خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا مستمعاتنا في كل مكان السلام عليكم يسرنا أن نلتقيكم من جديد عبر محطة اخرى تجمعنا بحضراتكم عند روائع الشعر العربي وقصائده العصماء على مر العصور من خلال برنامجكم الأسبوعي سير القصائد. برجاء أن تقضوا معنا دقائق حافلة بكل ماهو مفيد وممتع، ندعوكم لمتابعتنا.
المحاورة: أيها الأحبة مازلنا نعيش أجواء العالم الشعري المفعم بالحماسة والمقاومة والرفض والإحتجاج للشاعر المصري المعاصر مصطفى الجزار طبيب العيون الذي رصد الواقع العربي المعاصر بعيونه الثاقبة بتردياته وتداعياته فإنهال عليه ضرباً بسياط شعره وعصي قوافيه مغلضاً تارة ومقرعاً تارة اخرى ولكن بلغة شعرية لايتجاوز فيها حدود الأدب ومقتضيات السلوك الحضاري وإن كان ذلك كله لايجدي نفعاً مع الحكام ومن يسمون بأولي الأمر الذين لاتعجبهم اللغة النقدية فمابالك باللغة الهجومية المعنفة التي من شأنها أن تكشف السوءات وتعري المخازي امام جموع الأمة وحشود الجماهير لتجعلهم يطفقون ليواروا سوءاتهم امام الملأ ويخصفون من حججهم ومعاذيرهم عليها. فلنستمع معاً أيها الأفاضل الى الشاعر وهو يؤدي هذا الدور الذي جعل شعره من الممنوعات وقوافيه من المحظورات. تابعونا بعد هذا الفاصل.
هلا سألت الخيل ياإبنة مالك
كيف الصمود وأين أين المقدرة؟
هذا الحصان يرى المدافع حوله
متأهبات والقذائف مشهرة
لو كان يدري ما المحاورة إشتكى
ولصاح في وجه القطيع وحذره
ياويح عبس أسلموا اعداءهم
مفتاح خيمتهم ومد القنطرة
فأتى العدو مسلحاً بشقاقهم
ونفاقهم وأقام فيهم منبره
ذاقوا وبال ركوعهم وخنوعهم
فالعيش مر والهزائم منكرة
المحاورة: تحياتي لكم من جديد مستمعينا الكرام وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد من اذاعة طهران العربية. معنا في الستوديو خبير البرنامج الدكتور سعدي الشحمان، دكتور السلام عليكم
الشحمان: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته تحية لكم وللمستمعين الكرام في هذا اللقاء الجديد
المحاورة: حياكم الله وشكراً لهذا الحضور الذي طالما أسهم في تكامل البرنامج وايضاً تنوع الموضوعات المطروحة فيه
الشحمان: هذا من لطفكم
المحاورة: حياكم الله دكتور. دكتور شاعرنا في هذه الحلقة وكما كان في الحلقة الماضية ايضاً الشاعر المصري المعاصر مصطفى الجزار، نرجو منكم في هذه الحلقة التركيز على نتاجاته الشعرية.
الشحمان: إن شاء الله تعالى سوف نواصل الحديث عن هذا الشاعر المصري الشاب وإن كانت المعلومات في الحقيقة عنه قليلة جداً ولم تكتب مقالات او دراسات مستقلة حول هذا الشاعر نظراً لأنه يعتبر من المعاصرين جداً ومن الذين لايزالون على قيد الحياة وإن شاء الله أن يطيل في عمره فنحاول أن نركز في هذا القسم من الحوار حول بعضاً من أشعاره ونقرأ بعضاً من هذه الأشعار المتوزعة بين هم وطنه مصر وبين الهم العربي وبين الهم الاسلامي وقضايا اخرى
المحاورة: نعم كما كان ذلك بارزاً في قصيدته "كفكف دموعك"، نعم
الشحمان: نعم كفكف دموعك هي من القصائد الجميلة وكتبت لها الشهرة الواسعة ليس فقط بين الأوساط المتخصصة فحسب بل بين كل الجماهير. هذه القصيدة التي شارك بها الشاعر في مسابقة امير الشعراء التي تقام بين فترة واخرى في أبوظبي والتي رفضتها لجنة التحكيم لأنها طبعاً لاتروق للحكام المساومين ولأنها لاتخدم الأجواء السياسية السائدة في الساحة العربية في الوقت الحاضر لذلك رفضوا هذه القصيدة الجميلة بحجة أن موضوعها لايخدم الشعر الفصيح وكذبوا في ذلك فهو يخدم الشعر الفصيح ويخدم الشعر الانساني بشكل عام. في هذه القصيدة طرح هموم الأمة المتمثلة بالواقع السياسي المتردي إزاء الأعداء. على كل حال انتم أنشدتم أبياتاً من هذه القصيدة ولانريد أن يقتصر حديثنا عليها ولكن نشير الى قصيدة اخرى من قصائده الجميلة والرائعة التي يعري فيها كعادته الواقع العربي المتردي على صعيد الحكام وعلى صعيد السياسة من مثل قصيدته "بين الميم والحاء". فضلاً عن القصائد التي انشدها كما أسلفت في القسم الماضي من القصائد التي انشدها باللهجة العامية او اللهجة المصرية الدارجة وهي ايضاً قصائد جميلة ولكن نشير في هذا البرنامج فقط الى القصائد التي نظمها باللغة العربية الفصحى سواء كانت من القصائد الحرة او قصائد القريض من مثل هذه القصيدة "بين الميم والحاء" يعني بين الموت وبين الحياة، يطرح فيها قضية فلسطين وقضية القدس ويقول الحل الوحيد لقضية فلسطين هو إما المقاومة وتقديم الأرواح فداءاً لها وإما اذا كان لابد من الصلح فلابد أن تكون مصالحة مشرفة وباعثة على الحياة فيقول في هذه القصيدة:
اتى يطرق الباب ساعي البريد
ينادي علينا بأعلى نداء
يقول خطاب أتى فخذوه
ولي حاجة تستحق القضاء
أريد الحلاوة إن كان خيراً
وإلا فلا أستحق الجزاء
تسلمته منه ثم ممدت يداً
نحو حافظتي في حياء
وأخرجت منها جنيهاً يتيماً
فصادره ومضى في دعاء
أخذت الخطاب وبين يدي
أقلبه لأرى كيف جاء
ومن هو مرسله في بريدي
فخضت بحوراً بغير إهتداء
فلم أر فوق الغلاف سوى اسمي
فوجهت عيني نحو السماء
وقلت أخمن هل هو عمي
أشك فعمي يعاني الثراء
تغير من عيشه في أوربا
فأصبح فظاً قليل الوفاء
الشحمان: حتى يقول بعد ذلك مشيراً الى الخبر الذي وصله جاءه من طفل في القدس يقول:
فتحت الخطاب وحدقت فيه
وجدت حروفاً بلون الدماء
يقول الخطاب اليكم جميعاً
بعثت ندائي فلبوا النداء
أنا الطفل في القدس أحيى
لأرضي وأغزل أثوابها بالفداء
الشحمان: طبعاً هي قصيدة طويلة جداً وأنا قرأت مقاطع منها وهناك قصيدة اخرى جميلة جداً ورائعة في الجودة والجمال والتصوير الفني وفي تأثير الشاعر. نظمها حول العراق، حول بغداد والغزو الأمريكي للعراق سنة ۲۰۰۳ يعبر فيها كما لو كان عراقياً، يعبر فيها بعواطف صادقة حقاً حول هذا الألم والجرح الجديد الذي فتح في جسد الأمة العربية والاسلامية، يقول:
مطري يسافر في سحابك قلبي
تناثر عشقه في كل رابية وواد
حملته ريح العشق فوق سحائب
الأشواق فإخضرت بوابله بلاد
حتى اذا ما طار فوق مدائن التاريخ
أسقط دمعة شرقية واناخ راحلة المداد
وأشار نحو ترابها المعشوق يهتف بإسمها
ويقول قف ياشعر وأسجد ها هنا قبل تراب حبيبتي بغداد
الشحمان: نعم اكتفي بهذا القدر من المختارات التي إخترتها
المحاورة: نعم دكتور القصيدة في منتهى الجمال
الشحمان: نعم في منتهى الجمال وربما نخصص لها حلقة اخرى في وقت آخر إن شاء الله.
المحاورة: شكراً جزيلاً
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: حياكم الله دكتور اذا تسمح لنا نأخذ فاصل قصير ونواصل ما تبقى من أبيات قصيدة الشاعر كفكف دموعك.
هذي يد الأوطان تجزي أهلها
من يقترف في حقها شراً يره
ضاعت عبيلة والنياق ودارها
لم يبق شيء بعدها كي نخسره
فدعو ضمير العرب يرقد ساكناً
في قبره وإدعو له بالمغفرة
عجز الكلام عن الكلام وريشتي
لم تبق دمعاً او دماً في المحبرة
وعيون عبلة لاتزال دموعها
تترقب الجسر البعيد لتعبره
المحاورة: في نهاية هذه الحلقة أشكركم مستمعينا الكرام لطيب متابعتكم وأشكركم دكتور لهذا الحضور وهذه الإيضاحات حول شاعرنا المصري المعاصر مصطفى الجزار، شكراً جزيلاً لكم دكتور
الشحمان: شكراً لكم
المحاورة: سنلتقي بكم دكتور وبمستمعينا في الحلقة المقبلة من هذا البرنامج الى اللقاء.