خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات. كل المراحب بكم أيها الكرام في هذا اللقاء الجديد الذي يسرنا أن يجمعنا بكم بين جنبات واحة اخرى من واحات الشعر العربي الغناء حيث الكلمة الصادقة الملتزمة والصورة الفنية الجميلة والآفاق الانسانية الرحبة التي تأخذنا بعيداً نحو مجاهل النفس البشرية في اشراقاتها وتطلعها الدائم نحو الكمال. رافقونا أيها الأحبة في رحاب ما أعددناه لكم لهذا الأسبوع.
ياصدر أمي
ليتني حجر على أبواب قريتنا
وليت الشعر في الوديان ماء او شجر
ليت السنين الغاربات حكاية مرسومة
في النهر راعية عجوز
ليت السماء قصيدة زرقاء
تحملني الى المجهول
تغسلني من الماء التراب
ليت القلوب ترى وتسمع
والعيون نوافذ مسدودة
من لي بعين لاترى
من لي بقلب لايكف عن النظر
المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم مستمعينا الكرام. المقطع الشعري ذو اللمسات الرومانسية الحزينة الذي إنساب على أسماعكم قبل الفاصل هو من قصيدة للشاعر اليمني المعاصر عبد العزيز المقالح، الشاعر المبدع والمتميز الذي سيحدثنا عنه وعن اسلوبه الشعري وعطاءاته للشعر العربي المعاصر خبير البرنامج الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، دكتور نرحب بكم السلام عليكم
الشحمان: بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وتحياتي للمستمعين الكرام الذين يرافقونا في كل حلقة من حلقات هذا البرنامج.
المحاورة: شكراً لهذا الحضور، دكتور ياحبذا تعرفنا أكثر على شخصية الشاعر اليمني المعاصر الدكتور عبد العزيز المقالح مع التركيز على الخصوصيات التي ميزت أسلوبه في صياغة تجاربه الشعرية.
الشحمان: نعم عبد العزيز المقالح هو واحد من الشعراء اليمنيين المعاصرين، هذه الأرض التي أنجبت الكثير من الشعراء المبدعين على مر التاريخ ومازالت تحفل بالكثير من المواهب الشعرية المتميزة في مسيرة الشعر العربي المعاصر ومن هؤلاء الشعراء الشاعر الكبير عبد العزيز المقالح الذي يعتبر أحد الرواد القدامى للقصيدة اليمنية المعاصرة بالاضافة الى رواد آخرين من مثل عبد الله البرذوني وايضاً الأديب الكبير علي أحمد باكثير. ويعتبر هذا الشاعر أحد الوجوه الفكرية والثقافية المعاصرة حتى نستطيع القول إنه يعتبر في بعض الجوانب أباً لأجيال من شعراء اليمن من الشباب والواعدين. على كل حال هذا الشاعر الكبير يتميز بأنه نظم وكتب الشعر في مختلف القوالب الشعرية، هذه ميزة يتميز بها عن بقية الشعراء في اليمن وفي الوطن العربي. أبدع في مجال الشعر العمودي والقصيدة الكلاسيكية وأبدع ايضاً في مجال الشعر الحر وايضاً في مجال شعر التفعيلة وحتى أن له تجارب في قالب القصيدة النثرية لذلك نجد دواوينه حافلة بهذه القوالب والأشكال الشعرية المختلفة وأبدع فيها جميعاً، والنموذج الذي تفضلتم بقراءته هو نموذج من أشعاره في قالب الشعر الحر ...
المحاورة: دكتور ماهي لغته الشعرية؟
الشحمان: والله لغته الشعرية تختلف حسب الغرض او حسب الموضوع الشعري، عادة اذا كانت قصيدته ذات نزعة عرفانية او تصوفية او اذا كانت ذات نزعة رومانسية حزينة كالمقطع الذي تفضلتم بإنشاده ..
المحاورة: وحتى له أشعار احتجاجية اذا صح التعبير..
الشحمان: نعم نعم له الكثير من الأشعار الاحتجاجية. في هذا النوع من الشعر يميل الى لغة الشعر الحر ويميل ايضاً الى قصيدة النثر ونراه يبدع في هذا اللون من التعبير أما بالنسبة للأغراض التقليدية من مثل المديح والرثاء والوصف وما الى ذلك فنراه يلجأ الى القالب العربي القديم يعني القصيدة الكلاسيكية. من مميزات شعره الأخرى نرى أنه ولد في بيئة محافظة وفي بيئة دينية نرى له نزعة دينية واضحة على أشعاره من مثل تأثير القرآن والعلوم الدينية التي درسها منذ طفولته وايضاً نرى استخدامه في بعض القصائد للصناعات البلاغية والبديعية من مثل التلميح والاقتباس وخاصة الاقتباس من القرآن الكريم. نلاحظ عبد العزيز المقالح اذا أراد أن ينشد قصيدة وطنية، بالمناسبة له الكثير من الأشعار في القضية الفلسطينية، يتعاطف فيها مع القضية الفلسطينية نلاحظ أنه يتحول الى شاعر ملحمي النفس وحماسي النزعة وهو يحاول أن يجتاز بشعره من النزعة الغنائية الى النزعة الميتافيزيقية او الصوفية كما ذكرنا فيما سبق ويحاول دائماً أن يتجاوز المعاني المباشرة او المعاني السطحية التي يعبر عنها بأسلوب مباشر ليتجاوز هذه اللغة الى مرحلة التعبير عن الحب او توظيف الحدث التاريخي وتحويله الى رموز يستغلها في لغته الشعرية. لعبد العزيز المقالح الكثير من الدواوين الشعرية فضلاً عن دراساته لأن عبد العزيز المقالح لم يكن شاعراً فحسب وإنما كان ناقداً وكان اكاديمياً ودرّس لسنين في المجال الجامعي وله الكثير من الدراسات النقدية والدراسات الأدبية ولكن نشير الى بعض من مؤلفاته الشعرية من مثل ديوانه "لابد من صنعاء" و "مأرب يتكلم" و "رسالة الى سيفي" و "سيف بن ذي يزن" و "هوامش يمانية" على تغريبة إبن زريخ البغدادي يعني يشير الى قصيدة ابن زريخ البغدادي الذي سبق وأن طرحناه في احدى الحلقات قصيدة "لاتعذليه". و"أبجدية الروح" و "كتاب بلقيس" و "قصائد لمياه الأحزان". هنا أقرأ أبياتاً من شعره، له قصيدة طريفة ولطيفة صاغها على وزن قصيدة صفي الدين الحلي:
سل الرماح العوالي عن معالينا
وإستشهد البيض هل خاب الرجا فينا
الشحمان: عارض هذه القصيدة وقالها في نقد الواقع العربي المأساوي الذليل والخانع امام التحديات وأمام الأعداء، يقول فيها:
دع الأماني فقد خابت أمانينا
من حين مات الذي ضحى ليحيينا
كم من عميل غدا في أرضنا بطلاً
وهو الذي باع ماضينا وآتينا
طعن من الظهر أدمى جرح أمتنا
وأجهض الحلم وإشتدت مآسينا
حتى غدونا امام الناس مهزلة
منا الضحايا كما منا السكاكينا
بعنا دمانا لجار حاقد صلف
وفوق هذا امام للمصبينا
الشحمان: هذا نموذج من شعره والنماذج كثيرة لكن الوقت لايسمح لنا فأكتفي بهذا القدر.
المحاورة: نعم شكراً جزيلاً لكم دكتور على هذه المعلومات القيمة والتحليلات التي قدمتها لنا. نعود بكم مستمعينا الكرام الى اجواء القصيدة بعد هذا الفاصل القصير.
وسط الظلام وجدت ايماني
وفي قلب النهار فقدت ايماني
لماذا ياكتاب الشمس تقرأني
وأعجز أن أراك
أرى حروف دمي
بقعاً من المرجان
ضوءاً في فمي
مر هو الليل الطويل
الشعر مر
وبين النوم والعينين بحر من رمال
رفقاً بأهدابي
ورفقاً ياأظافرهم بأعناق القصائد
أين أخفيها؟
أأحملها معي للضفة الأخرى؟
من النهر الذي لاماء فيه
لا لست مجنوناً
وأحلامي تطارد حشدهم
وأمد اظافري
أعظ بنارها وجه الظلام
أموت من خوفي
ومن غضبي
ومن قهري
أموت
أموت من البكاء
لاتكذبي ياصافنات الشك
موجود انا
جسدي وروحي تغرقان
وصوت احزاني ذئاب
تنهش الكلمات
ليت الشك ينشر ليله حولي
ويطويني العدم
ليت النهار يغيب
لايأتي
وليت الليل لايأتي
وليت الأرض نجم
لايدور!!
المحاورة: أحبتي وصلنا واياكم الى نهاية هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد قدمناه لكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، حتى الملتقى أطيب التحيات ودمتم في رعاية الله.