البث المباشر

الشاعر عدنان الصائغ ۱

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:32 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم
أطيب التحايا وخالص الأماني نبعثها اليكم من أعماق قلوبنا ونحن نلتقيكم أيها الأحبة عبر دروب الشعر ومحطات القوافي من خلال إطلالة جديدة على نتاجات الشعراء على مر العصور ورشحاتهم الخالدة من نافذة برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد، ندعوكم أيها الكرام الى مصاحبتنا عند قطافنا لهذا الأسبوع.
المحاورة: مستمعينا الكرام كثيرة هي الأسماء اللامعة في مسيرة الشعر العراقي المعاصر وخاصة بعد الأحداث الدموية المتأزمة التي مر بها هذا البلد إعتباراً من نهاية السبعينيات وحتى وقتنا الراهن فضلاً عن الأنظمة القمعية التي توالت على هذا البلد وصادرت الحريات وكممت الأفواه وفرضت حالة الارهاب الفكري وألزمت المثقف بأن يلهج بإسم النظام ويسبح بحمده ويضم صوته الى صوت توجهات هذا النظام ومنهجه وإيدولوجيته القائمة بالأساس على البطش والتنكيل، هذه الظروف الملتهبة التي أدت الى هجرة النخبة المثقفة من هذا البلد من أدباء وشعراء وفنانين ومفكرين وغيرهم ليكتوا بنار الغربة والتشرد وليعيشوا تجربة المنافي المرة وليطلوا على بلدهم من وراء البحار مسترقين النظرات الى أوضاعه والى مظاهر محنته التي لاتزال قائمة على قدم وساق. مستمعينا الأفاضل من هؤلاء الشعراء الذين إكتووا بنار المحنة ودفعوا ثمن تطلعهم نحو الحرية غالياً الشاعر العراقي المعاصر عدنان الصائغ الذي طلع عليها طيلة مسيرته الشعرية الطويلة بكم هائل من الأشعار والقصائد التي بثها أنينه من الغربة وعبر فيها عن تأوهاته من المنافي وضمنها الذكريات الأليمة المرعبة التي لاتزال عالقة في ذاكرته حينما كان يعيش في مركز المحنة في بلده العراق. ومن قصائده الطويلة التي صاغها في المنفى وروى لنا فيها رحلته مع العذاب والخوف والترقب والتوجس من بطش الحاكم وأجهزته المخابراتية قصيدته الملحمية الرائعة "أوراق من سيرة تأبط شراً" والتي سنتوقف مستمعينا الكرام عندها في هذه الحلقة من البرنامج والحلقة القادمة بإذن الله تعالى فأدعوكم لمرافقتنا.

أتسكع تحت أضواء المصابيح

وفي جيوبي عناوين مبللة

أعض الكتب

أعض الشوارع

هذا الفم لابد أن يلتهم شيئاً

هذه الشفاه لابد أن تنطبق على حجر

لم يجوعني الله ولاالحقول

بل جوعتني الشعارات

والمناجل التي سبقتني الى السنابل

أخرج من ضوضائي

الى ضوضاء الأرصفة

أنا ضجر بما يكفي

لأن أرمي بحياتي

وأمضي طريقاً ضجراً

من الذكريات والأصدقاء والكآبة

ضجراً او يئساً

كباخرة مثقوبة على الجرف

لاتستطيع الإقلاع او الغرق

كتبي تحت رأسي

ويدي على مقبض الحقيبة

السهول التي حلمنا بها

لم تمنحنا سوى الوحول

والكتب التي سطرناها

لم تمنحنا سوى الفاقة والسياط

أقدامي إنمحت من التسكع

على أرصفة الورق ودموعي معلقة

كالفوانيس

على نوافذ السجون الضيقة

أفرد خيوط الحبر المتشابكة

من كرة صوف رأسي

وأنثرها في الشوارع

سطراً سطراً

حتى تنتهي أوراقي

وأنام


المحاورة: أطيب وأحلى وأزكى التحيات لكم أيها الأفاضل وأنتم برفقة برنامجكم الأسبوعي سير القصائد من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. أيها الأحبة يشرفني الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان بحضوره في الستوديو. دكتور السلام عليكم
الشحمان: وعليكم السلام ورحمة الله تحية لكم وللمستمعين الأفاضل في هذا اللقاء الجديد
المحاورة: دكتور في هذه المرة سنتحدث إن شاء الله عن شخصية الشاعر العراقي المعاصر عدنان الصائغ، شاعر الغربة والمنافي، الشاعر الذي تغنى في أشعاره بالحرية ولعن فيها الطغاة وممارساتهم التعسفية ضد المثقفين والمفكرين وعشاق الحرية في كل مكان.
الشحمان: نعم إن شاء الله نتحدث في هذه الحلقة من البرنامج في القسم الأول عن احد الشعراء العراقيين المعاصرين المتميزين وهو الشاعر عدنان الصائغ الذي يعتبر نسبياً من الشعراء الشباب، ولد في عام ۱۹٥٥ فهو يعتبر من الشعراء الشباب بالنسبة الى عمر المسيرة الشعرية في العراق خصوصاً فهو يعتبر من جيل الذين أتوا بعد الرواد، بعد بدر وبعد عبد الوهاب البياتي ونازك الملائكة وبعد بلند الحيدري وغيرهم. هذا الشاعر هو ابن مدينة الكوفة المدينة التي تميزت بتاريخها العريق الحافل بالأحداث الدموية في معظم الأحيان والأحداث البهيجة في قليل من الأحيان. كتب الشعر في سن مبكرة ويعتبره بعض النقاد وهو كذلك بالفعل من الشعراء العراقيين المتميزين في الأسلوب والمضمون وفي اللغة الشعرية لذلك استطاع هذا الشاعر أن يحصد العديد من الجوائز في العراق وفي البلدان العربية وفي العالم بصورة عامة كما أن بعض أعماله ترجمت الى لغات مختلفة. من ضمن العوامل التي أسهمت في نضج تجاربه الشعرية مضموناً وأسلوباً أنه عاش في ظل ظروف معيشية صعبة في بداية عمره ونتيجة الى هذه الظروف إضطر أن يدخل المدرسة بشكل متأخر بسبب الفقر الذي كانت تعاني منه أسرته لذلك إضطر أن يعمل في الكثير من الأعمال التي إضطرته المعيشة الى مزاولتها. على كل حال عمل بعد تخرج من الدراسة الثانوية شاعراً وكاتباً في بعض الصحف والمجلات العراقية والعربية، المحطة المهمة التي تميز حياته هي مسيرته الشعرية وهو في العراق وبإعتباره مواطناً عراقياً إضطر بالمشاركة في الحرب العراقية الايرانية في بداية الثمانينات ضمن الجيش العراقي ودخل الخدمة الإلزامية وعاش خلال هذه الحرب الكثير من أحداثها ومشاهدها ونظم بعض القصائد سجل فيها خاطراته وذكرياته حول هذه الحرب وإن شاء الله اذا سمح لنا الوقت في الحلقة المقبلة إن شاء الله سنتطرق الى هذه الأشعار المهمة التي سجل فيها ملاحظاته خلال خدمته العسكرية. ومالبث هذا الشاعر نتيجة لتوجهاته المعارضة للنظام في ذلك الوقت مالبث أن غادر وطنه العراق حاله في ذلك الوقت حال أكثر الشعراء الذين رفضوا الرضوخ للنظام فإضطر الى مغادرة وطنه العراق ليدخل في تجربة الغربة والهجرة والنفي الأليمة وذلك في بدايات القرن العشرين وبالتحديد في عام ۹۳ وتنقل في الكثير من البلدان والعواصم العربية والعالمية فأقام أولاً في عمان ثم إنتقل الى بيروت حتى إستقر في السويد وبعد ذلك أقام في مدينة لندن فعاش بكل مشاعره وأحاسيسه تجربة المنافي وتجربة الغربة والتشرد. بالمناسبة أحب هنا أن أشير الى مسرحيته التي كانت السبب المباشر في ملاحقة النظام له في ذلك الوقت وفي هربه من العراق هي مسرحية "الذي ظل في هذياته يقظاً" حيث قدمت هذه المسرحية في بغداد وبعد ذلك إنتبه النظام الى توجهات هذه المسرحية المعارضة لإيديولوجيته فإضطر الشاعر بعد أن شعر بالخطر الى الهجرة من العراق. الآن له الكثير من الفعاليات والأنشطة وهو عضو في اتحادات أدبية وشعرية كثيرة كان على مستوى العراق مثلاً او على مستوى البلدان العربية او على المستوى العالمي من مثل السويد وبريطانيا. أصدر الكثير من النتاجات الشعرية وبالمناسبة عدنان الصائغ يتميز بلغته الساحرة ولغته المستلة من صلب التراث وخاصة تراث مدينته الكوفة فيتميز بصراحة في اللهجة في بعض الأحيان. في الحقيقة هناك القصيدة التي نظمها في تصوير مشاعر الأمهات حينما كان يساق أبناءهم الى الحرب المفروضة فهو صور خير تصوير ولعل تستح لنا الفرصة في الحلقة القادمة لقراءة بعض المقاطع من هذه القصيدة.
المحاورة: اقدم إعتذاري دكتور وإن شاء الله سنكمل الحديث عن هذا الشاعر في الحلقة المقبلة من البرنامج بإذن الله تعالى
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: وشكراً لكم مستمعينا الكرام لطيب متابعتكم حتى الملتقى أطيب التحيات في امان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة