خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات. أيها الأحبة يسرنا كل السرور أن نجدد اللقاء بكم عبر محطة اخرى من محطاتنا الأسبوعية المتجددة عند رياض الشعر العربي وروائعه على مر العصور من خلال برنامجكم الأسبوعي سير القصائد، رافقونا.
كانت القسوة خطيئتك
وكان الكبرياء خطيئتي
وحين إلتحمت الخطيئتان
كان الفراق مولودهما الجهنمي
طالما قررت حينما نفترق
فأطلق الرصاص على صوتك
وأربط جسد ذكراك الى عمود رخامي
وأضرم فيه النار
كما كانوا يحرقون السحرة وشرورهم
واليوم وقد إفترقنا
أفكر فيك بحنان وحزن مليء بالصفاء
كهمس الصحراء للسراب
إني أعلنت عليك الحب
إني أعلنت عليك السلام
إني أعلنت عليك الشوق
إني أعلنت عليك الغفران
ولست بنادمة !!
المحاورة: أيها الأحبة المقطع الشعري الذي تناهى الى أسماعكم قبل الفاصل يمثل صرخة من الصرخات النسوية المعاصرة المتميزة في مسيرة الأدب العربي المعاصر. إنها ترانيم واعترافات عودتنا عليها الأديبة السورية المعاصرة غادة السمان، الأديبة المتميزة بأسلوبها وطبيعة تجاربها الشعرية، الأديبة التي قسمت همومها بين الوطن الأول سوريا وبين الوطن الثاني لبنان وبين وطنها الكبير الحافل بالهموم وما يدمي القلوب. هذه الأديبة التي تقاسم الشعر والرواية والدراسات الأدبية موهبتها الشعرية سيحدثنا عنها خبير البرنامج الذي شرفنا بحضوره في الستوديو الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان. دكتور السلام عليكم
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ولي الشرف أن ألتقيكم وأجدد اللقاء بالمستمعين الكرام
المحاورة: دكتور اليوم سنعالج قسماً من حياة الأديبة السورية غادة السمان، هذه الأديبة المتضلعة اذا صح التعبير في مجالات أدبية عدة وسنسلط الضوء على هذا الصوت النسوي المتميز في المشهد الأدبي العربي المعاصر.
الشحمان: نعم غادة أحمد السمان اسم لامع في الأدب النسوي المعاصر. ليس هناك من يهتم بالأدب والثقافة والفكر والصحافة ولم يسمع بأسم هذه الأديبة السورية المتميزة التي ولدت في دمشق وإنحدرت من أسرة عرفت بالغنى والثراء ويقال إن لها صلة قربى بالشاعر السوري المعاصر نزار قباني، تأثرت هذه الشاعرة والكاتبة كثيراً وكان المؤثر الأول في ثقافتها وفي صقل شخصيتها الأدبية والفكرية في والدها الذي كان يحمل شهادة الدكتوراه وكان محباً للأدب والعلم ..
المحاورة: كما كانت تذكر ذلك دوماً
الشحمان: نعم كانت تذكر تأثرها بوالدها وكان وفاة والدها صدمة كبيرة في حياتها. والدها كان محباً للأدب العالمي وكان يجمع بين الأدب العالمي والتراث العربي في نفس الوقت وهذا التعلق إنعكس على نفسية وشخصية غادة السمان ومنحها أبعاداً انسانية عالمية متعددة ولكن سرعان ما إصطدمت بالمجتمع المحافظ الذي كانت تعيش فيه وهو المجتمع الدمشقي الذي كان يتميز بالمحافظة الشديدة وكان من الصعب أن يرى امرأة تبرز في مجال الأدب ومجال نظم الشعر ومع ذلك غادة السمان واصلت مسيرتها الأدبية وأصدرت باكورة اعمالها وهي عبارة عن مجموعة أعمالها القصصية الأولى "عيناك قدري" في الستينات من القرن الماضي وعلى إثر هذه المجموعة القصصية المتميزة التي أصدرتها شغلت وتربعت في مكانتها كواحدة من أبرز الكاتبات والشاعرات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة أسوة بأديبات اخريات من مثل كوليت خوري وليلى بعلبكي في لبنان ولكن غادة السمان تميزت عن بقية الأديبات والشاعرات العربيات المعاصرات وعادة كن يطرحن مسائل تقليدية حول الحركة النسوية وحول حقوق المرأة و..
المحاورة: ربما لأنها كانت صحفية ايضاً ومارست الصحافة.
الشحمان: نعم استطاعت أن تقدم ادباً مختلفاً، ادباً انسانياً خرجت به من الاطار الضيق لمشاكل المرأة والحركات التقليدية النسوية لتخرج بأدبها الى آفاق اجتماعية ونفسية وانسانية ولعل هذا هو السر الذي جعلها تتميز وجعلها تأخذ شهرتها بين الأدب العربي المعاصر ولانقول الأدب النسوي بشكل خاص ولكن نقول الأدب الانساني ..
المحاورة: نعم دكتور حتى في بعض كتاباتها هي أحياناً تفخر من مصطلح الأدب النسوي وتعتقد أنه لم يكن الأدب يوماً نسوياً او رجالياً.
الشحمان: نعم الأدب هو انساني ولاتوجد هناك حدود معينة ومتميزة له مثلاً أدب نساء وأدب رجال وإنما هو أدب انساني وحتى المرأة اذا تعرضت الى الظلم من قبل المجتمع او الرجل فإنها تتعرض الى الظلم كإنسانة يعني في نفس الوقت يمكن للرجل أن يتعرض الى الظلم وكذلك جميع شرائح المجتمع. على كل حال عندما أنهت غادة السمان دراستها وخرجت من مجتمعها في سوريا كعادة معظم الأدباء والشعراء سافرت الى الخارج وعملت في مجال الصحافة وتعرفت على الأدب الأنجليزي حتى نالت شهادة الليسانس والماجستير في المسرح من الجامعة الأمريكية. وبعد هذه المؤثرات التي تلقتها أصدرت مجموعتها القصصية الثانية وهي "لابحث في بيروت" في عام ۱۹٦٥ .
المحاورة: دكتور وكانت متأثرة بعض الشيء بزميلها آنذاك غسان كنفاني..
الشحمان: نعم كانت لها علاقات فكرية وأدبية مع الأدباء الفلسطينيين، وبالمناسبة ذكرنا مجموعات قصصية ولكن حتى هذه المجموعات القصصية لها لمسات شعرية. غادة السمان برأيي عرفت في مجال قصيدة النثر وهي لم تنظم قصائد عمودية او قصائد من نوع الشعر الحر ولكن أسلوبها كان شعرياً كما لاحظنا في المقاطع التي تفضلتم بقراءتها ومن هذا المنطلق اعتبرت بالإضافة الى كونها كاتبة وروائية ومفكرة اعتبرت ايضاً شاعرة نتيجة لهيمنة هذه النبرة الشعرية الحالمة الموحية على لغتها في الكتابة. ربما نأخذ من وقتكم الكثير وربما لايتسع الوقت ..
المحاورة: مازال لدينا من الوقت، نعم تفضل
الشحمان: قضية لبنان وقضية بيروت شغلت مساحة واسعة من تفكيرها ومعظم رواياتها وقصصها وقصائدها في النثر كتبتها في مجال القضية اللبنانية وتعرض لبنان للعدوان الاسرائيلي حتى أنها في رواية بيروت ۷٥ تنبأت بالحرب الأهلية التي حدثت وأكلت الأخضر واليابس وقالت على لسان عرافة من شخصيات الرواية، قالت أرى الدم! أرى كثيراً من الدم! وما لبثت أن نشبت الحرب الأهلية بعد بضعة أشهر من صدور الرواية وتبعت هذه الرواية روايتاها الشهيرتان "كوابيس بيروت" و "ليلة المليار" وهكذا شغلت مكانها كواحدة من اهم الروائيات والشاعرات.
المحاورة: وكانت هي دكتور لها مواقف تؤيد المقاومة في جنوب لبنان في بعض كتاباتها.
الشحمان: نعم نعم المقاومة في لبنان وفي فلسطين وحتى أن بعض النقاد ولاأدري ربما بالغوا في تقييمهم ويعتبرون هذه الكاتبة والشاعرة الكبيرة الكاتبة العربية الأهم وأنا برأيي بعد نجيب محفوظ ولكنهم يقولون حتى أهم من نجيب محفوظ. هذا هو قصارى ما نستطيع القول وهناك مجالاً للحديث اكثر حول هذه الكاتبة والشاعرة الكبيرة.
المحاورة: ربما دكتور سنخصص حلقة اخرى للإهتمام بآثار هذه الأديبة.
الشحمان: إن شاء الله نحاول الكلام في قصيدة اخرى إن شاء الله.
المحاورة: مع الأسف لقد داهمنا الوقت. شكراً جزيلاً لكم دكتور على هذه التوضيحات وشكرا لكم مستمعينا الكرام حتى الملتقى أطيب التحيات، في امان الله.