خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم أخواتنا المستمعين الأكارم سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات كل المراحب بكم ونحن نجدد اللقاء عند أفق آخر من آفاق روائع الشعر العربي قديمه وحديثه حيث قرائح الشعراء المبدعين تتفجر لتنهال علينا بقصائدها الخالدة على مر التاريخ. نرحب بكم أيها الأخوة والأخوات عبر برنامجكم الأسبوعي سير القصائد وندعوكم الى أن تكونوا برفقتنا عند قطافنا لهذا الأسبوع من رياض الشعر.
مستمعينا الأفاضل من أرض اليمن السعيد، الأرض التي غصت فيها الحضارات ومر منها التاريخ وإنطلق منها الفاتحون، من البلدة الطيبة الراقدة بين ربوعها الخضراء والسابحة عبر مياهها النقية، من أرض بلقيس. هناك صوت عابق بسحر الشعر وشذى القوافي ينطلق من هذه الربوع ندياً ينساب الى الأسماع إنسياب صوت خرير الماء في الآذان، إنه صوت الشاعر المبدع، الشاعر الحامل لعبق التاريخ، شاعر اليمن الأول عبد الله البردوني الذي حمل لنا في قصائده هموم وطنه الأصغر اليمن وقضايا وطنه الأكبر العالم العربي والاسلامي ليصوغ لنا قصائد إختزلت تجارب التاريخ وكانت إمتداداً لصرخات أبي تمام وتأوهات المتنبي وشكوى أبي العلاء وترنم أبن الرومي والبحتري بجمال الطبيعة وسحرها. تعالوا معنا إخوتنا اخواتنا لتعيش هذه اللحظات مع هذا الشاعر وهو يترنم بحب وطنه ويصدح مفتخراً بتاريخه العريق دون أن ينسى ملامسة القلوب والعزف على الوتر الحزين من خلال إستعراض هموم هذا الوطن فلنستمع اليه وقد قدم الينا متعباً ليحدثنا ويشكو الينا بألحان حزينة تنبعث هادئة من قيثارته الشعرية.
من أرض بلقيس هذا اللحن والوتر
من جوها هذه الأنسام والسحر
من صدرها هذه الآهات من فمها
هذه اللحون ومن تاريخها الذكر
من السعيدة هذه الأغنيات ومن
ظلالها هذه الأطياف والصور
أطيافها حول مسرىخاطري زمر
من الترانيم تشدو حولها زمر
من خاطر اليمن الخضرى ومهجتها
هذه الأغاريد والأصداء والفكر
أيها الأفاضل حقاً إنه شعر يذكرنا بالزمن السعيد، بالشعر العربي يوم كان يزخر بالبلاغة والفصاحة ويختال بحسنه وجمال معانيه وصوره الشعرية. ولاأدري هل يذهب خبير البرنامج الذي شرفنا بحضوره في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان الى ماذهبنا اليه. طبعاً قبل أن ندخل في هذا الحديث نرحب بك دكتور سعدي واهلاً وسهلاً بك في الستوديو
الشحمان: سلام من الله عليكم ورحمة منه وبركات تحيتي الى المستمعين الكرام الذين رافقونا طيلة حلقات هذا البرنامج
المحاورة: حياك الله شكراً جزيلاً. نرجو أن تحدثنا في القسم الأول من حديثكم الذي سيمتد الى الحلقة القادمة إن شاء الله عن رائد التجديد في الشعر اليمني المعاصر عبد الله البردوني عما قدمه للشعر العربي عموماً والشعر اليمني خصوصاً وعن الخصائص والمميزات التي تفردت بها نتاجاته الشعرية.
الشحمان: حديثنا سيكون رغم أنه مقسم الى حلقتين مع ذلك سيكون مختصراً نحاول من خلاله إلقاء نظرة عابرة على شخصية هذا الشاعر الكبير عبد الله البردوني الشاعر الثوري الذي لقب بشاعر اليمن الكبر، الشعر الذي تميز عن بقية شعراء اليمن وربما على مستوى العالم العربي أنه كان شاعر شاعر بالمسؤولية من الدرجة الأولى. كان يعيش بكل كيانه قضايا وطنه وقضايا أمته، كان شاعراً ثورياً، كان شاعراً ساخراً يتميز بأسلوب السخرية اللاذعة في أشعاره الكامنة بين كلمات أشعاره والتعابير التي يستخدمها حتى أنها تحتاج في بعض الأحيان الى التفكير والتأمل من قبل القارئ ليكتشف مواطن هذه السخرية والكنايات والاشارات التي يستخدمها. كان هذا الشاعر جريئاً في مواجهة الأنظمة التي تعاقبت على بلده إعتباراً من النظام الملكي ثم النظام الجمهوري، طبعاً اليمن مر بظروف سياسية خاصة تميزه عن بقية الأقطار العربية إعتباراً من الحكم الملكي ثم تقسيم اليمن الى شمالي وجنوبي ثم تعاقب الأنظمة المتعددة على هذا البلد والتي كانت معظمها من الأنظمة المستبدة والدكتاتورية. كما تفضلتم هذا الشاعر حاول أن يجمع بين التقليد وبين التجديد في شعره، من المحافظة على قالب القصيدة العربية وبين التجديد في الموضوعات والأساليب والتعابير التي إستخدمها ومن هنا يتميز هذا الشاعر الكبير اذ يعتبر رائد التجديد على مستوى بلده اليمن. على كل حال هذا الشاعر اذا أردنا أن نتحدث عنه بشكل تقليدي نقول إنه ولد سنة ۲۹ من القرن الماضي في قرية من قرى اليمن النائية تدعى قرية البردّون بتشديد الدال، أبتلي هذا الشاعر وهو في السادسة من عمره وأصيب بالعمى نتيجة لتعرضه لمرض الجدري ورغم هذا القيد استطاع أن يكمل دراسته حتى عين أستاذاً لآداب اللغة العربية في الجامعة وكذلك عمل مسؤولاً ومديراً للبرامج في الاذاعة اليمنية لسنوات حتى عزل عن منصبه هذا بسبب مواقفه السياسية. ولم يعزل فحسب فإنما سجن ورغم أنه كان كفيفاً إلا أنه أدخل السجن بسبب مواقفه السياسية الحادة وذلك في العهد الملكي. ونتيجة للإنجازات التي قام بها هذا الشاعر على صعيد الموضوع وعلى صعيد المضمون ونتيجة لنشاطاته المكثفة في المجالات الأدبية ليس على مستوى الشعر وحسب وإنما على مستوى الدراسات الأدبية. تم تكريمه عاك ۸۲ من قبل الأمم المتحدة حتى أن الأمم المتحدة أصدرت عملة فضية نقشت عليها صورته بإعتبارها نموذجاً للمعاق الذي إستطاع أن يتجاوز هذا العوق وهذا العجز الذي تعرض له وأن ينشط في ميدان الأدب والشعر والسياسة فقدم الكثير من الدراسات وقدم الكثير من الأعمال وبالمناسبة قسم من اعماله لم ينشر رغم كثرة الأعمال المنشورة والتي صدرت عنه إلا أن هناك اعمالاً لاتزال مخطوطة ولم تنشر بعد ولم تر النور حتى الآن ولم تنشر ولعل من أهمها السيرة الذاتية التي كتبها عن نفسه. الحديث يطول عن شخصية هذا الشاعر المتعددة الجوانب وإن شاء الله سوف نحاول إكمال هذا الحديث في الحلقة القادمة من خلال التركيز على شخصيته الشعرية وأسلوبه الشعري والمضامين الشعرية التي إحتوتها قصائده وإن شاء سنورد نماذج من بعض أشعاره.
المحاورة: إن شاء الله نكتفي بهذا القدر عن الشاعر عبد الله البردوني او كما تقول البردّوني ..
الشحمان: نعم البردّوني اذا توخينا الصحة من الناحية اللغوية يجب القول البردّوني ولكن الناس دائماً يميلون الى الاختصار..
المحاورة: نعم اذن احبتنا الأفاضل إن شاء الله سنكمل هذا الحديث في الحلقة القادمة بإذنه تعالى ونتقدم بشكرنا الجزيل لضيفنا الكريم الدكتور سعدي الشحمان على هذه الإضاءات التي تفضلت بها حول الشخصية الشعرية للشاعر اليمني المعاصر عبد الله البردّوني.
الشحمان: حياكم الله
المحاورة: أحبتنا رافقونا عبر أبيات اخرى من قصيدة الشاعر اليمني المعاصر عبد الله البردّوني من أرض بلقيس.
هذا القصيد اغانيها ودمعتها
وسحرها وصباها الأغيد النضر
يكاد من طول ما غنى خمائلها
يفوح من كل حرف جوها العطر
يكاد من كثر ما ضمته أغصنها
يرف من وجنتيها الورد والزهر
كأنه من تشكي جرحها مقل
يلح منها البكى الدامي وينحدر
المحاورة: أعزاءنا إنتظرونا في الحلقة القادمة من برنامجكم سير القصائد عند القسم الثاني من تجوالنا في عالم الشعر للشاعر اليمني المعاصر عبد الله البردّوني عبر قصيدته من ارض بلقيس. حتى ذلك الحين نترككم في رعاية الباري عزوجل وتقبلوا التحيات الخالصة من قسم الثقافة والأدب والفن في اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران، الى اللقاء.