة رائعة أسست لفن المدائح النبوية وإقتدى بها الشعراء على مر العصور وهي القصيدة التي تعرفونها والتي تبدأ بهذا البيت:

بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم اثرها لم يفدى مكبول


الشحمان: وطبعاً ظهر الكثير من الشعراء الذين نظموا في فن المدائح النبوية بعد كعب بن زهير ولعل أبرز هؤلاء الشعراء هو الشاعر الكبير شرف الدين البوصيري الذي كان يعيش في عصر الانحطاط فنظم بردته الشهيرة والرائعة التي تعد من روائع الشعر العربي والتي بدأها بقوله:

أمن تذكري جيران بذي سلم

مزجت دمعاً جرى من مقلة بدمي


الشحمان: واذا ما تقدمنا الى الامام حتى بلغنا العصر الحديث نجد طائفة من الشعراء الاسلاميين او من ذوي النزعة الاسلامية وكان أبرزهم الشاعر الكبير أحمد شوقي الذي نظم الكثير من القصائد في الاسلاميات بشكل عام حتى أن بعض الاسلاميات تعتبر باباً مستقلاً عن ديوانه. ونظم بشكل خاص في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولعل أشهر هذه القصائد، هي ثلاث قصائد في الحقيقة وهي نهج البردة التي نعلم أنه بدأها بمقدمة غزلية رائعة يقول في البيت الأول:

ريم على القاع بين البان والعلم

أحلّ سفك دمي في الشهر الحرم


الشحمان: وايضاً لديه القصيدة الهمزية الرائعة التي طرح فيها الكثير من الموضوعات الاسلامية التي تتعلق بالوحدة الاسلامية وهي القصيدة الهمزية "ولد الهدى" التي نعرفها جميعاً، وايضاً هناك القصيدة البائية التي تفضلتم بإنشاد بعض من أبياتها "سلو قلبي غداة سلى وتابا" وانتشرت بين أوساط الناس على مختلف مستوياتهم التعليمية والثقافية. وهذه القصيدة البائية تعتبر كما تفضلتم من القصائد الرائعة من حيث مضمونها الزهدي الذي نزع فيها الشاعر نزعة زهدية وصلت الى حد الروعة في بعض الأحيان. وقصيدته ايضاً نهج البردة التي سبق وأن أشرنا اليها والتي عارض من خلالها قصيدة البردة للبوصيري لذلك سماها بنهج البردة ..
المحاورة: يعني إحتذاءاً ببردة البوصيري
الشحمان: نعم يعني نظمها على نفس القافية والوزن التي نظم بها البوصيري قصيدته. ولابأس أن أقرأ بشكل سريع بعض الأبيات نظراً الى روعتها، يقول شوقي في بداية قصيدته وطبعاً يبدأها بمقدمة غزلية حتى ينتهي الى مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيقول:

لزمت باب امير الأنبياء

ومن يمسك بمفتاح باب الله يعتنم

فكل فضل واحسان وعارفة

مابين مستلم منه وملتزم

علقت من مدحه حبلاً أعز به

في يوم لاعز بالأنساب واللحم

يزري قريضي زهيراً حين أمدحه

ولايقاس الى جودي لدى هرم

محمد صفوة الباري ورحمته

وبغية الله من خلق ومن نسم

وصاحب الحوض يوم الرسل سائلة

متى الورود وجبريل الأمين ضم


الشحمان: الى آخر هذه القصيدة الطويلة وهنا أكتفي بهذا القدر من الحديث عن فن المدائح النبوية لدى الشاعر احمد شوقي.
المحاورة: شكراً جزيلاً لكم دكتور على هذه الايضاحات حول هذه القصيدة وحول شاعرنا لهذا الأسبوع الشاعر الكبير أحمد شوقي، شكراً جزيلاً بكم دكتور
الشحمان: حياكم الله وشكراً على حسن الاستضافة
المحاورة: مستمعينا الأفاضل نصل وإياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد قدمناها لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. حتى قصيدة اخرى وشاعر آخر في الحلقة المقبلة من هذا البرنامج نستودعكم الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة